بغداد ـ صوت الإمارات
لم يتوارد الى الأذهان أن مجلة (آفاق أدبية) التي تصدر فصلياً عن دار الشؤون الثقافية العامة في بغداد، وهي المجلة التي تعنى بالإبداع الجديد,أن تصّب في غلافيها الخارجي والداخلي ستة مواضيع غاية في والأهمية لتكون مفتتحاً للدخول الى متون صفحاتها الـ (176) والإيغال في مشروعها الثقافي النوعي والمتنوع بمتعة معرفية جمالية تأخذنا من واحة ثقافية إلى أخرى.
يتضمن وجه الطوية الأولى للغلاف خلاصة مكثفة لكتاب مرجعي مهم في المسرح صدر عن الدار نفسها والموسوم (الوافي في مصادر دراسة المسرح العراقي) لمؤلفه د. عامر صباح المرزوك، أما وجه الطوية الثانية للغلاف فكان عن (نقد النقد المسرحي) لمؤلفه د. باسم الأعسم وقد نشر ضمن إصدارات الدار نفسها أيضاً وضمن سلسلتها (مسرح).ونواصل قراءتنا لتفاصيل الغلاف الداخلي لـ (آفاق أدبية) فنقرأ ما جاء في
الغلاف الداخلي الأول مقالاً يتحدث عن المفكر والأديب الراحل خضير ميري، عنوانه (من حواف سن الرشد الى بلوغ الرشاد) وكانت إنارة استذكارية معرفية كتبتها الناقدة د. ماجدة السعد يجاورها على خلفية طوية الغلاف الأولى شذرات تعبق بنصوص خضير ميري، بينما جاء في الغلاف الداخلي الثاني من نصيب الشاعر الشاب أيهم محمود العباد الذي (يكتب برهبانية مفرطة وبحذر لص محترف) كما وصفته قريحة آفاق أدبية التي حمل ظهر طوية غلافها الأخير قصيدتين للشاعر العباد، فضلاً عن عمق وحداثة التصميم الفني لصورة الغلاف (الوجه) وما تضمنه من لوحة معبرة عن طبيعة الصراع ما بين الرهافة والقسوة
التي جاءت موازية لفكرة محور العدد الخاص بالمسرح العراقي ما بعد التغيير.
وكتب افتتاحية العدد رئيس التحرير الشاعر سلمان داود محمد وكانت بعنوان (الحدث الثقافي الأبرز) جاء في خلاصتها: "أما الحدث (الثقافي) الأبرز الذي يبعث على الأسى المرير والشعور الممض بالخسارة هو (موت المثقف) قتلاً واعتلالاً وكمداً في وضح الأوساط والمؤسسات والمنظمات المعنية بالشأن الثقافي التي لا تجيد سوى المواساة (البروتوكولية) التي لا تتجاوزقيمتها إكليل ورد صناعي باهت وبضعة دنانير مصابة بفقر الدم والقيمة بإزاء المعتلين من المثقفين، والمحاباة الماكرة للقتلة على حساب المقتولين منهم طبعاً والإكتفاء بتعليق لافتات التعزية المهلهلة وتلفيق الندوات التأبينية التي غالباً ما تندرج تحت شعار (إذكروا محاسن موتاكم!!) وانتهى الأمر، ناهيك عن الإهمال الشنيع لشريحة ليست قليلة من المثقفين الذين أنهكتهم الحاجة والعوز والإنتظار على مصطبة الموت الأكيد إن لم يهرع (ولي الأمر الثقافي) الى إنقاذ ما تبقى من الأركان الثقافية التي يستند عليها البلد تلافياً لأي إنهيار قادم وشامل، وكي لا يكون الموت هو الحدث الثقافي الأبرز في حياتنا الثقافية في ذاك العام وهذا العام وفي كل عام ..."م العدد أبواباً عدة ومحوراً خاصاً عن المسرح العراقي مابعد التغيير،
إذ نقرأ في هذا المحور مجموعة من المقالات والدراسات الثرة ، منها جولة استطلاعية لأفكار وتشخيصات نخبة من المعنيين بالمسرح أجراه وكتب إضاءته الناقد د. شاكر عبد العظيم جعفر حمل عنوان (آفاق المسرح العراقي مابعد 2003)، ومقال كتبته الفنانة المعروفة هند كامل جاء بعنوان (المسرح العراقي وشقيقاته الفنون بين زمنين )، ومن ثم (البعد الكوني لمسرح مابعد الزلزال) للكاتب صادق مرزوق، وكذلك (المسرح العراقي في خضم الأدلجة والإستهلاك والوعي التنويري) للمخرج كاظم النصار، وأيضاً (مسرح مابعد التغيير وشمولية التجريب) بقلم الدكتورة زينة كفاح الشبيبي. وتضمن محورالعدد أيضاً دراسة للكاتب د. ياسر عبد الصاحب البراك بعنوان (الربيع العربي ومستقبل المسرح العراقي) .
