دولة التلاوة والايمان المصري

واذ سعى نبيل عبد الفتاح للربط بين "خط الثلث المصري" واصوات المقرئين العظام، فإن طرحه عن "دولة التلاوة والايمان المصري" يعيد للأذهان طروحات وكتابات لمثقفين وكتاب مصريين كبار عن هذا الموضوع الذي يحلو في شهر رمضان الفضيل مثل ذلك الكتاب للراحل العظيم محمود السعدني عن اصوات المقرئين المصريين العظام الذين وصفهم "بألحان من السماء".

ولعل حرص اذاعة القرآن الكريم من القاهرة على تقديم اصوات هؤلاء المقرئين العظام و"اساطين دولة التلاوة" أحد أهم أسباب التفاف المصريين حول هذه الاذاعة التي بدأت ارسالها عام 1964 باذاعة المصحف المجود والمرتل لأشهر القراء المصريين.

وواقع الحال ان اذاعة القرآن الكريم من القاهرة التي تجاوز عمرها النصف قرن تنهض بدور هام في الثقافة الاسلامية المستنيرة بقدر ما هي مدعوة لمزيد من الجهد المبدع لتجديد الخطاب الديني وتصحيح المفاهيم المغلوطة.

وعلى مدى تاريخها المديد تميزت اذاعة القرآن الكريم بمحتوى ثقافي ديني استحق التقدير والتف حوله المستمعون في مصر وخارجها، فيما باتت تمتلك تراثا هائلا من البرامج التي اتخذت من وسطية الاسلام منهجا لها وهي بحق تعبر عن الثقافة الاسلامية الصحيحة.

ولئن باتت اذاعة القرآن الكريم تشكل بؤرة اشعاع للثقافة الاسلامية الأصيلة والمستنيرة وتساند المصريين الذين يتطلعون لغد أفضل، فإن ثمة حاجة لتأمل الدور الثقافي لهذه الاذاعة الرائدة حقا واستعادة صفحات جميلة كتبتها في الحياة المصرية والعربية.

واللافت بقدر ما هو دال ان احد اكبر واعظم الشعراء المصريين وهو الشاعر الراحل محمود حسن اسماعيل كان اول من تولى مسؤولية اذاعة القرآن الكريم عند تأسيسها وهو ايضا الذي سعى بدأب لجمع تسجيلات الشيخ محمد رفعت في التلاوة العطرة وحفظها فيما شب هذا الشاعر المبدع على حفظ القرآن الكريم.

والشاعر الكبير محمود حسن اسماعيل الذي ولد في الثاني من يوليو عام 1910 وتخرج من كلية دار العلوم عام 1936و قضي في الخامس والعشرين من شهر ابريل عام 1977 تولى ايضا منصب رئيس لجنة النصوص بالاذاعة المصرية وكان شعره الفريد موضوعا لعدة رسائل جامعية.

والى جانب الشيخ محمد رفعت يحرص كثير من المستمعين لاذاعة القرآن الكريم على متعة الانصات لأصوات الشيوخ عبد الباسط عبد الصمد ومصطفى اسماعيل والحصري والمنشاوي والطبلاوي وابو العينين شعيشع ومحمود علي البنا.

وفيما تظهر استطلاعات الرأي ان اذاعة القرآن الكريم من اكثر الاذاعات التي تحظى باقبال المستمعين، فمن حسن الطالع ان هذه الاذاعة الرائدة تهتم ايضا بقضايا المرأة والطفولة والشباب والمعاملات والأحوال الشخصية وابراز السلوكيات الايجابية النابعة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ساعية باخلاص لتحقيق هدفها السامي وهو تعريف المستمع بصحيح الدين.