علّمي رضيعك مهارات متعددة أثناء اللعب

نكتشف معًا هذا الشهر سلسلة من الألعاب التعليمية للملائكة الصغار. قد تتساءلين ما علاقة التعلم باللعب، وهل يمكن للطفل الرضيع أن يتعلم شيئًا؟ إن كنت كذلك، فاعلمي أن التعلم يبدأ من اللعب وأن الرضيع يمكنه أن يبدأ بالتعلم من لحظة ولادته. والتعلم لا ينحصر في الحروف والأرقام، لكنه بالأساس يكمن حول الفهم: فهم كيفية عمل الأشياء وكيفية ارتباطها ببعضها البعض. ولا تكمن فائدة التعلم في معرفة معلومة واحدة أو أكثر وإنما تتمحور حول عملية التعلم وتمكننا من الوصول لها وفهم تلك المعلومة. إن كنت تنظر للتعلم على أنه عمللية متتالية فعليك أن تدرك مدى قدرة الصغار على التعلم واكتساب الخبرة يومًا بعد يوم. وبما أن اللعب هو سلوك طبيعي لأي طفل، فإن الأطفال يتمكنون من التعلم أكثر من الكبار.
 
لا يختلف عما سبق الأطفال الرضع، ففي جميع أنحاء العالم يمتلك الرضع السلوك نفسه، لذلك تجدينهم يحاولون لمس كل شيء ويحاولون وضعه في أفواههم. في هذه المرحلة يتعلم الصغار من خلال حواسهم الخمسة، وعبر اليد والفم والعين والأذن والأنف يكتشفون العالم من حولهم، وتراهم يحبون اللمس والتذوق، ويحركون رؤوسهم صوب كل صوت مألوف أو جديد. في عمر الشهرين يحبون التفاعل مع الآخرين، وفي هذا العمر يغدو اللعب مختلفًا عن لعب الأطفال الأكبر عمرًا ويرتكز بصورة أساسية على التفاعل المتبادل بينك وبين طفلك.
 
(اقرأى أيضاً: دليل الألعاب للرضع و الأطفال فى أول سنة)
ماذا يتعلم الصغار وكيف؟

في العام الأول يبدو كل شيء للصغير جديدًا، وعبر هذا العالم الجديد يكمن الاستكشاف. في عمر التسعة أشهر، يجب أن يكون طفلك قادرًا على فهم السبب والتأثير  والأشياء وكيف توجد عندما يراها وهو ما يمكن أن ندعوه بقاء الأشياء واستمرارها. 
عند تحريك الشخشيخة أمام عينيه ذهابًا وإيابًا بما يلفت نظر الطفل فيحرك عينيه ليتابع حركتها وهو ما نسميه التتبع. وفي حين يبدو ذلك الأمر بسيطًا بما فيه الكفاية، فإن طفلك يستطيع التعلم من خلال هذه العملية، والخطوة الأولى هي بناء مهارات طفلك البصرية.
بمجرد إعطائك الشخشيخة لطفلك ستجدين أنه يقلد حركتك ويحاول تقليدك. الملاحظة تأتي بالتقليد والمحاكاة وهي واحدة من وسائل تعليم الأطفال على استخدام الأشياء الجديدة. يبدأ طفللك في التعلم حول السبب والتأثير عندما يحرك الشخشيخة (السبب) فيصدر الصوت (التأثير).
يتعلم الصغار أيضًا تطوير المهارات والتنسيق بين العين واليد (وهي مهارة لازمة للطفل بعدما يكبر وينتج عنها تعلم تناول الطعام وممارسة الكتابة والرسم) إذ يرى الصغير الشخشيخة ويحاول تحريكها ويناولها من يد إلى أخرى مما يساعده على الربط بين فصي الدماغ الأيمن والأيسر أيضًا.
إذا أمسكت بشخشخيتين وبادلت تحريكهما في الوقت الذي توقفين فيه واحدة فإن هذا يسمح لطفلك بـ نقل نظراته بين شيئين وهو ما يساعده في تنمية مهارات التركيز.
بمجرد تفاعلك مع طفلك في لعبة بسيطة كهذه، فإنه يتعلم الحوار والحديث منك وينتظر لليجيب بالضحك والمناغاة. إن هذا الحوار هو ما يضع الأساس للغة إذ يستمع لك وأنت تتحدثين معه.
أكثر ما يتعلمه الصغار في هذا العمر هي الأشياء. دون الملاحظة لا تعلم فالتعلم مبني على أساس عملية تعلم كاملة بناءً على ملاحظتك وتقليدك وفهم ما تفعلينه بالأشياء اللافتة لنظره كالشخشيخة وغيرها.
(اقرأى أيضا: للرضع تمارين بسيطة وضرورية)

