عثرت فرق التنقيب في دائرة الآثار والمتاحف بإمارة رأس الخيمة على بقايا مسجد قديم يعود تاريخه إلى 500 سنة.وقدر الآثاريون تاريخ بناء المسجد عام 1512، ليعد أقدم مسجد في دولة الإمارات العربية المتحدة.وكشفت أعمال الترميم والصيانة التي تنفذها فرق التنقيب أسفل مسجد الشيخ محمد بن سالم القاسمي، الذي يعد أحد أقدم وأكبر المساجد في مدينة رأس الخيمة القديمة ويعود تاريخ بنائه إلى عام 1820 ميلادية، عن بقايا أعمدة ومحرابين لمسجدين قديمين يتوقع أن يعود تاريخ الأول إلى عام 1770 والثاني إلى عام 1512.وقد أخذت عينات ـ من أعمدة المسجدين المشيدين من الطين واللذين تبلغ مساحة كل منهما، نصف مساحة مسجد الشيخ محمد بن سالم القاسمي المسمى بالجامع الكبير لإرسالها إلى معهد متخصص في ألمانيا لمعرفة التاريخ الحقيقي للمسجدين بغية توثيقهما تاريخياً، رغم أن المؤشرات والمعطيات الأولية تؤكد أن المسجد الثاني الذي يصل تاريخ بنائه إلى 500عام، يمكن أن يكون أقدم مسجد في الدولة.وعبر مصدر في مركز "المزماة" للدراسات والبحوث عن استغرابه أن يمر اكتشاف بهذه القيمة التاريخية والأهمية المجتمعية مرور الكرام، دون أن يجد التوثيق والإعلام الكافيين اللذان يمثلان السبيل الوحيد لتعريف الشعب بتاريخه والآخرين بتاريخ الإمارات.ورغم شح البحوث والدراسات حول هذا الاكتشاف وفي هذا المجال الحيوي الغني عموماً، إلا أن كتاباً أصدره الدكتور ماركو سوسا الأستاذ المساعد بكلية الفنون والصناعات الإبداعية بجامعة زايد، باللغة الإنكليزية أكد أن أقدم مسجد في الامارات هو "مسجد البدية".وكتاب سوسا "مسجد البدية: مقالة بصرية" عبارة عن ورقة علمية قدمها المؤلف إلى المؤتمر الدولي الثالث للحفاظ على التراث العمراني الذي أقيم في دبي من 17 الى 19 كانون الاول/ ديسمبر، وإلى مؤتمر علمي متخصص في العاصمة الفنلندية هلسنكي في أنيسان/ بريل.والكتاب الذي سيصدر قريباً بالعربية يتضمن رؤية تصويرية معمقة لمستوى المعمار الوظيفي والجمالي من داخل هذا الأثر الفريد، الواقع في قرية "البدية" في إمارة الفجيرة.وأشار كاتبه إلى الاعتقاد بأن المسجد بني في القرن العاشر الهجري "ما بين عامي 1650 و1670 ميلادية بينما تقول دراسة علمية موثقة لإدارة التراث والآثار بالفجيرة إن التحاليل الكيمياوية بواسطة كربون 14 توصلت إلى إن بناء المسجد يعود إلى القرن السابع الهجري عام 1446م تقريباً". وكان الدكتور سالم حميد قد أشار في كتابه "ماذا تعرف عن دولة الإمارات العربية المتحدة" الذي صدر عن مركز المزماة باللغة الانكليزية، على مرور حضارات عريقة بأرض الإمارات.وأكّد على إن مختلف الحضارات التي أثبتت تواجداً فعالاً في فترات ما قبل وبعد الميلاد وتواصلت مع كبريات الحضارات الأخرى التي كانت قائمة في ذلك العهد، غير أن الكتابات والبحوث عن تلك الحضارات وبفضل الفترة الفاصلة بين نهاية آخر حضارة وحضارة عصر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، شهدت فيها الأرض تراخياً وفقراً أبقاها في منأى عن اهتمامات الباحثين الذين اجتهدوا في تدوين حضارات الدول الأخرى كالفرعونية والآشورية واليونانية والبابلية وغيرها من الحضارات التي عرفها العالم وتناقلتها الأجيال، وعاشت بفضل ما تم عنها من بحوث وتدوين، وهو جانب يحتاج من الباحثين خاصة الإماراتيين بذل المزيد من الجهود الكبيرة للتعريف بهذا الإرث التاريخي ودراسته بما يسلط الضوء عليه ويفيد الحضارة والنهضة القائمة.