ونطالع في باب نصوص ثلاث قصائد جاءت على التوالي (بعد هذا الدمار) للشاعر المعروف عيسى حسن الياسري و(صيام العراة) للشاعرصالح عبد الجياشي و(أتكيء على فرشة) للشاعرعصام خليل. واحتوى باب (تفكّر) دراسة معرفية عنوانها (الذات الإغتراب والهوية) كتبها الأديب والباحث سعد محمد رحيم. وفي باب (منصّة) نقرأ (من الأصولية اللسانية الى البوح مواء) شهادة ابداعية بقلم الروائي د. طه حامد الشبيب . وفي باب (ضوء على أثر) أنارتنا الناقدة رنا صباح خليل بورقة نقدية جاءت بعنوان (فتنة التحطيم الكاريزمي للشخصية السردية) وثلاثة مواضيع نقدية أخرى (رقيب جدلية ألأصنام .. قراءة في (كوثاريا) لنعيم آل مسافر بقلم الكاتب علي شبيب ورد، و(هدايا طفولة حرب مضت) للكاتب سامي طه و(شعرنة السيرة) للكاتب مالك مسلماوي. وضم باب (الآخر الثقافي) شهادة عنوانها (واحسرتاه يابغداد انك تجلسين وحيدة)
كتابة: الموغ بيهار وترجمة: الأديب المعروف خضير اللامي، في باب (أعلام مغيبون) الذي استحدثته المجلة في عددها الجديد هذا نقرأ (محمود البستاني .. منهج وتطبيقات) للدكتور رياض الناصري.
أما ما تطرقت له المجلة في ميدان الفن التشكيل فكان باب (مرآى) الذي نقرأ فيه (وائل المرعب .. ما تختزنه المخيلة وما يختزله الرسم) للناقد حسن عبد الحميد بينما كان موضوع (لوحات سعد محمد موسى .. ذاكرة تفوح بعبق الناس والأزمنة والمكان) بقلم أيمان عبد الحسين . وبالانتقال الى عالم الحكايات يهل علينا باب (سرود) فنطالع (قشة) للقاص والروائي سعد سعيد و(الشروع في حلم) للقاص سعدون جبار البيضاني و(حمار وحمزة) للقاص خالد الشاطي. أما باب (حوار) فكان مساجلة ثقافية أجراها الشاعر هادي الحسيني مع الشاعر والمترجم عدنان محسن، حيث جاء هذا الحوار متمخضاً عن ثيمة صادمة مفادها: (تحول ولي الأمر الى ولي نعمة).
وانطوى ما اختتم به هذا العدد من (آفاق أدبية) على بابين مهميّن كان الأول منهما قراءة معمقة في سرود العدد الماضي وردت تحت عنوان (القص بين المتخيل والاشهار) للناقد عبد علي حسن، أما الباب الثاني فكان قراءة حفرية في نصوص العدد الماضي جاءت بعنوان (فداحة الشعر الكبرى) للناقد د. حازم هاشم.