الثقافة

لم تكن الأشهر الماضية هينة على العالم، فخلالها جنح إلى الاختباء خلف الجدران، واختار العزلة، اتقاءً لشر الإصابة بفيروس «كورونا»، ورغم صعوبتها، إلا أن العزلة كانت مفيده لثلة المبدعين، حيث وجدوا فيها فرصة للتأمل، واكتشاف الذات والحياة، ومساحة واسعة للابداع وابتكار نصوص جديدة، ومع العودة التدريجية للحياة الطبيعية، بدأ الناس يتنفسون الصعداء،

والمبدعون أيضاً ليطلوا على الحياة بعين أخرى، تفيض شغفاً وحباً، وبات إقبالهم عليها أكثر حيوية ومرونة، فجاءت العودة للحياة، لتوفع منسوب الأمل في قلوب الناس والمثقفين الذين عبروا عن شوقهم إلى ملاقاة جمهورهم، ليسردوا عليهم بعضاً من إبداعاتهم التي ابتكروها خلال فترة عزلتهم، وفق تعبيرهم لـ«البيان»، حيث أكدوا أن الفترة الماضية كانت كفيلة بمنحهم الفرصة للتأمل والإبداع.

فرصة للتأمل

«بلا شك أنه لا شيء أجمل من الحرية»، بهذا التعبير يصف الكاتب علي أبو الريش العودة التدريجية للحياة في دبي والإمارات. وقال: «هذه العودة فيها تعبير عن إرداة القيادة والشعب، والذي بات يؤمن أنه مهما اشتدت المصائب، فلا بد أن يأتي الفرج في النهاية، ولا بد للإنسان أن يخترق العزلة، وأن يدخل الحياة مجدداً».

وأضاف: «مع هذه العودة لا بد أن يجد الإنسان نفسه وقد دخل في مرحلة جديدة، وأعتقد أنه حان الوقت لأن تحسم الحياة أمرها، وأن يعيش الإنسان حياته، وأن يتغلب على كافة أسئلة التشاؤم التي تواجهه في الحياة».

أبو الريش أشار إلى أن أي كاتب أو مبدع يشعر بأهمية هذه الخطوة الجريئة والجبارة. وقال: «جميعنا يشعر بالسعادة للعودة إلى الإيقاع السابق». وتابع: «بتقديري أن العزلة كانت جميلة جداً رغم حلكتها، لأنها أعطت المبدع والمثقف الفرصة ليتأمل الحياة».

في حديثه، لم يبتعد الشاعر أحمد العسم كثيراً، حيث أكد أهمية «العزلة بالنسبة للمبدع». وقال: «الكتاب والمثقفون استفادوا كثيراً من هذه العزلة، حيث ساعدهم ذلك في تهيئة النفس للمكان وتقبله». العسم يؤكد أن «العزلة ليست غريبة على المبدع والكاتب، فهو يعيشها باستمرار».

وتابع: «مع العودة التدريجية إلى الحياة، بتقديري أنه لا بد أن يخرج الكاتب من العزلة أكثر نضوجاً، يرى الحياة بعين أخرى، ويتمكن من التقاط الأشياء من حوله بكل سهولة»، ويرى العسم أنه أصبح لدى الكتاب مع العودة التدريجية إلى الحياة، شغف كبير لإعادة اكتشاف الحياة والأشياء مرة أخرى. ونوه العسم إلى أن العزلة «وضعت الكاتب بزاوية محددة يركز فيها على التأمل الداخلي، وأيضاً استكشاف الأشياء من حوله، مثل الطيور وفضاء البيت».

انفعالات إنسانية

الشغف بالحياة، انسحب أيضاً على رواد الفن التشكيلي، الذين وجدوا في «العزلة» مساحة واسعة مكنتهم من الإبداع، وهو ما يؤكده الفنان التشكيلي إياد الموسوي، الذي يرى أن «الفترة الماضية كانت فترة تأمل وإنتاج فني غزيز»، حيث استغلها، وفق تعبيره، في انتاج أعمال مستوحاة من أجواء «كوفيد 19»، مشيراً إلى أن مجموعته الجديدة تحمل انفعالات إنسانية وبعض الترقب والانتظار والتأمل والمستقبل الذي لا نعرف آفاقه».

وقال: «من وجهة نظري كانت العزلة، فرصة جميلة لنا للتفرغ والإنتاج الفني، وأعتقد أن عودتنا إلى الحياة هي أكثر جمالاً وصحة». وتابع: «بعد فترة التأمل هذه، لا شك أن هناك اشتياقاً وترقباً من الجمهور لإنتاج الفنان وإرهاصاته بهذه الظروف، وكذلك لإنتاجاته التي تتعلق بحياة الإنسان حول العالم».

قد يهمك ايضا 

إليك أبرز الروايات صادمة للحوامل المصابين بفيروس"كورونا"

تحدي القراءة العربي ينظم ندواته الثقافية على إنستغرام