الفنُّ الحقيقي يبقى ويخلد، والتراث في دولةِ قطر فنٌّ بحدِّ ذاته، لذلك كان حريّاً به أنْ يُجسَّد في تحفةٍ معماريّةٍ تتوقف عندها عقارب الساعة، وتنعكسُ على جدرانها روح الثقافة القطريّة وأصالتها بكُلّ ما فيها من بساطةٍ تليق بعفويّة الشعب القطري وفطرته السمحة. سوق واقف، ذلك المكان البسيط والبعيد كلّ البعد عن غلوّ وتصنّع الحياة المعاصرة، هو وجهةُ كلّ من أحبّ الاطلاع على التراث القطري في جوّ ينضح بأريج الماضي وعبقه، فقد جذب هذا السوق السياح من مختلف أنحاء الأرض ليزوروه ويعيشوا تجربةً جديدةً ومختلفة، لذلك قامت الشرق بجولةٍ رمضانيّةٍ ليليّة لتتعرّف على بعض روّاده الأجانب وتقف على أكثر ما يعجبهم فيه. هيلين وإيزابيلا صديقتان جاءتا من المملكة المتحدّة لزيارة دولة قطر، وكان سوق واقف اختيارهما الأول لممارسة هواية التسوّق التي تعشقانها. وقد وجدت إيزابيلا السوق "رائعاً ومثيراً للاهتمام" لاختلافه عمّا اعتادت على رؤيته من حيث أتت، أمّا هيلين فقد أبدت إعجابها بأسواق قطر كلّها، وخاصّةً سوق واقف ومحلاته الصغيرة، لما تتّسم به من التنوّع في البضاعة والتميّز في أسلوب العرض. أمّا كين الذي جاء من أمريكا ليُقيم في قطر، فهو من روّاد سوق واقف المعتادين، حيث يزوره مرةً كل أسبوع. وقال كين معبّراً عن إعجابه بهذا المكان: "أحبُّ كلَّ ما في سوق واقف، وأكثر ما يعجبني فيه هو أنّه يتّسم بالأصالة والعراقة، ويُعبر حقاً عن الثقافة القطريّة أحسن تعبير. أرى أنّهم قاموا بعملٍ رائعٍ فعندما زرت سوق واقف بداية مجيئي لقطر، كان لا يزال تحت الصيانة وها هو الآن بأبهى حلةٍ ولا يزال محتفظاً في ذات الوقت بنفس الروح". كما أبدى كين إعجابه بطراز المطاعم في السوق، وبحاراته التي تنضح بأريج العطور والبخور ورائحة البهارات الزكيّة، حيث إنّ أكثر ما يشتريه كين من هناك هو العطور والبهارات لأنّه يرى أنّها تتميّز عن تلك التي يشتريها في بلاده. وذكر كين أنّه لاحظ أنّ روّاد سوق واقف خلال شهر رمضان تسودهم سكينةٌ أكثر من باقي الأيّام، وأنّهم يحبّون السهر هناك طوال الليل، منوّهاً إلى توافد عدد أكبر من العائلات على سوق واقف خلال هذا الشهر المبارك. ومع أنّ كين ليس مُسلماً، إلا أنّه جرب الصيام ووجده تجربةً مفيدةً وتستحقُّ التكرار، حيث قال فيما يتعلّق بهذا الموضوع: " في الحقيقة أنا أصوم كل سنة، مع أنني لست مسلماً، لكنّ الصوم بالرغم من صعوبته إلا أنّه يمنحني شعورا جيداً، لذلك أحاول أن أصوم على الأقل أسبوعاً كل سنة فهذا يفيد صحتي جداً كما أنّه يجعلني أكثر رشاقةً وحيوية". كما التقت الشرق مع سائحٍ جاء من بلغراد عاصمة صربيا مع ثلاثةٍ من أصدقائه ليتجوّلوا بين حارات سوق واقف التراثي، وكان إعجاب أليكس بالسوق جليّاً في طريقة كلامه عنه، حيث استهلَّ حديثه عن سوق واقف بوصفه بأنّه "رائعٌ وفريدٌ جدّاً"، ثمّ تابع: " إنّها أول زيارة لي إلى هنا، وأكثر ما جذب