طرابلس - صوت الإمارات
أكد الكاتب والمؤرخ الليبي، علي عبدالحميد أن ليبيا تذخر بالعديد من المدن والمواقع التاريخية الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، وأن العديد منها مسجل لدى منظمة اليونسكو للحفاظ على التراث الإنساني.
وقال عبد الحميد في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك" بمدينة شحات شرقي ليبيا، إن "هناك مدنا تاريخية عديدة على امتداد مساحة ليبيا، منها عدة مواقع مسجلة في اليونيسكو [منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة] للحفاظ على التراث الإنساني منها قورينا [الاسم القديم لمدينة شحات]، وغدامس ولبده صبراتة، وتتمثل قيمتها التاريخية في كونها شاهد على تواجد الكثير من الحضارات الإنسانية في ليبيا على مر الزمان".
وأضاف "توجد الحضارة الإغريقية في قورينا والحضارة الرومانية في لبدة وصبراتة، وفي مدينة غدامس يتجسد التراث الليبي الأصيل الذي لم يطرأ عليه أي تغيير".
وتابع متسائلا كيف نستفيد من هذا الموروث الآن؟ الليبيون يحاولون الاستفادة منه في السياحة "فكانت هذه المدن مقاصد هامة للسائحين، ولكنها تمر هذه الفترة بإهمال وركود نظرا لانعدام استقرار الوضع الأمني".
وحول مدينة شحات التاريخية وسبب تسميتها، أوضح عبد الحميد أن اسم المدينة مستمد من كونها مدينة يشح فيها الماء، "وقد كان بها قديما عيون ماء، لكنها جفت فعرفت بالعيون الشاحات، وبعدها تم اختصار الاسم إلى شحات".
أما اسم قورينا وهو الاسم القديم لشحات، فيقول المؤرخ الليبي، إنه "اسم أطلقه الإغريق الذين استوطنوا المدينة منذ آلاف السنين، وتتضارب تواريخ تأسيس المدينة فيقال إنها بنيت عام 1336 قبل الميلاد، أو 761 قبل الميلاد، أو 631 قبل الميلاد، وترجع التسمية إلى الحورية التي رآها الإله أبولو، وهي تقتل أسدا وتسمى، بحسب الأساطير اليونانية القديمة، قورينا أوسيرينا".
وتقع شحات التي عرفت فيما مضى باسم قورينا شمال شرقي ليبيا على ساحل البحر المتوسط، والذي كان السبب في تسمية المنطقة الشرقية من الأراضي الليبية باسم قورينائية، وهي مدينة تاريخية بناها الإغريق في منطقة الجبل الأخضر في أقاصي المناطق الشمالية الشرقية الليبية، ويفصلها عند مدينة البيضاء قرابة 10 كيلومترات، وتعد المدينة ثاني أكبر مدينة في محافظة الجبل الأخضر، كما تقيم المدينة عدداً من المهرجانات الثقافية والنشاطات الرياضية".
وأضاف عبد الحميد أن "الدولة الليبية في السابق كانت منغلقة على نفسها ولا تعتمد السياحة كمصدر من المصادر الأساسية للدخل، سواء السياحة الخارجية أو السياحة الداخلية لم يحدث أي تطوير للمواقع الأثرية بإنشاء مشاريع سياحية وفنادق في المدن الأثرية لجلب السواح سواء من الداخل أو الخارج، كان الهدف هو المحافظة عليها من الاندثار والتدمير فكانت الدولة تركز على ترميم هذه المدن والمحافظة عليها فقط دون استثمارها سياحيا والوضع الراهن لا يسمح بأي نوع من التطوير أو الاستثمار".
وقال إنه "تناوبت على مدينة شحات عدة حضارات بدأت بالإغريق ثم احتلها الرومان فترة من الزمن ثم البيزنطيين ثم البطالمة في مصر ثم في فترة من الزمن كانت هناك ثورة لليهود في مدينة قورينا ولدينا في قورينا عدة آثار تدل على الإغريق معبد زيوس ومعبد أبولو والحمامات الرومانية ورواق هرمز وهرقل ومسرح الأغورا وكذلك عدة كنائس في العهد البيزنطي"، مشيراً إلى أن "عدة مدن في ليبيا لديها أسماء تاريخية عرفت بها سابقا مثل بنغازي [هيسبيريديس]، والبيضاء [بلاغراي]، وطرابلس [تريبوليس]، وغيرها.