الفلسطيني علي حسنين

تخلى الفلسطيني علي حسنين عن مهنته كممرض ليعمل في مهنة واحدة فقط هي إصلاح وصناعة العود التقليدي باليد.

ويقول حسنين 57 عامًا لوكالة أنباء "شينخوا": "كي تصلح العود يجب عليك أن تعرف كيف يعزف موسيقاه، ولتصنع العود فأنت بحاجة إلى أن تضع روحك بداخله".

والعود يعد أقدم أداة موسيقية معروفة، فهو آلة موسيقية تقليدية شرقية بطول 65 سم وعرض 35 سم، مع صندوق موسيقى بشكل بيضاوي بارز وذراع مع الأوتار الممتدة.

وصنع هذه الآلة الموسيقية يتطلب الصبر والدقة، ويعتبر من الحرف اليدوية النادرة في الوقت الحاضر.

وعادةً ما يتم تصنيعه باستخدام خشب شجرة التنوب أو خشب السدر المتين والذي يسمح للأداة بلعب صوت نقي.

فهو صندوق موسيقى محفور بتقنية خاصة تسمح له بالعيش لفترة أطول، بينما تصنع مفاتيح الأوتار من خشب الأبانوس، للتحكم في اللحن والدقة.

ويقول حسنين إن معرفة كيفية عزف العود "تجعلك تفهم من أين يأتي الصوت وكيف يتم إصلاحه، وكانت تلك أول فكرة أدركها".

ويوضح أنه تعلم العزف على العود عندما كان طفلا في منزله بفضل والده "لذلك طورت شعور فهم أين يمكن أن تكون المشكلة الممكنة في العود لأكون قادرا على إصلاحها".

ويضيف "ساعدني العزف على الآلة في تعلم كيفية إصلاحها، وبدأت تدريجياً في استعارة آلات أصدقائي وإصلاحها حتى طورت ورشة صغيرة في المنزل".

ويتذكر حسنين أنه أصلح عوده لأول مرة في العام 1991 بعد أن سافر لعدة سنوات للدراسة، مشيرًا إلى أنه في حينه أصلح كسرًا في عود كان اشتراه وهو طفل بأموال جمعها بنفسه.

ويطلق حسنين على متجره اسم "زرياب"، وهو ابو الحسن علي بن نافع الموصلي الموسيقار العربي البارز الذي كان المغني الرئيسي وعازف العود في الأندلس وقدم الوتر الخامس للأداة، مما سمح له بالانتشار في جميع أنحاء العالم.

ويشعر حسنين بالرضا والتواصل مع التاريخ بسبب موقع متجره الواقع في مبنى عمره 200 عام تقريبا في البلدة القديمة في نابلس شمال الضفة الغربية.

ويعمل حسنين خلال الليل حتى لا يتم تشتيت انتباهه، والقدرة على الخروج بالدقة المطلوبة للأداة، فينحني ويمسح الخشب ويضع قطعه معاً، صندوق الموسيقى الوجه والأوتار من أجل اختبار جودة الصوت دون انقطاع.

ويعتبر حسنين أن مهنته "ليست بسيطة"، مشيرا إلى أن "هنالك العديد من المدارس لعزف العود مثل المدرسة العراقية ومدرسة سورية ومصر، ومدرسة الخليج، وهناك الأتراك الذين يستخدمون تقنية خاصة بالريشة".

ويتابع "أصبح العود الآن أداة دولية وتعزف بمفردها".

وسبق أن سافر حسنين إلى دول مصر والعراق وسورية وتركيا بهدف مقابلة صانعي العود في تلك الدول والتعلم منهم "لكن لا أحد يسلم سره، فالمهنة الحرفية هي ما يسلمه الأب إلى الابن".

وأبرز حسنين أن العود عمره 5000 عاما، وهذا ما تم اثباته من خلال مخطوطة في شمال سوريا من العصر الأكادي (2170 ق.م) يظهر فيها امرأة تحمل أداة شبيهة بآلة العود، ربما أصغر قليلا وذراعها أطول، لكنها أظهرت أنه موجود منذ تلك الفترة.

وقال حسنين : "طورت الحضارات الاهتمام بهذه الآلة الموسيقية حتى وصلت لهذا الشكل. إذ طورها الفرس جيدا، وقام العرب بتطويرها في النهاية، وأضاف زرياب الوتر الخامس"، ويضيف أن "وجه العود هو الأكثر أهمية مع تفاصيل الجسور المثبتة على الآلة، وارتفاعها والمسافة بينها وبين موقع الفتحات الدائرية أو البيضاوية التي تسمح بالإفراج عن الصوت".

وبالنسبة إلى حسنين فإن "المهم في العود هو أن المركز الصوتي في مكانه والسماح له بضرب صندوق الموسيقى والخروج من الفتحات، ويعطي الوجه نحو 70 في المئة من جودة الصوت".

وقد لا يكون الإقبال على اقتناء العود رائجا بشكل تجاري في الضفة الغربية لكن متعة الإبداع بإنجاز تحف فنية يبقي حسنين متمسكا بمهنته النادرة عربيا.