ميساء جلبوط

أصدرت الرئيس التنفيذي لمؤسسة عبدالله الغرير للتعليم، ميساء جلبوط ورقة بحث عنوانها :" هل تؤدي الفوضى في التكنولوجيا إلى توسيع أو إغلاق فجوة المهارات في الشرق الأوسط و شمال أفريقيا؟" والتي تناقش فيها إمكانية أن تساعد تكنولوجيا التعليم في إعداد الشباب العربي للتأقلم مع متغيرات طبيعة الأعمال، واكتساب المهارة الأكثر أهمية في القرن الحادي والعشرين: التعليم في سبيل التعلم، و قد تم نشر ورقة البحث من قبل معهد بروكينغز المروموق للأبحاث، باعتبارها ورقة بحث مستقلة، و التي اعدتها ميساء جلبوط بصفتها زميل غير مقيم في مركز التعليم العالمي.

تم تعيين ميساء جلبوط رئيسًا تنفيذيًا لمؤسسة عبدالله الغرير للتعليم، وهي إحدى أكبر المبادرات التعليمية الخيرية الممولة من القطاع الخاص في العالم العربي، وتكرس المؤسسة جهودها لتزويد الشباب العربي بالمعرفة والمهارات التي يحتاجونها لتحقيق ما يصبون إليه وأن يكونوا قادة المستقبل في المنطقة. حيث تهدف برامج المؤسسة إلى توفير فرص حقيقية للشباب العربي، من خلال منح دراسية تستهدف المتفوقين من الطلبة الإماراتيين والعرب الذين لم تسعفهم الظروف لمتابعة تحصيلهم العلمي.

و جاء في ورقة البحث أن ما يعيشه الشباب العربي اليوم بسبب الصراعات التي تشهدها المنطقة مثير للقلق بشكل كبير، فهناك جيل من السوريين والعراقيين والليبيين والسودانيين واليمنيين من دون تعليم، وقد فقدوا مستقبلهم بسبب الصراعات المستعصية، ولا بد هنا من ذكر أن الشباب العربي يشكلون ديموغرافيا كبيرة في منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا، وبدل من أن يُنظر إلى هذا الكم من الشباب على أنه نعمة في المنطقة، ينظر إليهم على أنهم عبء عليها، وقليل من القادة أدركوا أنه لا يمكن معالجة الحرمان أو اقتلاع التطرف من غير تهيئة الفرص وغرس بذور الأمل لدى هؤلاء الشباب.

و ذكرت ورقة البحث بأنه تم إحراز تقدم هام في مجال التعليم في العالم العربي خلال السنوات الخمس عشرة الماضية؛ حيث ازداد معدل فرص الحصول على التعليم الابتدائي بنسبة 10%، وتعليم فئة الشباب ومحو أمية الكبار بنسبة 22%، إلى جانب تحقيق قدر أكبر من المساواة بين الجنسين في التعليم الابتدائي في العديد من البلدان.

و أشارت ميساء جلبوط إلى أنه بالرغم من أهمية هذه المكاسب، إلا أنها لم تكن كافية لتحقيق مخرجات التعليم المرجوّة والمهارات التي يتطلبها سوق العمل. وقد سجّل مقياس التعلم في العالم العربي (بروكينغز 2014) أن 50% من الأطفال في المدارس ليس لديهم المعايير الأساسية في تحقيق الكفاءة الدولية في القراءة والكتابة والحساب.

وفي نفس الوقت، يعتقد أرباب العمل في القطاع الخاص في المنطقة بأن تدني نوعية التعليم هو السبب في عدم تطابق المهارات مما يشكل عائقاً أمام النمو الاقتصادي (منظمة العمل الدولية 2015)، وقد حددت ورقة العمل هذه الأسباب ليكون هناك قدر من التفاؤل يتم البناء عليه، فهناك في كل بلد من منطقة الشرق الأوسط يسعى الشباب العربي ورجال الأعمال والناشطين من المجتمع المدني وغيرهم، إلى إحداث تغيير إيجابي لكل من الشباب ومجتمعاتهم المحلية من خلال المبادرات التعليمية المبتكرة، وقد ساعدت بعض الحكومات أيضاً في تحقيق تقدم هام لشبابها، ونحن نشهد في الوقت الحاضر أكثر من أي وقت مضى تخريج المزيد من الشباب من المدارس والبرامج الثانوية والجامعية (البنك الدولي 2015)، و في بعض البلدان سبقت الشابات الشبان في تحصيلهم التعليمي ومعدلات إتمام المراحل التعليمية (اليونسكو 2015)، والعديد من الدول خاصة دول مجلس التعاون الخليجي ملتزمة بإصلاح التعليم، وبالتالي هي تبذل استثمارات كبيرة لتطوير نظمها التعليمية.
وعلاوة على ذلك، فإن عدداً متزايداً من القادة في العالم العربي بدؤوا يدركون بأن الإصلاح التدريجي للتعليم ليس كافياً ، فقد أثر التطور السريع لتكنولوجيا المعلومات في عصر المعلومات، و خلق عالماً من الأعمال يختلف جذرياً عما كانت المنطقة تعدُّ شبابها له (كاستيلز 2011)، و تبرز ورقة العمل الاتجاهات الخمسة الأساسية التي تشير إلى وجود فرصة كبيرة للعالم العربي في استخدام التكنولوجيا المتطورة في صناعة التقدم التعليمي.
 
