دبي – صوت الإمارات
45 لوحة تشكيلية هي جملة الأعمال التي اختارها الفنان فيصل عبدالقادر لمعرضه "ذكريات"، الذي افتتح في مؤسسة العويس الثقافية، وشهد اهتماماً ملحوظاً من قبل المهتمين بالفنون البصرية عموماً، والفن التشكيلي بصفة خاصة.
وبعد مرحلة من المشاركات المتعددة بأعماله، يأتي "ذكريات" ليكون المعرض الشخصي الأول لعبدالقادر، المحتفي في معظم أعماله بثيمة عكس الواقع، عبر انتماء تلقائي لخصائص المدرسة الكلاسيكية التي تنصهر فيها معظم أعماله المعروفة.
"الإمارات قبل عقود" هو المشهد الأكثر حضوراً في مقتنيات "ذكريات"، التي تعكس بوضوح أيضاً تطور أدوات عبدالقادر، وميله بشكل تدريجي إلى صياغة هوية فنية تلح على توظيف الألوان، لعكس الواقع كما هو كائن، وبدقة تفاصيله، من خلال أعمال بعضها انتهى تواً من إنجازه، وبعضها الآخر يعود إلى ما قبل 17 عاماً، تمثل جملتها مشواره مع الفن التشكيلي.
وتبقى دبي القديمة هي الوجه الأكثر بروزاً في "ذكريات"، وبصفة خاصة منطقة الفهيدي التراثية، ببراجيلها، وأبوابها، والخصوصية المعمارية التي تميزها، كما يخصص الفنان عدداً من الأعمال لبعض المعالم التراثية والمعمارية في عدد من الإمارات الأخرى، خصوصاً أبوظبي.
"ذكريات" فيصل عبدالقادر تنفتح أيضاً على ما هو خارج الحدود، عبر بعض أسفاره الخاصة، لنجده يقف عند مشهد للصيد على حواف أحد أنهار مدينة يالوفا في تركيا، ومشاهد حفظتها ذاكرته اللونية في لبنان، وهي أعمال محدودة لدى الفنان، جاءت وكأنها في ركن ما لا يمثل الجوهر في "ذكريات".
ومع اهتمامه الشديد بنقل تفاصيل المكان، يسهب عبدالقادر أيضاً في تتبع تفاصيل الوجوه، وما تحمله من دلالات، حيث يزخر المعرض بالكثير من الأعمال التي ينصب فيها جل اهتمام صاحب "ذكريات" باستيعاب الحالة الإنسانية المنبثقة عن حركة ما، كما هي الحال في لوحة "المرأة والبئر"، و"ذكريات امرأة"، و"ذكريات رجل"، و"حرفة رجل"، و"حرفة امرأة". ومع الإخلاص للتراث والتاريخ، جاء حرص فيصل عبدالقادر على أن يتضمن "ذكريات" إنجازه لبورتريهات لأعلام وقادة رحلوا ولايزالون حاضرين بإنجازاتهم وصنائعهم، لنجد لوحات تحمل أسماء "الشيخ زايد الأول، الشيخ سعيد، الشيخ راشد"، فيما اختار عبدالقادر في لوحة تحمل اسم "الشيخ محمد" أن يتتبع بألوانه مشهداً مألوفاً لسموه أثناء قيادته سيارته الخاصة، في طرقات إمارة دبي، وهو ذات المشهد الذي رصده بألوانه في لوحة حملت اسم "الشيخ حمدان".
يذهب الفنان عبدالقادر الريس في تفاصيل المكان إلى أبعد من ذلك، فهو لا يكتفي بمشهد "على ضفاف الخور"، أو رصد لجماليات "باب" هنا، و"دريشة" هناك، بل يلتقط حتى التفاصيل الصغيرة لامرأة تمارس عملاً منزلياً بأزياء المرأة التقليدية، أو ملمحاً لرحلة برية عبر رصده "غلاية" ماء تموضعت على الجمر ليمسك بألوانه تلابيب حالة، في عمل يطلق عليه "رحلتنا معا"، وحينما يرى في ذات الرحلة البرية شجرة صحراوية أعلى تبة، لا يتردد في تتبعها بألوانه أيضاً، مطلقاً عليها "الأمل الأخير".