"جرار الضوء"

نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة أمسية أدبية قدم فيها الكاتب حمادة عبد اللطيف قراءة نقدية لديوان "جرار الضوء" للشاعر محمد غبريس، وذلك بحضور الشاعر الذي قرأ عدة نصوص من ديوانه، وقدم للأمسية الشاعر محمد إدريس الذي قال إن الديوان صادر عن أكاديمية الشعر التابعة لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وجاءت طبعته في 193 صفحة من القطع المتوسط، وضم 21 قصيدة تنوعت بينالشكلينالعمودي والتفعيلة، واتسم برهافة وجدانية جياشة .
حمادة عبد اللطيف استهل تحليله للديوان بالقول إن جرار محمد غبريس تخبئ الكثير من الضوء، الذي يحتاج إلى كشف الحجب عنه، لكي يبدو ساطعا، وحدد ثلاثة مداخل لعملية الكشف تلك، أولها مدخل سيميائي دلالي، والثاني أسلوبي والثالث لفظي . 

وأوضح عبد اللطيف إن الشاعر غبريس يطرح من خلال "جرار الضوء" تجربة ثرية، تحتفي بمخزون الذكريات بشكل مختلف، حيث يطل علينا برؤيته الخاصة للفعل الإنساني، ومحاولة التعبير عنه في معادلة تجمع بين العمق والرقة، بعيدا عن الغموض اللغوي، وتداخل التراكيب التي لا تؤدي إلى نتيجة، فالطرح في نصوص غبريس أقرب ما يكون إلى مقطع عرضي يشمل ومضات من خبرات حياتية، تتجاور أحيانا وربما تتباعد، وتتماسّ فيها خيوط الذكريات مع الحاضر، بحيث تكون رؤية الماضي منطلقة من الواقع المعيش، وموظفة لخدمته، وقد كان لهذه المراوحة بين مشهدي الماضي والحاضر تأثير في لغة الكتابة التي تبنت ثنائية في التعبير .

وأضاف عبد اللطيف أن الشاعر يلعب لعبة ذكية عندما يتحدث عن ما يتعلق بالذات دون الانشغال بالذات نفسها ومشاعرها، فهو لا يتحدث عن نفسه، وإنما يقدم مشهدية لأشياء لصيقة بنفسه، ولها أثر في حياته الخاصة، كالذكريات والأحلام والأشخاص القريبين منه، حيث تتشابك كل الخيوط، وتتقاطع معظم الطرق، لترسم خريطة مشاعر دون أن تسميها باسمها، وإنما تدلنا عليها النصوص بأثرها، وفي هذا السياق لعبت المفردة الشعرية دورا حاسما في خلق ذلك الإيحاء الدلالي الذي يربط بين ذات الشاعر وبين تلك المشاهد التي يرويها لنا، وهذا أمر جلي حتى من خلال عناوين القصائد، مثل "ميلاد"، "كفاك"، "اعتراف"، "صهوة"، "رصاص"، "أمي"، "أبي"، و"نور" .