السحر الأسود

هجرَ أسرته بعد أن طلق زوجته لتبقى ابنته تتربى وتترعرع في كنف أمها التي أعطتها الحنان الكافي لتشب على القيم النبيلة والعيش الهادئ، رغم فقدانها أباها الذي كان بعيدًا عن كيانها وذاكرتها فترة من الزمن، لم تتذكر منه إلا طيفًا عابرًا، كانت تتعثر في براءتها، تتفقده حين رجوعه إلى البيت، وما عداه لم تعد تتذكر ذلك الأب الذي من المفترض أن يكون سندها وموئلها في نوائب الزمن.

ويبدو أن زيارة والدها المحدودة المشفوعة ببعض الهدايا لم ترمم جراحات فراقها، بل لم تعد صياغة البنت الملهوفة على أبيها، ولكن الأخير أراد أن يرمم هذا البون بسبل بعيدة عن القيم، من خلال استعمال السحر والشعوذة عساها أن تؤوب إليه أوبة الولد إلى أبيه، ففضل استعمال هذه الطقوس المحرمة بدلًا من استجدائها بالكلام اللين والمنطق الحسن، فبدأ يبحث عن طريقة يجذب بها صغيرته تجاهه خاصة وأنها في حضانة والدتها، أفكار سوداء باتت تدور في خاطره عن تأثير السحر وقوته، وهي طريق شائكة وجد فيها ضالته بعيدًا عن الوازع الديني.

بهدف نيل ما يريد، غير مهتم بخطورتها على ابنته، للأسف ظن أن السحر والشعوذة هو الطريق السهل لقلب ابنته ليواصل خطته السوداء بعمل طلاسم كتبت بالحبر الأسود بعبارات غير مفهومة وتم تغليفها ليدسها في قلادة ألبسها ابنته، كان يعتقد أن ما فعله أمر سيؤثر إيجابًا في ابنته، لكن المولى عز وجل كتب الخير للابنة، عندما ارتابت الأم في أمر القلادة التي ترتديها ابنتها وشكلها الغريب، ما جعلها تنتزعها منها وتحاول فتحها لتعثر بداخلها على أوراق وطلاسم فيها كتابات غريبة.

فتملكها الخوف وقررت الاتصال بالجهات الأمنية، حيث قاموا بدورهم بالاتصال بالأب الخليجي الذي حضر إلى الشرطة وتمت مواجهته بالتهمة المنسوبة إليه، إلا أنه أنكرها، مشيرًا إلى أن ما وجد في القلادة هي رقية شرعية وضعها لابنته، وعلى ضوء الاعترافات والأدلة التي عثر عليها وجهت للأب تهمة استخدام السحر والشعوذة للتأثير في ابنته.