رأس الخيمة – صوت الإمارات
بالقرب من السوق الكويتي، وفي موقع غير بعيد عن البحر، يطل المتحف الوطني برأس الخيمة، بشموخ وعراقة يستمدهما من ذات مدينة رأس الخيمة القديمة، وحصنها الدفاعي الشاهق، الذي بني في منتصف القرن الـ18، قبل أن يتحول بعد ذلك إلى سكن لأسرة القواسم الحاكمة، التي كانت تقيم فيه حتى عام 1978، ليصبح بعد ذلك متحفاً وطنياً يعزز الانتماء للهوية.
أمام المتحف يقف الزائر مطولاً مشدوداً أمام عظمة المبنى وبقائه صامداً على مدى مئات السنين، في مواجهة الكثير من المصاعب التي مرت بها المنطقة، والصلابة في مواجهة عوامل التعرية وتقلبات المناخ، ووفقاً للمعلومات المتوفرة فإن المبنى تم تشييده من الحجر المرجاني ومواد البناء الأحفورية المستخرجة من البحر، وهي مواد تتمتع بخواص طبيعية، مثل الاحتفاظ بالبرودة صيفاً والدفء شتاء، وأيضاً ما يسترعي الانتباه ذلك البرج المستطيل الضخم الذي يعد أقدم أجزاء المبنى، وذكر عنه أنه كان بمثابة حصن دفاعي للمدينة، ويرجع تاريخ بنائه إلى الفترة بين 1809 و1819.
مدخل المتحف عبارة عن صفحة يقرأ الزائر فيها سيرة حياة أهل المنطقة في سنوات الماضي البعيد، فمثلاً السقف والأبواب مصنوعان من خشب الصندل الذي كان يستورد بحراً من الهند ودول إفريقية بالسفن الخشبية التي كانت تذهب إلى هناك محملة بتمر العراق وغيره من المواد الغذائية، وحين يمشي المرء عبر الممر يشاهد مجموعة من الدمى لأشخاص بالزي العربي المكون من الدشداشة والغترة والعقال.
عند الدخول إلى المتحف استقبلتنا مديرته، كيت إيرز، بابتسامة الترحيب، واصطحبتنا عبر ممر متعرج صعد بنا إلى غرفة مخصصة لاستقبال الزوار، مزودة بجلسة عربية تتواءم مع طبيعة المتحف. وقالت "تم افتتاح المتحف رسمياً في 1987، ويضم العديد من المقتنيات الأثرية التي يرجع تاريخ بعضها إلى 9000 سنة، وقد تم الحصول عليها من خلال عمليات التنقيب التي جرت في بعض المواقع برأس الخيمة، بينما بعضها تبرع به السكان".
وخلال جولة في أرجاء المتحف واصلت كيت حديثها قائلة "بعد أن أهدت أسرة القواسم الحاكمة المبنى العريق ليكون مقراً للمتحف الوطني، لم تبخل عليه بالتبرع بالعديد من المقتنيات الأثرية المهمة التي كانت تملكها، وذلك رغبة منها في إطلاع الجمهور على عظمة تاريخ رأس الخيمة الموغل في القدم والحافل بالإنجازات الوطنية".
ويُفهم من كيت أن المتحف يتألف من أربعة أقسام هي: الغرفة المخصصة للتاريخ الطبيعي، وغرفة الآثار، وأخرى للمكتشفات الحديثة، بينما الرابعة خاصة بالتراث، أما الغرفة التي تقع في المدخل فهي مخصصة لعرض التاريخ الطبيعي، حيث تبهر الزائر بتصميمها الأنيق إلى جانب ما فيها من مجموعة متنوعة ونادرة من المقتنيات.
وفي غرفة الآثار في الطابق الأرضي، يشاهد الزائر مجموعة من المقتنيات التي تم العثور عليها في أعقاب أعمال التنقيب التي جرت لبعض المواقع في رأس الخيمة، مثل شمل وعسمة وفشخة والحليلة، وهي تضم عملات نقدية ومصنوعات فخارية وبعض أدوات الزينة ورؤوس السهام.
وفي غرفة المكتشفات الحديثة أتيحت لنا مشاهدة مجموعة من الأصداف والحلي المصنوعة من الفضة والبرونز.
وعند الصعود إلى الطابق العلوي، يقف المرء أمام العديد من المواد التراثية التي كانت في الماضي البعيد جزءاً من سبل كسب العيش، وهي أدوات بدائية استخدمت في عمليات الغطس بحثاً عن اللؤلؤ وصيد السمك، مثل الألياخ، والقرقور المصنوع من سعف النخيل، إلى جانب معاول تستخدم في الزراعة وأعمال البناء، وإن اختفت الآن تلك الأدوات مع الطفرة الاقتصادية التي نقلت المجتمع إلى الحياة العصرية وحققت للسكان الاستقرار والرفاهية.
وعند تصفح سجل الزوار يتضح أن متحف رأس الخيمة الوطني يعد وجهة سياحية جاذبة لكثير من السياح القادمين من دول عدة.
وقبل أن تودعنا كيت إيرز نوهت بأن المتحف أعد خطة لربط الأطفال بتاريخ بلادهم، من خلال استضافتهم لممارسة الألعاب التي كانت سائدة في الماضي، والتي تعد جزءاً مهماً من التراث الإماراتي.