الثقافه السوريه

افتتح المهندس عماد خميس رئيس مجلس الوزراء احتفالية وزارة الثقافة بعنوان “يوم الثقافة.. لوعي الحياة” وذلك في ذكرى تأسيسها عبر مهرجان فني منوع في دار الأسد للثقافة والفنون وسط حضور رسمي وثقافي كبير.

وبين المهندس خميس في كلمته خلال الافتتاح أن الحكومة حريصة على تبني مشروع ثقافي حضاري ينتج عنه جيل عربي سوري واع لقضاياه ومؤمن بمبادئه السامية وبعروبته الأصيلة وإسلامه المعتدل القادر على استيعاب مفرزات الحضارة الإنسانية والتفاعل معها من منطلق الفاعل لا المنفعل والمؤثر لا المتأثر فحسب.

وأكد المهندس خميس أن الحكومة ستعمل جاهدة على تجاوز العقبات التي فرضتها الحرب وتجاوز ثقافة الأزمة إلى ثقافة السلام والمحبة وتجاوز أزمة الثقافة إلى الثقافة التنموية بأبعادها الأخلاقية والعلمية والتربوية والدينية والاقتصادية والاجتماعية فحتى تنجح الثقافة كمشروع وطني لا بد أن تكون حالة مجتمعية متأصلة بين كل شرائح المجتمع.

وقال المهندس خميس “أنقل إليكم محبة السيد الرئيس بشار الأسد وأمنياته لكم ولكل العاملين في الوسط الثقافي ولمبدعينا ومفكرينا ومثقفينا الكبار بكل التوفيق والنجاح.. واسمحوا لي أيضا أن أتوجه باسمكم جميعا وباسم كل مواطن سوري بأسمى آيات التحية والتقدير لبواسل جيشنا العظيم الصامدين في وجه أعتى حرب إرهابية تشهدها دولة على مر العصور.. والرحمة والمجد لشهدائنا الأبرار والشفاء العاجل لجرحانا الأبطال”.

وأضاف المهندس خميس “إن الحكومة تولي اهتماما خاصا للنهوض بالشأن الثقافي وتطوير عمل مؤسساته وهيئاته وهي لن تدخر جهدا لتحقيق ذلك منطلقة من المقولة الخالدة للقائد المؤسس حافظ الأسد “الثقافة هي الحاجة العليا للبشرية” وكذلك الرعاية الكبيرة التي أحاط بها السيد الرئيس بشار الأسد المثقفين والمفكرين والمبدعين وتكريمه المستمر لهم وسؤاله الدائم عن أوضاعهم وأحوالهم حتى في أدق التفاصيل”.

وبين المهندس خميس أن ما تتعرض له سورية منذ نحو سبع سنوات لم يكن فقط إرهابا هدفه القتل والتدمير والنيل من مؤسسات الدولة وإنما كان في جانب كبير منه إرهابا فكريا وثقافيا وأخلاقيا هدفه تعميم ثقافة التطرف على حساب ثقافة التسامح وإشاعة التخلف والجهل على حساب الإبداع والعلم وبث روح الهزيمة والتخاذل على حساب روح الصمود والمقاومة ومسح تاريخ حضاري طويل لمصلحة إرث عدواني وعنصري بغيض.

ورأى رئيس مجلس الوزراء أن ما تعرضت له اليوم المؤسسات الثقافية والمواقع الأثرية والرموز الثقافية والفكرية من استهداف ممنهج واعتداءات مباشرة يؤكد أن الحرب التي تشهد اليوم آخر فصولها كانت حرب هوية وفكر وانتماء وقد انتصر فيها الشعب السوري بمثقفيه وإرثه وتاريخه مشيرا إلى أن الوسط الثقافي الوطني بقي طيلة السنوات السبع الماضية ينبض بالإبداع والعطاء وسراجا يهتدي به السوريون.

ولفت المهندس خميس إلى أن عودة انعقاد معرض مكتبة الأسد للكتاب بما تضمنه من زخم وغنى من المؤلفات والكتب المعروضة تؤكد أن نبض الحياة ما كان ليتوقف رغم كل تداعيات الحرب وآثارها المدمرة وهو ما شكل سدا منيعا في مواجهة الفكر التكفيري والتخريبي.

وشدد رئيس مجلس الوزراء على أن هزيمة الإرهاب عسكريا وأمنيا والتي تحققت بتضحيات جيشنا البطل وحلفائنا الأوفياء تتطلب أيضا هزيمته فكريا وثقافيا عبر استئصال ما حاول زرعه في عقول الناس وأفكارهم وسلوكهم وإعادة الاعتبار لكل القيم والمبادئ التي آمنت بها سورية وعملت عليها طيلة عقود من الزمن لافتا إلى ما يتطلبه الأمر من جهود كبيرة من المؤسسات الثقافية العامة والخاصة ومن مثقفينا ومبدعينا.

وأكد المهندس خميس أنه كما نجحت سورية في هزيمة الإرهاب عسكريا ستهزمه فكريا وذلك بفضل وعي شعبنا ومثقفيه ومبدعيه ومفكريه والذي سيغلق سبع سنوات من الإرهاب وسيبني ما خربته الحرب وسيصون النصر الذي زرعه شهداؤنا في كل بقعة من سورية كي تعود أيقونة الحياة ووعيها.

من جانبه أشار وزير الثقافة محمد الأحمد في كلمته إلى أن سورية تواصل إبداعها الفني والفكري والاحتفاء بالفعل الثقافي وكل ما يمجد الحق والخير والجمال رغم الحرب الكونية الشرسة التي تتعرض لها منذ 7 سنوات مؤكدا حرص وزارة الثقافة على أن تكون إنتاجاتها الإبداعية متفاعلة مع الواقع وتقف في صف أبنائها المخلصين الذين يواجهون الفكر الظلامي التكفيري بأقلامهم وعقولهم وفي صف جيشها الباسل الذي يبذل جنوده دمهم من أجل الذود عن شعب سورية وحضارتها وازدهارها.

