لندن ـ وكالات
بعد أن تراجعت التطلعات حول إمكانية التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية من خلال عقد اجتماع دولي في دمشق، يزداد التحرك باتجاه عمل سياسي يدعم المعارضة السورية خاصة بعد انتخاب رئيس جديد لائتلاف المعارضة السورية أحمد الجربا. وبدأ الجربا زيارة إلى فرنسا أمس في محاولة لإقناع الرئيس فرنسوا هولاند بتسليم أسلحة إلى المعارضة السورية، بالإضافة إلى تقديم المزيد من الدعم للمعارضة السورية. ويرافق جربا الذي وصل ظهر أمس إلى باريس، اثنان من أصل ثلاثة نواب لرئيس الائتلاف وهما سهير الأتاسي ومحمد فاروق طيفور، إضافة إلى قائد الجيش السوري الحر اللواء سليم إدريس. وسيقدم هذا الأخير طلبات «تتوافق مع ما عرضه على الدول الإحدى عشرة في مجموعة أصدقاء سوريا في أنقرة في منتصف يونيو (حزيران)»، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر دبلوماسي فرنسي. وعلى هذه اللائحة من المطالب صواريخ مضادة للدبابات ومضادات جوية. ومن المرتقب أن يلتقي الجربا بفرنسوا هولاند بعد ظهر اليوم وسيتوجه لاحقا مع بعض أعضاء الوفد المرافق إلى الأمم المتحدة في نيويورك. وعلى الرغم من نقل وكالات أنباء توقعات بزيارة الجربا إلى لندن أيضا، أكدت وزارة الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» عدم جدولة مثل هذه الزيارة في الوقت الحالي. وفي الجانب الفرنسي، فإنه يفضل التشديد بحسب مصدر دبلوماسي على «الأفق السياسي» لزيارة المعارضين السوريين. وقال هذا المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية «قبل أي شيء، يأتون لمقابلة الرئيس ليشرحوا من هم؟ وما استراتيجيتهم؟ وماذا يريدون أن يفعلوا بالائتلاف؟ وماذا يريدون أن يفعلوا بالمعارضة وإنما أيضا بسوريا؟ وبأي طريقة يريدون تمثيل بديل محترم لحقوق المواطنين والديمقراطية». والجيش السوري الحر في وضع سيء على عدة جبهات، ومن أجل قلب المعطيات، فإن اللحظة حرجة جدا لأن فترة العطل السياسية في الغرب تقترب وليست ملائمة لأي تحرك. وكرر المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فيليب لاليو القول أمس إن «فرنسا تساعد الائتلاف الوطني السوري لكنها لم تسلم أسلحة فتاكة لأنها ترى أن الضمانات كافية. نسلم معدات غير فتاكة لتعزيز قدرات المعارضة المسلحة وعلى سبيل المثال وسائل مراقبة واتصال آمنة. نحن نقدم أيضا مساعدة تقنية». وستكون المساعدات الإنسانية للسوريين على رأس القضايا التي تتم مناقشتها خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة مع قيادة الائتلاف الوطني السوري في نيويورك. وسيكون هذا الاجتماع هو الأول من نوعه مع الائتلاف الوطني السوري المعارض، في مؤشر آخر إلى الدعم السياسي المتصاعد للمجموعة. ويرأس الجربا وفد المعارضة السورية الذي سيقوم بجولة في عدد من العواصم الأوروبية، ويحتمل أن يضم كذلك عددا من القادة العسكريين في المعارضة. وصرح سفير الأمم المتحدة في بريطانيا مارك ليال غرانت بأن بريطانيا ستعقد اجتماعا «غير رسمي» لدول المجلس الـ15، بما فيها روسيا والصين، للقاء معارضي الرئيس السوري بشار الأسد. وأضاف أن «اللقاء سيوفر منبرا لأعضاء المجلس لإجراء حديث صريح وغير رسمي مع الائتلاف الوطني، ومناقشة القضايا الأساسية المتعلقة بالنزاع السوري». وقال إن «من بين القضايا التي ستجري مناقشها إنهاء العنف والإعداد لمؤتمر (جنيف 2) إضافة إلى معالجة قضايا دخول المساعدات الإنسانية وحقوق الإنسان واللاجئين وحماية المدنيين». ولكن لم تعلق الدول العضوة في مجلس الأمن وخصوصا روسيا والصين حول إذا كانت ستشارك في الاجتماع. وفي واشنطن، عقد وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس اجتماعا مع قادة الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة لمناقشة سبل مساعدة ملايين اللاجئين السوريين. وفيما لا ترتسم في الأفق نهاية للنزاع الذي دخل شهره الـ28 في سوريا، تواصل حصيلة القتلى ارتفاعها حيث وصلت إلى نحو 100 ألف قتيل، بينما أصبح 1,8 مليون سوري لاجئا في الدول المجاورة. كما يعتقد أن نحو أربعة ملايين شخص تشردوا داخل البلاد بسبب القتال في سوريا حيث يخاطر عمال الإغاثة يوميا بحياتهم لتوصيل إمدادات الأغذية والماء الضرورية. والأسبوع الماضي زار كيري مخيم الزعتري شمال الأردن الذي يضم نحو 115 ألف لاجئ سوري، واطلع على معاناتهم اليومية. وقال كيري في بداية المحادثات مع قادة منظمات الإغاثة في مبنى وزارة الخارجية «نحن نواجه صعوبات بالغة في الوصول إلى الناس ونقلهم وحمايتهم». ويقول قادة الأمم المتحدة والمنظمات الأهلية إن النزاع في سوريا هو الأسوأ الذي يشهدونه منذ الإبادة الجماعية في رواندا في 1994. وتتزايد المخاوف من انتشار النزاع إلى الدول المجاورة مثل الأردن ولبنان والعراق. وقال كيري «نعتزم أن نجري مناقشات قوية جدا وعميقة حول الطرق المبتكرة التي يمكننا اعتمادها للوفاء بالتزاماتنا تجاه أناس يتعرضون لخطر شديد». ويشارك في اللقاء أنتونيو غوتيريس المفوض الأعلى للاجئين في الأمم المتحدة، وعدد من رؤساء برنامج الأغذية العالمي وصندوق رعاية الطفولة (اليونيسيف) واللجنة الدولية للصليب الأحمر. وشكر كيري جميع العاملين في مجال الإغاثة على «شجاعتهم» في المساعدة على توصيل الإمدادات الضرورية للسوريين داخل وخارج سوريا. وقال إن زيارته لمخيم الزعتري «كانت مؤثرة للغاية» مؤكدا أن اللاجئين يستحقون الثناء لمحاولتهم العيش في ظل ظروف صعبة. وأضاف: أنهم «يحتاجون إلى مساعدة العالم، وأنه ليشرفني أن التقي بمن يقدمون المساعدات». وتعتبر الولايات المتحدة أكبر مانح لبرامج الإغاثة التابعة للأمم المتحدة حيث تعهدت بمبلغ 815 مليون دولار لمساعدة اللاجئين السوريين. ولكن المنظمات الأهلية تقول إن «النداءات الموجهة إلى عامة الناس لتقديم التبرعات لسوريا لا تلقى صدى بعكس النداءات في حالات الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والتسونامي».