يتزاحم في قطاع غزة التراث الحضاري والثقافي الذي يطوف حول معدّات تراثيّة ومأكولات شعبيّة ومطرّزات نسائية ووسائل قتالية، تحكي قصة مختلف العصور والأمم التي نسجت تاريخها على أرض فلسطين. "احفظ تاريخك، تنتصر على عدوك" رسالة حملها معرض الآثار والتراث الفلسطيني، الذي افتتح أعماله الأحد في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية بغزة بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، ويستمر على مدار أربعة أيام. وفي زاوية تراثية، تقف "أم نضال" التي ترتدي الثوب الفلسطيني المطرز أمام مجموعة من المطرزات والمشغولات اليدوية والأثواب الفلسطينية والطرحات لتأخذ دورا متقدما في المعرض بتعريف الزائرين بتلك المشغولات ومهن عدة كانت محط أعمال الأجداد. وقالت إن "من واجب الجميع أن يساهم في تعريف الأجيال الجديدة بحياة أجدادهم والمهن التراثية، لمد حلقات الوصل بين الماضي والمستقبل وتشييد حصون حول تراثنا في وجه الاحتلال والعولمة وما يصحبها". وتزينت بعض زاويا المعرض بالقوارير الزجاجية التي تعود للعصر الروماني، ومشابك شعر مصنوعة من العاج من الحقبة البيزنطية، وبندقية حربية ومخطوطات موشحة بآيات قرآنية من العصر العثماني وأساور مصنوعة من الفضة. ويشتمل المعرض أيضا على مجموعة من الأواني النحاسية والفخارية، ومطرزات يدوية، بجانب عروض مرئية وأفلام تسجيلية ولوحات فنية ومجسمات تراثية من أعمال الطلبة تحكي قصة تاريخ فلسطين عبر العصور. مقاومة العولمة ويهدف المعرض وفق القائمين عليه إلى زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على الأصالة الفلسطينية، وزيادة المشاركة المجتمعية بالحفاظ على آثار فلسطين وتاريخها، والحصول على أكبر نسبة من فئات المجتمع التي تعي أهمية التراث وتشارك في حمايته. وزير السياحة والآثار في الحكومة الفلسطينية في غزة علي الطرشاوي قال إنّ معارض الآثار هي أحد الأسلحة البارزة لصد الهجة الإسرائيلية عن أرض فلسطين، وهي تأكيد على أحقية الفلسطينيين بأرضهم. وأضاف لوكالة "صفا" أن "الوزارة تعمل على غرس المفاهيم التراثية لدى الأجيال المتعاقبة وتنمية القدرات المعرفية، من أجل تجسيد عراقة وأصالة تراثنا الفلسطيني الممتد في جذور التاريخ، وإظهار إرثه التاريخي والحضاري للمجتمع". برهان تاريخي مسئولة الدراسات والأبحاث في وزارة السياحة والآثار هيام البيطار أوضحت أن المعرض يأتي ضمن سلسلة من المعارض تعكف الوزارة على تنظيمها في مختلف مناطق القطاع، مشيرًة إلى أن المعرض هو الرابع من نوعه خلال العام الحالي. وقالت البيطار لوكالة "صفا" إن هناك حراكا نشطا في التنقيب عن الآثار، ولكن تصدم بجملة من العقبات كنقص المعدات والأدوات لعلميات البحث، نتيجة فرض الحصار الإسرائيلي منذ سبع سنوات. وبينت أن التراث هو أكبر برهان تاريخي للشعب الفلسطيني على أحقيته بأرضها التي هجر منها، داعية كافة أبناء الوطن لتحمل مسئوليتهم في الحفاظ على المقدرات التراثية وتوثيقها بمختلف الوسائل. وتقيم وزارة السياحة والآثار معرضين دائمين للآثار الأول في قصر الباشا وسط مدنية غزة والآخر في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة. وقبل أن تغادر المعرض، لا بد لك أن تتذوق أصالة الماضي من أطباق تفوح منها رائحة الأجداد، تحتوي على مأكولات شعبية فلسطينية كانت حاضرة في القرون الماضي، بعضها أصابتها قرحة التكنولوجيا والتطور والبعض بقي يقاوم المتغيرات