وأوضح وزير الثقافة أن احتفالية يوم الثقافة “تتضمن لوحات وأفلاما وصورا ومسرحيات وموسيقا وكتبا تؤكد للعالم بأسره أن الشعب السوري رغم ما يمر به من محنة وألم مصر على مشاركة بقية شعوب الأرض الحلم الكبير بالوصول إلى كوكب يتسع للجميع ويحضن كل البشر من دون حروب ونزاعات وسفك دماء”.

وختم الوزير الأحمد كلمته بالقول “إن جيشنا الباسل البطل سيظل يقاتل الإرهابيين.. والمثقفين العقلانيين الوطنيين سيظلون يقاتلون كل أشكال الفكر الرجعي الظلامي”.

وتضمن حفل افتتاح الاحتفالية إطلاق 5 معارض منوعة وعرض موسيقي مسرحي بعنوان “بيارق النصر” على مسرح دار الأوبرا وتكريم قامات فكرية وأدبية وفنية وموسيقية وإعلامية تركت بصمة على الساحة الثقافية السورية.

وبين وزير الإعلام محمد رامز ترجمان في تصريح للصحفيين أن الفكر الظلامي التكفيري الوهابي يهدف إلى طمس هويتنا وتشويه ارثنا الثقافي الحضاري ولا بد من مواجهته بفكر تنويري حضاري وتحصين ذاكرتنا الوطنية الممتلئة بالمحبة والتسامح والحوار والتلاقي بين أفراد المجتمع وتكريس مجموعة من القيم الأخلاقية المعروفة لدى الشعب السوري والتأكيد على هويتنا وعروبتنا وثقافتنا منوها بعمل وزارة الثقافة الدؤوب من خلال ما تقيمه من نشاطات ثقافية والذي لا بد أن ينعكس على سورية مستقبلا ويأخذها إلى بر الأمان.

وقام رئيس مجلس الوزراء ووزير الثقافة بتقديم دروع تقديرية للمكرمين في يوم وزارة الثقافة وهم مدير فرقة الرقة للفنون الشعبية اسماعيل العجيلي والموسيقار أمين الخياط وعميد المعهد العالي للفنون المسرحية الفنانة جيانا عيد والفنان زيناتي قدسية والشاعر صقر عليشي والآثاري الدكتور علي أبو عساف والفنان التشكيلي الدكتور علي سرميني والإعلامي والباحث علي ديب حسن والمخرج غسان جبري والفنانة التشكيلية لجينة الأصيل والأديبة لينا كيلاني والكاتب محمود عبد الواحد إضافة للشاعر الغنائي اللبناني نزار فرانسيس.

وألقت الفنانة عيد كلمة خلال تكريمها أكدت فيها أن سورية أصبحت هي الثقافة بحد ذاتها ومرجعية ثقافية لكل أمم الأرض مهدية التكريم لمن كانوا سببا في استمرار الحياة رجال الجيش العربي السوري وشهدائه الأبرار بينما ألقى الشاعر فرانسيس قصيدة باللهجة المحكية تغزل فيها بسورية وبرفعتها ومجدها ورجولة أبنائها.

وافتتح ضمن الاحتفالية خمسة معارض أولها للهيئة العامة السورية للكتاب ويضم إصداراتها من عام 2009 للعام الحالي في مواضيع الفكر والاجتماع والسياسة والاقتصاد والكتب المترجمة وكتب الأطفال والمجلات الدورية ونماذج من أرشيف وزارة الثقافة.

وثاني المعارض كان للمديرية العامة للآثار والمتاحف بعنوان “المكتشفات الأثرية في ريف دمشق” وتضمن المكتشفات الأثرية التي عثرت عليها بعثات التنقيب الوطنية في ريف دمشق خلال السنوات الأخيرة وتعرض لأول مرة للجمهور من بينها قطعة أثرية تعود إلى العصر البرونزي الوسيط عثر عليها في بلدة حينة وقطع تعود للألف الأولى قبل الميلاد وعثر عليها في تل حميرة شمال دير عطية إضافة إلى العديد من القطع تعود إلى العصور الكلاسيكية عثر عليها بداريا وحينة وعين منين والهيجانة ووادي بردى.

كما نظمت مديرية ثقافة الطفل معرضا لأعمال الأطفال واليافعين بعنوان “من عام لعام تكبر الأحلام” وشمل رسومات للأطفال واليافعين واللوحات الفائزة بمسابقة أبناء الشهداء التي أقامتها وزارة الثقافة.

أما معرض الصور الضوئية فتضمن ملصقات لمختلف نشاطات وفعاليات وزارة الثقافة خلال العام الحالي إضافة لمعرض “أفيشات وبوسترات” لمديرية المسارح تضمن المسرحيات التي عرضت خلال العام ومعرض للآلات السينمائية القديمة والنادرة منها عدسات للعرض السينمائي وأجهزة صوتية إضافة لعرض ملصقات للمؤسسة العامة للسينما لأفلامها لهذا العام.

وتميز عرض “بيارق نصر” الذي قدمته فرقة آرام للمسرح الراقص على مسرح الأوبرا من إخراج الفنان نبال بشير بمرافقة الفرقة الموسيقية التي قادها المايسترو نزيه أسعد بمستوى تقني بصري جديد ولافت لجهة دمج الرقص مع التقنيات البصرية والضوئية بشكل محترف حيث ضم العرض ما يقارب 180 فنانا على خشبة مسرح دار الأوبرا بين راقصين وموسيقيين وكورال.