مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيَّة

نظَّم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيَّة، محاضرة تحت عنوان "الأمن الإلكتروني والحرب الإلكترونية: ما يحتاج الجميع إلى معرفته"، ضمن سلسلة أنشطته وفعالياته الثقافية والعلمية، ألقاها الدكتور بيتر سينجر، استراتيجي وزميل أول، في مؤسسة "نيو أميركا"، بحضور جمهور من الدبلوماسيين والمثقفين والإعلاميين والباحثين، مساء الأربعاء الماضي، في "قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان" في مقر المركز في أبوظبي.

واستهل سينجر محاضرته بتوجيه التحية إلى "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية"، ومديره العام، الدكتور جمال سند السويدي، على إتاحة الفرصة له للتحدث في هذا الصرح البحثي المرموق.

ولفت الخبير الأميركي النظر إلى أن "الإنترنت" والفضاء الإلكتروني (سايبرسبيس) صارا يعنيان الكثير بالنسبة إلينا في القرن الحادي والعشرين، مشددًا على أن الكمبيوتر بات يلعب دورًا مركزيًا في حياتنا، على صعيد الاتصالات و"البزنس" والدراسة والأعمال الحكومية ومسائل الدفاع، لا بل صار أداة بالغة الأهمية لصياغة عالمنا برمته.

وساق أمثلة عدة للبرهان على هذه النتيجة التي استخلصها، منها: إن عدد الأدوات الإلكترونية التي تم اختراعها في السنوات الخمس الماضية يزيد على 40 مليون أداة تستخدم في نواحي الحياة كافة، والمتوقع أن تحمل السنوات الخمس المقبلة عددًا أكبر من الأدوات الجديدة، ما سيرسخ هوية هذا الزمان باعتباره "العصر الرقمي الجديد" فعلًا.

وقدّم سينجر تحليلًا شاملًا لقضايا الأمن الإلكتروني، مشفوعًا بالأمثلة، مؤكدًا أن هذا الموضوع صار تحديًا لا يستهان به لمهنيين وباحثين واختصاصيين في مختلف المجالات، السياسية والاقتصادية والعسكرية. وقال: إن الأفراد والمؤسسات والحكومات.. يبذلون الجهود في البحث عن سبل الوقاية من الإرهاب الإلكتروني.

وأشار إلى أن أكثر من مئة حكومة حول العالم، بينها حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، قد أنشأت ما يسمى "مركز القيادة السايبرية" وهي عبارة عن منظمة معنية بضمان الأمن الإلكتروني للبلاد، وفضلًا عن كون قضايا الأمن الإلكتروني تكتسب أهمية سياسية وبيئية واقتصادية وعسكرية، فهي تؤثر فينا جميعًا كأفراد، فنحن نُستغل، ويبتزنا بعضهم أو يحتالون علينا، ويسرقون ممتلكاتنا الفكرية، أو ربما حساباتنا المصرفية، كما قال المحاضر.

ورأى أن أحد جوانب التأثير في الأفراد يتمثل في تخويفهم من الإرهاب الإلكتروني والمبالغة في إثارة الضجيج حوله. وفي هذا الإطار ذكر أن أحد الإحصاءات أظهر أن الأميركيين يخشون هجمة إلكترونية أكثر مما يخشون ضربة نووية إيرانية أو كورية شمالية.

وأوضح أنَّ موازنة الولايات المتحدة الأميركية لعام 2012 قد أوردت كلمة "الأمن الإلكتروني 12 مرة، فيما ذكرت الموازنة الأميركية للعام الحالي عبارة"الأمن الإلكتروني"147 مرة. وبين أن هناك 31300 مجلة أكاديمية وإعلامية متخصصة في الإرهاب الإلكتروني، مع أن هذا الإرهاب لم يؤدِ حتى الآن إلى سقوط ضحية واحدة. بيد أنه أكد أن الاهتمام المتزايد بالأمن الإلكتروني لا يترافق مع تعميق المعرفة بهذا الموضوع الذي لا يزال غير مفهوم بشكل جيد.

واعتبر أن التهديدات الإلكترونية كثيرة إلى درجة لا يمكن التحصّن ضدها كلها، ولاسيما أن بعضها يأتي من داخل المؤسسة أو الكيان نفسه وليس من خارجه. ورأى أن السبيل الأساسي لمواجهة هذه الأخطار لا يتمثل في التركيز الكامل على أدوات الدفاع وطرق التحصين والوقاية منها، وإنما في تعزيز"المرونة" التي تسمح للفرد أو للمؤسسة، أن يستعيدا فعاليتهما بسرعة بعد تعرضهما لهجمة من هذا النوع.