حقيقة "دوران الأرض"

اعتبر علماء وباحثون في علوم الفلك أنَّ القول بعدم كروية أو دوران الأرض، أمر لا يقول به عاقل، كونه أمرًا بديهيًا في طور المسلمات لا الفرضيات.

وفي الوقت الذي أكّدوا فيه أنَّ كروية ودوران الأرض حقيقة علمية، دعوا إلى عدم التعدي على العلم، ونسبة اجتهادهم إلى الله ورسوله وشريعته.

كما حذروا من الاستماع إلى نظريات من وصفوهم بأنهم يعانون خللاً في الفكر والعقل، والذين يظهرون التعارض بين كتاب الله المسطور وكتابه المنظور، مؤكدين أنَّ المشكلة الحقيقية تكمن في أنَّ البعض لا يعترفون بجهلهم فيفتون بأي شيء.

كان أحد الدعاة قد أكد، خلال محاضرة له أخيرًا، أنَّ ما عليه علماء الإسلام أنَّ الأرض ثابتة لا تدور بعكس ما يذهب إليه العلم الحديث، موضحًا أنَّ هذا هو مقتضى النصوص الشرعية والعقل، ساردًا عددًا من نصوص القرآن والسنة رأى فيها دليلاً على ثبات الأرض.

في السياق ذاته، حثّ علماء وفقهاء الدعاة على التعلم مما تركه أئمتنا في الفقه، والذين لم يتحرجوا عن قول "لا أدري".

بداية، استنكر الباحث في علوم الفلك، المشرف العام للقبة السماوية في الشارقة، إبراهيم الجروان، هذا الأمر، مضيفًا أنه يتنافى ومسلمات وحقائق علمية، لا فرضية.

واعتبر أنَّ المثال الذي استند عليه الداعية في محاضرته لا يتكئ على دليل علمي، مضيفًا أنَّ كل ما يتعلق بالغلاف الجوي تحكمه قوانين الجاذبية.

وتابع: "الدليل على حركة الأرض الليل والنهار، والفصول الأربعة، وتحركات التيارات الهوائية.

من جانبه، أشار المستشار الديني لديوان ولي العهد، الدكتور فاروق حمادة، إلى وجود من ينكر حقائق الأشياء، معتبرًا أنَّ الدخول مع هؤلاء في نقاش أمر لا يجدي.

وأشار أنَّ الذي أجمع عليه علماء الأمة وغيرها من الأمم أنَّ الأرض كروية، تدور بل تسبح في فلك، كما قال رب العزة: "وكل في فلكٍ يسبحون"، ثم استشهد بقول الله تعالى: "وترى الجبال تحسبها هامدة، وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء"، مؤكدًا أنَّ علماء المسلمين كابن حزم وابن رشد أكدوا أنَّ الأرض كروية قبل أنَّ يقول ذلك علماء الأمم الأخرى.

وتابع: "وعندما امتلك الغرب ناصية هذا العلم واستكشفوا الفضاء من حولنا وصوروا الكرة الأرضية بما لديهم من إمكانات علمية، أصبح الدليل قطعيًا، بل إنَّ علماء الفلك يكتشفون كواكب جديدة، وكلما تطور العلم ازدادت الاكتشافات من جديد، وهناك كواكب تولد وتدور ويدار حولها، فالكون يتسع ولا يعلم منتهاه إلا الله، ودوران الأرض أصبح مسألة قطعية".

ووصف فاروق حمادة الدعاة الذين يزعمون بأنهم على علم بكل شيء، أو يستندون لرأيهم فقط، بالتعدي على العلم، داعيًا إياهم إلى عدم الافتراء على الله ورسوله وشريعته؛ لأن الله خلق لنا هذا الكون المنظور وأنزل على رسله الكتاب المسطور، ولا يمكن أنَّ يكون بينهما تعارض، وإنَّ حدث التناقض فهو في فكر وعقل الشخص نفسه، فلا تعارض بين كتاب الله المسطور وكتابه المنظور، والمشكلة الحقيقية هي أن البعض لا يعترفون بجهلهم فيفتون بأي شيء.

وفي السياق ذاته، دعا مفتي الديار المصرية، الدكتور شوقي علام، الدعاة إلى التعلم مما تركه أئمتنا في الفقه، والذين لم يتحرجوا عن قول لا أدري.

وأوضح أنَّ الإمام مالك رضي الله عنه وهو إمام دار الهجرة، وهو من هو في علمه وورعه، سئل في 40 مسألة، فأجاب في 36 منها بلا أدري، وأفتى في 4 فقط.

وطالب الدعاة بأنَّ يردوا ما أشكل عليهم لأهل العلم والاختصاص، وألا يتصدوا للرد على أسئلة الجمهور بذكر آراء معينة وأنَّ يتركوا ما ذهب إليه العلم، لاسيما أنَّ كان هناك ما يعضد ما وصل إليه العلم في القرآن والسنة النبوية المطهرة، وليس هناك ما يشين أي عالم أو داعية إنَّ أحال الإجابة إلى أهل الاختصاص.

وأشار فضيلته إلى أنَّ العلماء والثقاة من المسلمين وغيرهما، أكدوا كروية الأرض، وأنها تدور حول نفسها، وحول غيرها من الكواكب، وتم اكتشاف وكواكب أخرى، وتعاقب الليل والنهار، وهذه أصبحت حقيقة علمية، والتصدي لأسئلة من هذه النوعية وغيرها تستوجب الرجوع إلى أهل العلم في هذا المجال، والذين يملكون الدليل على إثبات ما رأوه.

وأكد مفتي مصر أنَّ الرجوع في العلوم المتخصصة، يجب أنَّ يكون لأهل العلم والاختصاص، مصداقًا لقول الله تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إنَّ كنتم لا تعلمون"، وإنَّ توصل أهل الاختصاص لحقيقة علمية أو كونية ثابتة، نتفق معهم في آرائهم، بشرط ألا تتعارض نظرياتهم مع شريعتنا الإسلامية، وأنَّ يكون هناك الدليل القطعي عليها، ودوران الأرض أصبح حقيقة علمية، ولا جدال فيها، وهناك مثال يتعارض مع شريعتنا ألا وهو نظرية النشوء والارتقاء، وأصل الإنسان وغيرها لا تتفق مع شريعتنا ولا نؤمن بها لتعارضها مع الشريعة.

ودعا الدعاة إلى الاعتصام بالله تعالى وبكتابه وسنة نبيه، وأنَّ يكون الداعية هينًا لينًا، ويدعو الناس بالحسنى، وأنَّ يفهموا الواقع الذي يعيشونه، ويراعو البلاد التي يعيشون فيها وواقعها، مادام لا تتعارض مع شريعة الله.