عودة الحياة الفنية إلى دبي.

بعد فترة من الاستراحة التي فرضتها جائحة "كورونا" على مختلف القطاعات الحيوية، منها القطاع الثقافي وكل أنشطته، خصوصًا المعارض التشكيلية والعروض الموسيقية وورش العمل وغيرها، تعود الحياة الثقافية إلى الواجهة في دبي، الإمارة التي رسمت لها مكانة خاصة في المجال الثقافي لتكون المحور الفني في المنطقة.

وتستأنف متاحف ومراكز فنية عملها بشكل يراعي كل الإجراءات الاحترازية التي تنص عليها الدولة، مستفيدة في الوقت عينه من التقنيات الحديثة التي تركت هذا القطاع نابضًا بالحياة حتى خلال فترة الحجر الصحي.

وأكدت مديرة إدارة التسويق والاتصال المؤسسي في هيئة الثقافة والفنون في دبي، شيماء السويدي، لـ"الإمارات اليوم"، أن قطاع الثقافة بالإمارة يمتلك المرونة والخطط الاستشرافية اللازمة للتعافي، ومعاودة الحراك الثقافي بشكل تدريجي في المرحلة المقبلة.

مخططات للتعافي
أضافت السويدي: "لقد استطعنا في الفترة الماضية، مهتدين بالرؤية الملهمة لقيادتنا، إثبات جاهزيتنا وقدرتنا على العمل في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم، بما يدعم القطاع الثقافي والإبداعي في دبي، وشكلت تلك الفترة أساسًا لنا للبناء على الدروس المستفادة منها، والمضي قدمًا في مخططاتنا للتعافي، واستعادة الحراك الثقافي بشكل تدريجي في المرحلة المقبلة".

وأشارت إلى أن لدى "دبي للثقافة" خطط واضحة لضمان تعافي القطاع، وستنفذ وفق آليات مدروسة تتناسب مع ظروف المرحلة، وتضع صحة وسلامة الموظفين وأفراد المجتمع في سلم الأولويات، لافتة إلى أن الهيئة قد باشرت بالفعل بتنفيذ تلك المخططات، إذ تم فتح المتاحف بشكل تدريجي، وشملت المرحلة الأولى متاحف الاتحاد والشندغة والمسكوكات، اعتبارًا من الأول من يونيو الجاري، مع الحرص على ضمان الالتزام بجميع التدابير الوقائية التي وُضعت لحماية العاملين في المتاحف المذكورة وزوارها.

منصات بديلة
من جهتها، قالت المديرة التنفيذية لمؤسسة فن جميل، أنطونيا كارفر: "منذ بداية الأزمة المتعلقة بفيروس (كورونا)، ومنذ إغلاق مركز جميل للفنون في 16 مارس الماضي، اعتمد المركز على الإنترنت كمنصة لها تمثل أداة فاعلة للتعلم ولدعم المجتمع ودعم الفنانين والابداعيين والحرفيين في الإمارات والعالم".

وأضافت: "على الرغم من الإقبال الملحوظ في عدد الزيارات والمشاركة على الإنترنت كل يوم، من الإمارات وأنحاء العالم، إلا أنه لا شيء يفوق تجربة الفن والتفاعل معه (عن قرب)، ونقدم حاليًا مجموعة معرض، منها معرض مايكل راكوفيتز، إضافة الى أعمال لبنى شودري (متروبوليس) المكونة من 1000 قطعة فنية، وأصبح بإمكان الزوار منذ 10 يونيو الجاري خوض تجربة ثلاثة معارض جديدة لكل من: تيسير البطنيجي ولورنس أبوحمدان ولاريسا صنصور". واعتبرت كارفر أنه من بين جميع أشكال الثقافة، يمثل الفن البصري والمتاحف أفضل نشاط ثقافي وفني يمكن معه تطبيق المعايير الجديدة المتعلقة بالتباعد الجسدي وشروط السلامة الأخرى، إضافة إلى قاعدة "عدم اللمس" المعتمدة منذ فترة طويلة.

