نزار قباني

«وضعت مخططاً شعرياً منذ 40 عاماً أن أحول كل شيء إلى شعر».. من هذه الكلمات للشاعر العربي الراحل نزار قباني، استمدت الأديبة والإعلامية بروين حبيب، قوة الوعي الوجودي المتجسد في رحلة قباني الشعرية، ليتحول الاحتفاء الموسيقي والشعري، بذكرى رحيله، إلى مسودة التلاقح الفكري، بين الكتابة بوصفها إبداعاً، والأدب باعتباره تعبيراً إنسانياً وحضارياً..

تجلى ذلك في أمسية «أبجدية العشق» التي احتضنتها ندوة الثقافة والعلوم مساء أول من أمس، في مقرها بدبي، بالتعاون مع «أثر للفنون والآداب»، وتتابعت فيها قصائد قباني، بين إلقاء بروين حبيب، وغناء أنور دراغ، بمشاركة المخرج فيصل جواد، وبحضور نخبة من المثقفين وعشاق الشعر، توسطهم ابن الشاعر الراحل، عمر نزار قباني.

الأديبة بروين حبيب، كما شعر نزار قباني، قامت بتحويل الأمسية إلى نبض من فيض فعل القصيدة، وأثرها على الروح، مستمرة في التجديف باتجاه عمق المحيط المجهول، قائلةً أن نزار قباني حول الشعر إلى قمح ولوز وغابات زعتر، كاشفةً أبعاد مخططه الشعري، الذي غمس الأشياء بماء سحر القصيدة، متعهداً أنْ لا يُبقي على شيء إلا وحوله إلى شعر، واضعاً أمامنا قصائد تتميز باللغة وإيقاع الموسيقى وسحر الصورة، ما يجعلنا أمام ظاهرة أدبية وإنسانية لافته، مليئة بالحركة والضجيج، مما أكسبه المعجبين حد العشق، والخصوم حد الحقد، بيد أنه لم يكن عند أنصاره وخصومه سوى شاعر كبير، له حضوره وسطوته، بين مستويات مختلفة، وأجيال متعاقبة.

 

انطلقت دندنات الفرقة الموسيقية، وفتح ستار شعر قباني على مصراعيه، بقصيدة «أحبك.. أحبك والبقية تأتي»، ألقتها بروين حبيب كأغنية: «حديثك سجادةٌ فارسية.. وعيناك عصفورتان دمشقيتان.. تطيران بين الجدار وبين الجدار.. وقلبي يسافر مثل الحمامة فوق مياه يديك، ويأخذ قيلولةً تحت ظل السوار.. وإني أحبك.. لكن أخاف التورط فيك، أخاف التوحد فيك، أخاف التقمص فيك، فقد علمتني التجارب أن أتجنب عشق النساء، وموج البحار».

جاءت الأغنيات وقصائد نزار قباني تباعاً، كأنها الصمت في ترديد الكلمة، والصدى في حسها الموسيقي، غنى منها أنور دراغ، «عيناكِ» للفنان خالد الشيخ، و«رسالة تحت الماء»، للفنان الراحل عبدالحليم حافظ، بينما ارتأت بروين أن تتعقبها القلوب، وتحار في اتخاذ القرار، فألقت قصيدة بيروت والحب والمطر، وفيها قال نزار قباني: «ليس في ذهني قرار واضح، فخذيني حيثما شئت.. اتركيني حيثما شئت.. اشتري لي صحف اليوم.. وأقلام رصاص، ونبيذاً.. ودخاناً.. هذه كل المفاتيح.. فقودي أنت.. سيري باتجاه الريح والصدفة.. سيري في الزواريب التي من غير أسماء.. أحبيني قليلاً.. واكسري أنظمة السير قليلاً.. واتركي لي يدك اليمنى قليلًا.. فذراعاك هما بر الأمان..».