منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك"

توقعت دراسة نفطية متخصصة تعافي أسعار النفط خلال الفترة المقبلة على أن تظل دون مستوى الـ 100 دولار للبرميل حتى عام 2020. وأوضحت الدراسة التي أعدتها منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك"، أن حالة عدم اليقين بشأن تطور العوامل المؤثرة على العرض والطلب النفطي التي ساهمت بشكل رئيسي في هبوط الأسعار بشكل حاد منذ يونيو 2014 مازالت مهيمنة على الأسواق.

وأشارت الدراسة، التي حملت عنوان (التطورات في أسعار النفط العالمية والانعكاسات المحتملة على اقتصادات الدول الأعضاء)، إلى وجود العديد من العوامل المتشابكة التي يتوقع ان ترسم الملامح الرئيسية للمعروض النفطي على المدى القصير. ولفتت إلى أنه من هذه العوامل الفرضيات المتعلقة بعودة النفط الإيراني والليبي إلى الأسواق وحجم استعداد كبار المنتجين من خارج منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" للتعاون مع الدول الأعضاء بالمنظمة وأهمية الاتفاق على تقاسم أعباء تخفيض الانتاج بين الطرفين على نطاق أوسع في المستقبل.

وأضافت، أن من تلك العوامل ايضا مدى انعكاس موجة انخفاض أسعار النفط التي بدأت منتصف 2014 وتواصلت خلال 2015 على نشاط الاستثمار في مجال توسعة الطاقات الانتاجية وعلى طفرة إنتاج النفط الصخري بالولايات المتحدة الأمريكية والذي كان له الدور الأبرز في تخمة المعروض النفطي بالأسواق. وقالت الدراسة، إن حالات عدم اليقين بشأن آفاق الاقتصاد العالمي تلعب دورها في التأثير على طلب النفط فضلا عن الضبابية المحيطة بالآثار المحتملة للتحولات الهيكلية التي يمر بها الاقتصاد الصيني وكذلك التطورات المحتملة لأزمة الديون السيادية في الاتحاد الأوروبي.

وأكدت أن العائدات النفطية لدول "أوابك" تأثرت بشكل ملحوظ جراء التراجع في أسعار النفط، إذ تشير التقديرات الأولية إلى تراجع إجمالي العائدات السنوية من صادرات النفط الخام للدول الأعضاء بحوالي 132 مليار دولار عام 2014 مقارنة بمستوياتها 2012 بنسبة 18.8 في المائة لتبلغ حوالي 571 مليار دولار خلال عام 2014.

وأفادت، بأن التوقعات الأولية تشير إلى أن اجمالي العائدات النفطية السنوية للدول الأعضاء ستواصل تراجعها بحوالي 245 مليار دولار عام 2015 أي بنسبة 43 في المائة مقارنة بنظيرتها لعام 2014 ،لتبلغ حوالي 326 مليار دولار خلال عام 2015 ،وهو مستوى منخفض بحوالي 53.6 في المائة مقارنة بمثيلاتها لعام 2012. وذكرت الدراسة، أن التراجع في أسعار النفط وفي حجم العائدات النفطية للدول الأعضاء انعكس سلبا على اجمالي الإيرادات الحكومية العامة التي تراجعت بنحو /70 مليار دولار مقارنة بمستوياتها في 2013 ،وبمعدل انكماش 7.7 في المائة لتصل إلى 835 مليار دولار عام 2014. وأوضحت، أن هذا التراجع أدى الى تقليص حجم الفائض في الموازنات العامة للدول الأعضاء حيث شهدت تلك الفوائض انخفاضا متزايدا في حجم العجز بموازين المدفوعات في أغلب الدول الأعضاء في "أوابك". وحول الانعكاسات على الدول المستهلكة قالت الدراسة ان تقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلى ارتفاع فوائض الميزان التجاري لمجموعة الاقتصادات المتقدمة لتصل إلى 200 مليار دولار عام 2014 ويتوقع لها أن تتجاوز 280 مليار دولار عام 2015.

وأشارت إلى أن تراجع اسعار النفط ساهم في انخفاض قيمة الواردات السلعية لدول المجموعة عن طريق التأثير المباشر على قيمة واردات النفط ومنتجاته أو التأثير غير المباشر المتمثل في التراجع بالسلع المصنعة. وذكرت أن التقديرات تشير الى حدوث ارتفاعات كبيرة في فوائض الميزان التجاري لمجموعة اقتصادات آسيا النامية والصاعدة نتيجة انخفاض قيمة الواردات السلعية لدول المجموعة بالتزامن مع التراجع في أسعار النفط، مشيرة إلى أن فائض الميزان التجاري لدول المجموعة ارتفع بحوالي 80 مليار دولار خلال عام 2014 ليصل إلى 234.2 مليار دولار بنسبة ارتفاع بلغت حوالي 51.7 في المائة متوقعة ان تقفز تلك الفوائض بحوالي 150 مليار دولار عام 2015 لتبلغ 382.7 مليار دولار بنسبة ارتفاع 63.4 في المائة. وفيما يتعلق بانعكاسات التغيرات في اسعار النفط على شركات النفط العالمية افادت الدراسة بأنها ظهرت بشكل واضح من خلال قناتين رئيسيتين الاولى منهما تمثلت في تراجع أرباح هذه الشركات وثانيهما تراجعات في الاداء العام لأسهم هذه الشركات مقارنة مع المؤشرات الرئيسية لاسواق المال العالمية.

وأوصت الدراسة، بأهمية تنويع مصادر الدخل لضمان تحقيق التنمية المستدامة والمتوازنة موضحة أن هناك تحديات كبيرة تواجه اقتصادات دول "اوابك" الأعضاء المنتجة والمصدرة للنفط في ظل انخفاض أسعار النفط، مشيرة إلى الحاجة لتعزيز دور القطاعات الأخرى في الاقتصادات الوطنية من أجل تحقيق الهدف المنشود والمتمثل في التنوع الاقتصادي ومن ثم تنويع مصادر الدخل مبينة أن تقليص دور القطاع العام في الاقتصاد يؤدي إلى الاستخدام والتوظيف الأمثل للثروات المحدودة.

كما أوصت الدراسة بإعادة النظر في برامج الدعم التي تشكل عبء على الموازنات العامة مؤكدة أن هناك حاجة ماسة للنظر في إصلاح سياسات الدعم المنتهجة في العديد من دول "أوابك" الأعضاء ما أثر سلبا على كفاءة الموارد والتخصيص الأمثل لها. وأكدت، أن ارتفاع كلفة الدعم تسبب في تزايد العبء على المالية العامة في كثير من دول المنظمة المنتجة والمصدرة للبترول وارتفاع عجز الموازنات العامة في بعضها كما زاد الضغط على الإنفاق الضروري على الصحة والتعليم والبنى التحتية في البعض الآخر.