 
 
ويمكن تلخيص الاتجاهات الخمسة التي ذكرتها ورقة البحث على النحو التالي:
1-    إن ضمان حياة أطول يتطلب جيلاً من الشباب يخطط لسنوات أكثر من العمل، وبالتالي هذا يتطلب منهم أن يصبحوا متعلمين على مدى الحياة و مطلعين على تطور التكنولوجيا، وأن يكونوا منفتحين وشفافين ومنضبطين.
2-    إن الأتمتة التي طرأت على الأعمال وضعت حداً للوظائف التقليدية، فهناك حاجة إلى تطوير فرص العمل لذوي المهارات العالية، وتعزيز المهارات التنفيذية مثل طرق التواصل وحل المشكلات.
3-    لقد أدى الانتشار الواسع الذي شهده مجال تحليل البيانات إلى ارتفاع الطلب على ترتيب المهارات التحليلية العليا و الطرق المتقدمة لمحو الأمية الرقمية، إلى جانب تعزيز نقاط القوة في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وبرمجة الكمبيوتر.
4-    إن ظهور أشكال جديدة من وسائل ومنصات الإعلام أدى إلى تغيير لطبيعة التعليم، وإلى تغيير في فهمنا لكيفية تعلم الأطفال من خلال ألعاب الحاسوب والرسوم المتحركة، وغيرها من أنواع الشبكات الافتراضية تتطلب شكلاً جديداً من التعليم وتشجيع نماذج جديدة للتعاون والتواصل.
5-    وكما أن طبيعة العمل تتغير، فلا بد أن تتغير هياكل المؤسسات أيضاً، والتي تتحول لتكون أكثر ترابطاً، وبالتالي أكثر تنوعاً وفاعلية في إنجاز الأعمال، الأمر الذي ينتج عنه مرونة وفرص أكبر، وهذا بدوره يعني أنه من المتوقع أن يصبح العمال أكثر قدرة على التكيّف مع بيئات العمل المتغيرة، والتي لديها الوعي لمختلف الثقافات ومعرفة كيفية العمل والتواصل من خلال البيئات الافتراضية.

وتم إطلاق مؤسسة عبدالله الغرير للتعليم بشكل رسمي في شهر يوليو-تموز 2015، وذلك من قبل أحد أكثر رجال الأعمال مكانة و احتراماً في دولة الإمارات العربية المتحدة، و هو عبد الله أحمد الغرير، و يعتبر إطلاق مؤسسة عبدالله الغرير للتعليم من أكبر المبادرات التعليمية الخيرية الممولة من قبل القطاع الخاص في العالم العربي، و تعمل هذه المؤسسة على تجهيز الشباب العربي بأدوات المعرفة و المهارات التي يحتاجونها في الحياة العملية، و مساعدتهم على تحقيق طموحهم ليكونوا قادة المستقبل في المنطقة، و يهدف برنامج مؤسسة عبدالله الغرير للتعليم إلى توفير فرص حقيقية من خلال برامج المنح الدراسية التي تستقطب الطلاب المتفوقين الذين لم تسعفهم الظروف في متابعة مسيرتهم العلمية ،و ذلك في دولة لإمارات العربية المتحدة و المنطقة العربية عموماً.
إن مؤسسة عبدالله الغرير للتعليم،هي كيان مسجل قانونياً، و لها ملكية ثلث مجموعة شركات عبد الله أحمد الغرير بما في ذلك أصولها وعوائدها وأرباحها، و قد تم تعيين مجلس أمناء للمؤسسة برئاسة معالي عبد العزيز عبدالله الغرير الرئيس التنفيذي لبنك المشرق ، و هو إبن عبدالله أحمد الغرير.
و تسعى المؤسسة إلى توفير فرص الحصول على التعليم الجامعي للمتفوقين من العائلات محدودة الدخل في الإمارات والعالم العربي، حيث تعمل على توفير منح دراسية جامعية لما يزيد عن 15 ألف طالب و طالبة خلال المرحلة الأولى لعملها التي تمتد على السنوات العشر القادمة،و ذلك بميزانية أولية تقدر بـ 4.2 مليار درهم ،على أن تتلوها مراحل لاحقة وفق الخطة الاستراتيجية للمؤسسة.
و تعمل المؤسسة على تحقيق شراكة مع أفضل المؤسسات التعليمية في المنطقة والعالم ، بالإضافة إلى خلق شراكات مبتكرة لضمان فرص متعادلة و متوازنة ضمن عملية التعليم في جميع أنحاء المنطقة ، إلى جانب تعزيز برامج الدرجات الأكاديمية التي تلبي احتياجات الاقتصادات المحلية و الإقليمية.
و تسعى مؤسسة عبدالله الغرير للتعليم إلى تمكين شباب اليوم من كتابة قصة عربية جديدة في مجال التعليم ،و ذلك من خلال البرامج التعليمية التي صممت خصيصاً لتلبية احتياجات جيل الشباب، و إعدادهم لرحلة الدراسة الجامعية و العمل و الحياة، و تركز المؤسسة على ثلاثة برامج مصممة خصيصاً للشباب العربي، و هي: برنامج الغرير للمفكرين الشباب و برنامج الغرير للمنح الدراسية في مجالات العلوم و التكنولوجيا و الهندسة و الرياضيات STEM و برنامج الغرير لمنح التعليم المفتوح، و تقوم المؤسسة أيضاً بالعمل مع المجتمع التعليمي الإقليمي والدولي لرفع الوعي للحاجة المتزايدة للاستثمار الخيري الخاص في مجال التعليم.