الإعلامية والكاتبة عائشة سلطان

نستقر اليوم على تخوم تاريخ النضال العربي المعاصر، وتحديداً على الرقعة الفلسطينية المحتلة، لنقارب واحداً من أهم نماذج الثقافة المقاومة ومسارات روّادها الذين رافقوا حركة البنادق وأصوات البارود، وانكبوا "على رسم خرائط الوطن بالأحداث والرجال"، وتوثيق ملامح الأرض لتظل نابضة بالحياة، عصية على النسيان.
 في حلقة جديدة من حلقات هذا الصمود التاريخي، ومع الإعلامية والكاتبة عائشة سلطان، نرتحل بعيداً في الهم الفلسطيني، لنبقى قريبين من مشروع أدبي وتاريخي ضخم، هو السابع في مشروع "الملهاة الفلسطينية"، الذي قدمه الروائي العربي الفلسطيني إبراهيم نصرالله، للقارئ العربي، ليختم به سلسلة من الإصدارات المتوالية (زمن الخيول البيضاء، طفل الممحاة، طيور الحذر، زيتون الشوارع، أعراس آمنة، وتحت شمس الضحى)، التي "غطت مساحة زمنية روحية وإنسانية امتدت إلى قرابة الـ250 سنة من تاريخ فلسطين الحديث"، فتُرجم بعضها إلى عدد من اللغات العالمية كالإنجليزية والإيطالية والتركية، فيما دخل بعضها الآخر في القائمة الطويلة والقائمة النهائية للجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر".
وفي رحلة اكتشافها لصيرورة الأحداث التاريخية ومآلات أبطال رواية "قناديل ملك الجليل" في طبعتها الخامسة، الصادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون، لتسألها عن خصوصية هذا المشروع الروائي الأخير لنصرالله فقالت: "عامة ما نقرأ الرواية للمتعة، لكن هذا الكتاب فيه ما يكفي من البذخ الشعري والمتخيل السردي الذي يؤهله لتكريس تجربة روائية متكاملة المعالم، واسعة الآفاق، لما تحمله الرواية من إضاءات تاريخية وأحداث متداخلة ممتدة على الرقعة العربية". وتتابع: "(قناديل ملك الجليل) تسافر بعيداً في الزمن الفلسطيني، لتبدأ أحداثها في نهايات القرن الـ17 وجزء كبيراً من القرن الـ18 (1689 - 1775)، لتبدأ بحلم فلسطيني ببلورة أول مشروع كيان مستقل عن الحكم العثماني الجائر الممتد لـ400 سنة، وتفاصيل تشكيل هوية فلسطينية منفصلة لهذه المنطقة الممتدة ما بين البحرين: بحر الجليل(طبرية)، وبحر عكا.. وتدور حكايتها حول قصة البطل الواقعي الذي تحدثت عنه الوثائق التاريخية، (ظاهر العمر الزيداني)، المنحدر من عائلة فلسطينية بسيطة من جبال الجليل ومرج بني عامر ورحلة بحثه عن حلمه الكبير بتحرير أرضه، وانتزاع استقلال بلده وتحدي الحكم الآسر لأعظم وأكبر دولة في العالم (الدولة العثمانية)، وما تحمله الأحداث من تفاصيل قصص الحب الموازية لقصص الحرب والإخفاقات والانتصارات التي تسردها الرواية"
وتضيف سلطان: "لم أنته بعد من الرواية، ولكنني بدأت معها أفقاً جديداً من المعرفة التي فتحت أمامي نافذة جديدة يشع منها جزء من التاريخ الفلسطيني، ومسائل الهوية القومية المستقلة، الذي كنت أجهله إلى حد اليوم واطلعت عليه، من خلال هذا الكتاب الذي حرضني على الاطلاع على مراجع متصلة بالموضوع نفسه، وورطني ورطة جميلة تماهيت فيها مع أحداثه المتداخلة وشخصياته المتصارعة".