انتباهي في هذا المكان هو المحلات المكسوّة بالحلّة القديمة والتراثية، فهي تبدو كالأسواق قبل مئة سنة من الآن، لذلك فهي حقاً جميلة، كما شدّني جمال الأقمشة، واشتريت العديد من الأشياء التذكارية من هنا". وحول الأجواء الرمضانية في سوق واقف وانعكاساتها على أسلوب زوّاره وطريقة معاملتهم، بيّن أليكس: "يعاني الناس في أوروبا من أزمة اقتصاديّة، ما يجعلُ طباعهم حادّةً بعض الشيء بسبب الضغوط اليومية، أمّا الناس هنا فهم أكثر سماحةً وودّاً، وربّما هم أكثر لطفاً بسبب ثقافتهم الإسلامية التي تنعكس في معاملتهم الحسنة، وهذا يُشعرني بأنني مرحّبٌ بي هنا". ثمّ تحدّثت الشرق مع مايا التي أتت من كرواتيا منذ مدّةٍ ليست بالقصيرة، حيث إنها نشأت هنا في قطر وأحبت المكان واعتادت عليه، وكان لسوق واقف مكانة خاصّة لديها، لذلك فقد اعتادت زيارته كثيراً وخاصّةً خلال شهر رمضان، حيث أوضحت: " أتردّد على سوق واقف كثيراً وأعشقُ كل ما فيه، وجزئي المفضّل هنا هو المطاعم التي تقدّمُ المشاوي، والمحلات، والشارع الرئيسي للسوق أيضاً. أرى أنّ هذا المكان يُعبّر عن تراث وثقافة قطر أفضلَ تعبير، ولهذا السبب أفضّله على الأسواق الجديدة، كما أحبُّ الأجواء الرمضانية هنا، ففيها مزيدٌ من الترابط الروحي ". ومن بين السيّاح الأجانب الذين أحبّوا سوق واقف وتفاعلوا مع الأجواء الرمضانيّة التي تتجلّى فيه، السائحة صوفيا التي جاءت مع زوجها من البرازيل ليتعرّفا على الثقافة القطرية بعد أنْ حدّثهما عنها أصدقاؤهما المقيمون هنا ودعوهما لزيارتها، وكان مما قالته صوفيا عن المكان: "أحببنا سوق واقف كثيراً، وخاصّةً محلات الهدايا التذكاريّة، وقد اشترينا بعض القطع التذكارية المصنوعة من الزجاج، نحن من البرازيل والثقافة هنا مختلفةٌ كُليا عنها من حيث أتينا، وأفضّل هذا السوق على غيره لأنني أستطيع من خلاله التعرّف على الثقافة القطرية الغنية". واختتمت الشرق جولتها الرمضانية بمسامرةٍ بسيطةٍ مع كلالفال التي أتت من المملكة المتحدة، فكان مما ذكرته كلالفال عن سوق واقف: "المكان هنا أجمل من الأسواق الحديثة، فهو أكثر حميميّةً وهو أشبه بمنتدى اجتماعي لأنّه يجمع القطريين وكافة الناس من مختلف البلدان، وقد جئت مع ستةٍ من أصدقائي إلى هنا اليوم لنستمتع بوجبةٍ من اللحم المشوي في أحد المطاعم المتميزة الموجودة هنا، ونتسوّق في المحلات المتنوّعة فكلّ شيءٍ متوافّرٌ هنا، حتى إنّ صديقتي قد قامت للتوّ بإصلاح حقيبة سفرها في أحد المحلات الصغيرة الموجودة هنا". وفي ضوء الأجواء الرمضانية التي تعمّ قطر خلال هذا الشهر الفضيل، حاولت كلالفال الصيام ووجدته " تجربة رائعة ومفيدةٌ للغاية بالرغم من صعوبتها". ونوّهت أيضاً إلى أنّها سمعت الكثير عن القرآن الكريم قائلةً: "لم أقرأ القرآن من قبل ولكنّني سمعت الكثير من الأشياء الطيّبة عنه، وأعتقد من خلال ما سمعته أنّ القرآن يعلّمنا الكثير من الدروس القيّمة".