اشتھر الفنان عبد القادر العبيدي برسم المناظر الطبیعیة وضمنھا الشخوص والحیوانات ومشاھد البيوت القدیمة بحساسیة بالغة، معتمدا الظل والضوء، فكان الوقت والزمن واضحا في أعماله، كما رسم الكثیر من الأعمال عن المعالم الأثریة وزین جدران منطقة الأعظمية في بغداد برسومه. وعبد القادر العبيدي ھو رسام عراقي ولد في بغداد ودرس الفن وتتلمذ على ید أساتذة الفن ھناك وصاحب مشاھیر الفنانین وتأثر بأسالیبھم التقلیدیة المستمدة أصولھا من الواقعیة الأوروبیة.

وافتتح مدير عام دائرة الفنون العامة الدكتور شفيق المهدي، صباح اليوم الاثنين 4 كانون الأول/ديسمبر 2017، المعرض التستعادي للفنان الرائد عبد القادر العبيدي بعنوان (ذاكرة مكان)، على قاعات معارض الدائرة في مقر وزارة الثقافة والسياحة والآثار. وقال المدير العام: "إن رعاية التشكيليين العراقيين من روادنا الأفاضل هي من أولويات رسالتنا الإنسانية والفنية التي تقع على عاتق دائرة الفنون التشكيلية، إذ نكرم اليوم أحد أقطاب حركتنا التشكيلية وهو الفنان الانطباعي عبد القادر العبيدي، نشعر بنشوة النجاح المتواصل مع جميع الأجيال المبدعة وهذا ما نريده ونؤكد عليه".

وأضاف: "أن هذا المعرض يحمل عاطفة خاصة نقلت لنا بيئة منطقة الأعظمية وبطريقة الفنان، طريقة الانطباعيين العالميين، وهو يلامس منطقته وبيئته والأثر وتأثير الأثر على شخصيته، فهو شاهد على بغداد وعلى حركة الانطباعيين وكبار الفنانين العراقيين، واتفقنا على أن نكرم هذا الفنان بأن نخصص له يوم في كولبنكيان نعرض لوحاته وأعماله ومسيرته العائلية بحضور عامة الناس والفنانين وكبار النقاد".

وقال مدير المعارض الفنية الفنان ماهر الطائي: "تعد مشاركة الفنان الرائد عبد القادر العبيدي نقلة نوعية لإحياء هذا الفن التراثي، وشرفنا اليوم بحضوره مع أعماله الفنية لإقامة هذا المعرض الاستعادي لإحياء هذه الرسوم الملونة من (ستل لايف) وانطباعية وفي بعضها حداثة، فضلاً عن رسوم لحي الأعظمية القديم من دور وأزقة ومحلات تجارية قبل بناء جسر الأئمة، وتأثر الفنان بالبيئة البغدادية يعيدنا إلى ذكريات الماضي وكل ذكرى جميلة".

وقال الناقد والفنان قاسم العزاوي: الأعمال الاستعادية للفنان عبد القادر العبيدي، كما هو معتاد سابقاً في الرسم تتركز مشهديته التصويرية على البيئة سواء الطبيعة أو العمران بتفاصيلها، مع الأخذ بنظر الاعتبار عناصر الفن من منظور ولون وبقية العناصر الأخرى.

وأضاف الناقد: "معظم أعمال الفنان العبيدي استخدم فيها خامات البورد أو الخشب وبخاصة باللوحات الزيتية التي تنقل لنا عبق الماضي بمبانيه وطبيعته الغناء كما نجدها أيضا في رسوم (ستل لايف)، العمر المديد للفنان العبيدي كي يستمر بعطائه الفني. وقال مدير المتحف الوطني للفن الحديث علي الدليمي: "في منطقة الأعظمية في بغداد، كانت أولى مشاهدات ومرتع طفولة عبد القادر العبيدي، هي مناظر الطبيعة الجميلة التي تتميز بها منطقته، حيث النخيل الكثيف ونهر دجلة وضفافه الخضراء، لقد بدأ العبيدي من مواليد 1930 مسيرته الفنية هاوياً للرسم، وتأثر بشكل كبير بالفنانين فائق حسن وعبد القادر الرسام.

لوحات ونتاجات العبيدي ركزت الإنسان في أفعاله، بخاصة بدایات الرسم بمعنى أنه تعامل مع واقع الإنسان العادي، لا یتعامل مع عالم ما فوق الطبیعة أو عالم الغیبیات، الإنسان في تفاعلاته الاجتماعیة التي تأخذ عدد من الوظائف في إطارھا التاریخي المتغیر، وھنا وأنت ترى لوحاته تنظر إلى الأفكار باعتبارھا عملیة زمنیة متطورة. ولأن "العبيدي" ھو في مرحلة التأسیس مع مرور الزمن أصبحت لدیه المحصلة المعرفیة التي انبثقت منھا الأفكار المقرونة بالفلسفة والتي ھي جزء ، لایتجزأ من المعرفة التي نصل إلیھا بالثبات والنھایة.

وبيَّن "لوحاته غیر قابلة للمراجعة أو التصحیح أو التغییر، لأنھا لوحات مؤسسة رغم أن "ھیغل" یختلف مع ھذه النظرة، ولكن التقارب له أصول حیث اعتبر المعرفة الإنسانیة، كلا عضویا مترابطا ینمو تدریجیا في جمیع أجزاءه، وھذا الأمر بدا بتطبیقات واضحة لنتاجات الفنان ولكنه بعید كل البعد عن التأثیریة بالفن التشكیلي في أوروبا وقد لا یصل إلى أجزائه.

ويُذكر أن معرض استعادي هو المعرض الذي يهتم بالأشياء الرجعية والمتعلقة بالماضي.