ما هي الألعاب التي يمكن للطفل أن يلعب بها؟

يمكنك استخدام البحث اليسير عن الأشياء للعب بها مع صغيرك. في عمر الثلاثة أشهر الأوائل، يتمتع الصغير بالألعاب التي تتسم بـ تناقض كبير في الألوان. اختاري شخشيخة بلونين متبانين على سبيل المثال. وبين عمر ثلاثة أشهر إلى ستة، يبدأ صغيرك في الوصول للأشياء والإمساك بها، والانجذاب نحو الألوان الزاهية والألعاب التي تُحدث أصواتًا عند حركتها. وسيبدأ في الإمساك بكل ما يراه ربما حتى شعرك وملابسك. وفيما يلي بعض الألعاب التي تستهوي الأطفال في هذا العمر وكيفية استخدامها.
من المهم أن تتذكري أن تحذي حذو طفلك في اللعب، فهي تجربة ممتعة لكليكما. وبمجرد بدؤ طفلك في النظر بعيدها أو الدفع أو النشيج فهذه علامة نهاية اهتمامه بهذه اللعبة واكتفائه باللعب بها عند هذا القدر وأنه يريد شيئًا آخر أو ربما يريد النوم والاسترخاء.
المرايا: عظيمة لوقت من اللهو الجميل. أحضري مرآة يمكن لطفلك الإمساك بها دون أن تؤذيه وضعي الطفل على الأرض أو أمامها. ستجدين أنه تواق لتحريك رقبته للأمام والنظر فيها والدوران حول نفسه. إنها طريقة مرحة لتقضي بعض الوقت الممتع مع طفلك. يمكنك أيضًا وضعها أمام المرآة وجعلها تشير لنفسه بما تتجاوب بها مع المرآة واللعب حولها.
اكتشاف الملمس: وهي طريقة أخرى للعب والتعلم. يمكن شراء لوحين أحدهما خشن صلب والآخر ناعم. يمكنك صندوق قديم بقطع مختلفة من الأقمشة ومشاهدة ردة فعل طفلك في اكتشاف القطع ولمسها. تحدثي معه عن شعوره بالقطع والألوان المختلفة وتأكدي أن تكون القطع كبيرة بما لا يجعله يضعها في فمه ويبلعها.
الدوران: وهي لعبة مهمة للتنسيق بين العين واليد والتطور الجسدي، وهي ممتعة أيضًا. يمكن لصغيرك أن يبدأ بالدوران بين 8 إلى 18 شهرًا. ويمكنك اللعب بدوران الكرات الكبيرة والصغيرة. يمكنك أيضًا ملء زجاجة مياه فارغة بماء ملون مع بعض القواقع أو أي شيء يظهر في الماء وترجيها أمامه. إن كان طفلك صغيرًا فقد يطلب منك أن تعيدي اللعب ورج الماء وأن كان أكبر عمرًا بقليل فقد يزحف هو نحوها ليراها ويحركها بنفسه.
الموسيقى: وهي فكرة عظيمة لجميع الأطفال. الاستماع للموسييقى مرتبط بزيادة القدرة على التفكير المنطقي في عقل الطفل. الطبلة والموسيقى الجذابة هي التي يمكن أن تجذب أذنه وتلفت انتباهه. يمكنك إعطاء الصغير شخشيخة أو تظهري له كيفية التصفيق أو الدق على صندوق فارغ كأنه طبل.
أنت: ستظلين أنت المعلمة الأولى وأهم أداة تعلم للصغير. يمكنك توفير الجذب والتواصل التي يحتاجها الصغير. التحدث معه والغناء له يساعده على اكتساب اللغة والتعبير عن المشاعر والتطوير الاجتماعي والمعرفي. وجههك شاشة لا تنتهي من التعبيرات التي يتعلمها ويتقلدها ويتعلم منها معنى التواصل الاجتماعي. أما أفعالك فهي النموذج الذي يُحتذى لكيفية التعامل والتصرف. ويظل أهم تلك الأدوات أن تعرفين طفلك لأنك أكثر من يعرفه وأكثر من يستطيع أن يعطيه ما يحتاجه في الوقت المناسب.
احرصي دائمًا على التأكد من إعطاء لعب آمنة للصغير بحيث لا يمكنها أن تؤذيه. لا تقدمي له إلا لعبًا قليلة العدد في المرة الواحدة وبدلي بينها في كل مرة أو عبر بضعة أسابيع لتحافظي على اهتمام طفلك. أتمنى أن يكون هذا المقال قد منحك فكرة حول كيفية تعليم الطفل خلال السنة الأولى وما الذي يتعلمه فيها.
معلومات شيقة
(اقرأى أيضاً: قواعد سلامة الرضع عند اللعب)

لماذا يُعد التواصل الشخصي بين الأطفال مهمًا؟

وفي دراسات حول بعض أطفال مؤسسات الرعاية الاجتماعية ممن يحصلن على عناصر الرعاية الأساسية اللازمة والضرورية كالرضاعة والتنظيف والنوم، لكنهم لا ينالون أي رعاية ولا تواصل اجتماعي من المشرفين عليهم، ثبت أن هؤلاء الأطفال قد أظهروا تأخرًا في نموهم العقلي والانفعالي أكثر من الأطفال الآخرين الذي حظوا بعائلة وتلقوا الرعاية العاطفية الواجبة. ويظهر التأخر في خبرة الطفل لغويًا وفي قدراته المعرفية ونموه. وقد أظهرت تلك الدراسات مدى أهمية التواصل الاجتماعي بين الأهل والأطفال وأن له عاملًا كبيرًا في نمو هذا الطفل وتطوره وصولًا إلى سن الشباب المبكر.