ولفتت إلى أن الزيارات اليوم للمركز مفتوحة مجانًا، ولكن بحجز مسبق، على ألا تزيد الزيارة على ساعتين، ما يتيح التحكم بالعدد والمواعيد التزامًا بقواعد الصحة والسلامة المتعارف عليها. كما يجب على الزوار والموظفين ارتداء الكمامة، والخضوع لفحص درجات حرارة الجميع قبل دخول المركز، ووضعت سعة جديدة للمركز بعدد محدود من الزوار في كل غرفة، تحت إشراف طاقم الأمن.

الجانب النفسي
من جانبه، قال مدير التسويق والاتصال في مركز تشكيل بدبي، كرم حور: "خلال فترة الحجر، تحول العمل لدينا إلى المنصات الإلكترونية والرقمية، وكان هناك نوع من التوقيف البسيط لمراقبة الوضع، فهناك تبعات كثيرة تتعدى الوضع الاقتصادي، منها الوضع النفسي للعديد من الفنانين المعتادين الذهاب إلى الاستوديوهات، ولذا أصدر (تشكيل) كتيبًا بعنوان (مصادر إلكترونية للفنانين) بالتعاون مع المستشارة النفسية الإماراتية، ريما بني عباسي، الذي يتحدث عن الجانب النفسي للفنانين". وأشار إلى وجود مجموعة من الحوارات التي تمت إدارتها، وتناولت موضوعات تهتم بقضايا المرحلة الراهنة، لافتًا إلى أنه بعد العودة التدريجية فتح مركز تشكيل للأعضاء الذين يعملون في الاستوديوهات ومن لديهم أعمال يتم إنجازها من خلال بعض الأجهزة الموجودة في المركز.

وأفاد حور بأن مركز تشكيل أطلق البرنامج الصيفي الذي يراعي المرحلة الراهنة، منها المحاضرات التي ستكون متاحة "أونلاين"، ويمكن أن يسجل الراغبون في الحضور بمقابل بسيط جدًا، وتتناول المحاضرات موضوعات فريدة وغير متداولة في العالم الفني. وستنطلق في 22 الجاري أولى محاضرات المركز، كما تم إطلاق موقع إلكتروني باسم "فنون عن كثب"، يقدم موضوعات عدة تحدّث في كل أسبوعين، كما توضع روابط الفيديوهات التي تزيد من قوة المعلومات المتاحة حول الفنون كفن الطباعة، والرسم والتصوير.

وحول ورش العمل، قال حور إنه توجد ورشة بعنوان "فنانون يعملون في الأزمات" يقدمها المدرب كيفين جونس وتمتد 12 أسبوعًا عن طريق تطبيق "زووم" وهدفها تعزيز مكانة تشكيل كوجهة للتبادل الثقافي بين الفنانين، وتحفز المشاركين على الغوص في الأسئلة الأساسية التي تتوارد إلى أذهانهم. ونوّه بأن التكنولوجيا الحديثة عززت التفاعل بين الناس بشكل جديد، متوقعًا في الفترة المقبلة زيادة الاهتمام بالفن الرقمي، وسيصبح هذا المحتوى جزءًا من المنظومة الفنية في كل أنحاء العالم، ولن يقتصر وجود المعارض على العرض الفعلي بل سترافق بعروض افتراضية ترفد المحتوى الواقعي، مشيدًا بكل الأنشطة والتدابير التي اتخذت في الإمارات، وأثرت بشكل إيجابي على الحياة الثقافية.

أنشطة للأطفال من المنزل
قال مدير التسويق والاتصال في مركز تشكيل بدبي، كرم حور، إنهم يعملون بالمركز على "صناديق الأنشطة الثقافية"، التي ستكون مخصصة للأطفال، موضحًا أن المركز يطرح صندوقًا جديدًا في كل أسبوع، وتبحث محتوياته في موضوع فني معين. وأشار إلى أن كل صندوق يحتوي على مواد تمكن الصغار من القيام بهذه الأنشطة والأعمال الفنية، منها ما يجب أن يكون تحت إشراف الأهل، إضافة إلى وجود تعليمات وإرشادات وصور حول كيفية القيام بالأعمال وتركيبها لضمان تجربة متميزة.

وقــــــــــــــد يهمك أيـــــــــــضًأ :

وزيرة الثقافة تؤكد تواصلها الدائم مع محافظ بني سويف لخدمة القطاع الثقافي

نورة الكعبي تبحث تبادل الخبرات في القطاع الثقافي مع كرواتيا