جماهير مهرجان الميتال

 احتشد كثير من القادمين من أنحاء الجزائر المحافظة، ليستمتعوا بمهرجان موسيقى الميتال المنعقد في العاصمة الثقافية للعرب القسطنطينية، وهم يرتدون الجلد الأسود والأساور المرصعة، والحجاب الاسلامي التقليدي، حيث اجتذب المهرجان رقم 213 تجمعًا من محبي موسيقى الميتال من أنحاء البلدة كافة.
 
ويعتبر تمايل الرؤوس والهوس بالموسيقى الصاخبة أمرًا غير منطقيًا في الجزائر، حيث أن الحكومة هناك تفضل تدعيم الموسيقى التقليدية والفاعليات التي تدعم هويتها العربية الإسلامية؛ إلا أن البلد بها نواة صلبة من محبي موسيقى الميتال لأكثر من عقدين من الزمن، وبالرغم من اتهامات الإعلام الدائمة بـ "عبادة الشيطان"، إلا أن هذه الموسيقى تجتذب جيلاً جديدًا من محبيها.
 
وشارك في المهرجان امرأة شابة من القسطنطينية لقبت نفسها بـ "روح الحزن" حيث شاركت باسمها مع كود الاتصال الدولي الجزائري خلال الحدث، وكانت ترتدي جلد أسود مع شعر مصبوغ باللون الأحمر، وكانت تنتظر بداية الحفل برفقة صديقتها التي كانت ترتدي الحجاب الإسلامي، وذكرت "حقًا إن هذا المهرجان غير مسبوق، وخارج الحفل لا نرتدي بهذه الطريقة لنتجنب المعاكسات". حيث كانت تقف مجموعة من الشباب بالقرب، يرتدون الملابس السوداء والوشوم على أذرعهم، وشعرهم الأملس.
 
وتضمن المهرجان خمسة فرق: الفرنسية ـ الجزائرية يمثلها أصيل وأركان، وتراكس الملابس المحلية، وبصمات الأصابع ونوميداس.
 
ويعتبر مهرجان موسيقى الميتال الجزائري صرخة من موسيقى الراي بوب التي نشأت في هذه البلاد، والتي ظهرت لأول مرة في عام 1990 خلال عقد من الزمان الذي تميز بالحرب المدمرة بين الحكومة والإسلاميين والتي قيل إنها حصدت 200 ألف شخص
 
وازدهر مشهد موسيقى الميتال بينما كانت الحكومة مشغولة بحرب المتطرفين، تحت الأرض دون أن يلاحظها أحد، إلا أنها أصبحت تحت خط النار بسبب المتشددين والمحافظين ممن اتهموا الموسيقى بأنها تفسد الشباب الجزائري.
 
وشنت قناة تلفزيونية محافظة "بيلد"، هجومًا على محبي موسيقى الميتال في الصيف الماضي، واتهموهم بأنهم "عبدة شيطان". وبثت القناة تقريرًا لمحبي الموسيقى الميتال يتناقشون حول السحر الأسود، مع صور لجماجم تومض في الخلفية.
 
وأدى الفيلم الوثائقي إلى رد فعل عنيف من محبي موسيقى الميتال على وسائل التواصل الاجتماعي، على صفحة الـ "فيسبوك" تحث المشجعين على تبني شعار "أنا مسلم وحب لموسيقى الميتال".
 
واتهم الفنانين الحكومة بفرض سيطرتهم على أماكن الحفلات للحد من أدائهم، وحظر بعض الفرق وإخبار البعض الأخر بتغيير كلمات الأغنيات الخاصة بهم.
 
وذكر الناشط الثقافي الجزائري مالك الشاوي، أن الحكومة غالبًا ما تدعم سياسات ثقافية تهدف إلى السيطرة الفكرية وعليها أن تتقبل مزيدًا من التنوع. حيث أنه في الوقت الراهن يؤدي أتباع ومحبي مشهد الموسيقى الجزائرية البديلة بما يمكن أن يكون خارج الاتجاه العام السائد، وتستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للدعم والبحث عن هيئات مستقلة للمساعدة في تنظيم الفاعليات. 
وأسست مجموعة من الشباب باسم "مايهيم" في الجزائر للمساعدة في دعم وتشجيع الموسيقيين عازفي الروك والميتال والبلوز، ورتبت بالفعل للعزف وتقديم عروض في شرفة متحف الفنون الجميلة في العاصمة.
 
وأوضح العضو زكريا براهيمي (21 عامًا) أن "المسؤولين ينظرون إلى هذه الحركات على أنها غربية جدًا وغير مربحة، ولكن في الحقيقة إن حفلات الميتال تجذب الكثير من الناس".