هوس «السيلفي»

امتد هوس «السيلفي» ليطال أعمال الخير، لم يقتصر على المراهقين والمهتمين بمطاردة اللحظات العفوية، بعد أن بدأ بعض الشباب والفتيات من المتطوعين يستخدمونه لتوثيق أنفسهم وإبراز صورهم أثناء أدائهم الأعمال التطوعية الإنسانية والخيرية؛ كزيارة الأيتام وإفطار الصائمين وغيرها من الفعاليات، الأمر الذي يسرب الرياء إلى هذه الأعمال.

ومن جهتها؛ رفضت نائب رئيس الاتحاد العربي للعمل التطوعي رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للتطوع، سحر العوبد، فكرة نشر صور المتطوعين لأنفسهم أثناء تأديتهم العمل التطوعي على مواقع التواصل الاجتماعي والتباهي بها من خلال التصوير الذاتي «السيلفي».

وشددت على أن الغرض الأساسي من التقاط الصور في المناسبات والفعاليات يجب أن يكون التوثيق ونشر ثقافة التطوع بين الناس، وليس من أجل الرياء والسمعة، مشيرة إلى أن «السيلفي» في هذه الحالات يفقد العمل التطوعي أهميته بل إنه في كثير من الأحيان يلهي صاحبه عن الغرض الأساسي ألا وهو القيام بأعمال الخير، التي تعد غاية نبيلة لا بد أن تخلو من الخيلاء وحب الظهور، وأن تكون خالصة لوجه الله تعالى.
 
وأضافت: يجب تقنين مسألة التطوع وتنظيمها لمنع مثل تلك الممارسات، مشيرة إلى أن التصوير الذاتي للمتطوعين أثناء القيام بالعمل التطوعي يعيقهم عن تأدية عملهم على الوجه الأكمل، ويشغلهم عنه بأمور تافهة.

وذكرت العوبد أمثلة على ذلك قائلة إنه في بعض الفعاليات التي نظمتها جهة حكومية في رمضان استعانت فيها بمجموعة متطوعين، وجلبت إليها شخصيات مشهورة من الفنانين أو الإعلاميين، لكنها في المقابل لم تكن ذات جدوى إذ إن المتطوعين انصرفوا عن تأدية واجبهم وأخذوا يلتقطون «السيلفي» مع المشاهير، واصفة الموقف بأنه مجرد عرض «شو».

وناشدت العوبد الجهات الرسمية التعاون مع الفرق التطوعية المسجلة لدى الجمعية انطلاقا من مبدأ المسؤولية القانونية، إذ من غير المعقول أن أحاسب شخصاً في حال تسبب في مشكلة ما دون أن أمتلك له مستنداً رسمياً، لأنه في هذه الحالات ستقع المسؤولية على من جلبه وكلفه بالمهمة، موضحة أن الجمعية أنشئت منذ عام 1996 وجميع الجهات تعلم بوجودها ولا توجد هناك أي حجة بعدم العلم بها.

وأفادت بأن الجمعية تشترط على المتطوع تقديم ما يثبت هويته مثل صورة بطاقة الهوية أو جواز السفر، بعد أن يقوم بتعبئة نموذج استمارة، لتسجل لدى الجمعية بياناته التي تمت دراستها والموافقة عليها من قبل عضوين من أعضاء مجلس الإدارة إلى جانب موافقة رئيس مجلس الإدارة نفسه.

وانتقد عيسى البدواوي رئيس فريق «نشامة» الإمارتي التطوعي «موضة» أو ظاهرة «السيلفي» التي يقوم بها المتطوعون خلال تطوعهم، مشيرا إلى أنها ظاهرة جديدة على مجتمع المتطوعين أخذت في الانتشار، مبيناً أن الصورة سلاح ذو حدين إذا لم تستخدم في غرضها الصحيح فستنقلب إلى أمر سيئ.

وأضاف أن التقاط الصور العادية للمتطوعين أمر مقبول إذ إن غايتها نشر ثقافة التطوع بين طلبة المدارس والجامعات، أما صور «السيلفي» فغرضها معروف، ذاكراً موقفاً حدث في رمضان الماضي أثناء فعالية «رمضان أمان» حيث انصرف بعض المتطوعين عن تأدية واجبهم وقاموا بالتقاط الصور مع المشاهير الذين تصادف وجودهم في المكان، بل إن بعضهم لم يحضر سوى دقائق معدودة ليلتقط صور «السيلفي» ثم غادر المكان، فقط لينشرها على «انستغرام» أو «فيسبوك» الخاص به ليعلم الناس أنه تطوع وقام بما لم يستطع أحد القيام به، من باب الترويج لنفسه على حساب الثواب العظيم الذي كان من الممكن الحصول عليه من وراء التطوع في أعمال الخير.

ناشد عيسى البدواوي المتطوعين أن ينأوا بأنفسهم عن والتقليد الأعمى، وأن يركزوا على إخلاص النية لوجه الله تعالى في ما يقومون به، وعدم انتظار المقابل من أي شخص سوى المولى عز وجل، وهذا جوهر العمل التطوعي.