30 الف حالة زواج مقابل 7300 حالة طلاق في دمشق خلال عام واحد

كشف القاضي الشرعي الأول في دمشق محمود المعراوي بحسب الاحصائيات الموجودة في المحكمة الشرعية،  عن ازدياد ملحوظ في أعداد دعاوى الطلاق على اختلافها، ففي سنوات سابقة للأزمة كانت المحكمة توثق 3 آلاف حالة طلاق في العام الواحد لكنها تزايدت خلال الأزمة لتصل إلى 7300 حالة العام الماضي، بالمقابل كان عدد عقود الزواج قبل الأزمة يتراوح بين 12 إلى 15 ألف عقد في العام، لكنه وصل العام الماضي (2015 )إلى 30 ألف عقد، ما يؤكد ازدياد حالات الزواج أيضاً.

وأكد المعراوي "كانت نسبة الطلاق إلى الزواج 26 % عام 2010، لكن لا يمكن الحديث عن نسبة دقيقة اليوم دون الرجوع إلى المحاكم على امتداد القطر لفهم الواقع تماماً، ولا ننسى صعوبة الحصول على بعض الوثائق في هذه الظروف، مع الضغط السكاني على محكمة دمشق، وتوقف العديد من المحاكم في الأرياف عن العمل"، تكثر التفاصيل في موضوع الطلاق لكن ما يتم منه عن طريق المحكمة له أكثر من طريقة، منها أن يتقدم الزوج أو وكيله بمعاملة طلاق إداري ثم ترسل وثيقة الطلاق إلى السجل المدني أو يحصل الطلاق خارج المحكمة فترفع الزوجة دعوة لتثبيته، وقد تكون الزوجة مفوضة بطلاق نفسها فتفعل ذلك خارج المحكمة ثم ترفع دعوة تثبيت طلاق أو تتقدم بمعاملة طلاق إداري وتطلق نفسها، أما أكثر نسب الطلاق شيوعاً فهو ما يتم برضا الطرفين أو ما يسمى "المخالعة"، ويليها مباشرة دعاوى التفريق التي يرفعها أحد الزوجين، وهي أنواع أيضاً لكن أكثرها ما يكون للشقاق والضرر ثم الغياب أو المرض، والمستغرب هنا أن المحكمة لا تطلع على أسباب الطلاق دائماً، ولذلك مبررات كما يقول المعراوي منها مثلاً أن المخالعة تحدث خارجها، وما يجري لاحقاً هو تثبيت الطلاق إدارياً، لذلك لا ضرورة لمعرفة أسباب الطلاق أو السعي بالصلح، لأن المخالعة حدثت وهي طلاق بائن لكن لو طلب الطرفان إجراء مخالعة عن طريق المحكمة، فيمكن للقاضي هنا أن يتدخل للصلح بينهما، تالياً يتاح له معرفة الأسباب.

ويشرح المعرواي : "في دعاوى التفريق للشقاق يتم تعيين حكمين للاستماع إلى الزوجين ومحاولة الإصلاح بينهما، لكن حفاظاً على سرية الخلافات الأسرية وعدم نشرها أمام العامة، أعفى القانون الحكمين من ذكر أسباب الخلاف، ويمكن لهما أن يذكرا في تقريرهما عبارات مثل "كامل الإساءة"، "إساءة مشتركة"، "إساءة من أحد الطرفين"، وإن كان هذا لا يمنع القاضي من السؤال عن ذلك، أفرزت الأزمة المستمرة أسباباً جديدة للطلاق وساهمت في إظهار أسباب كانت كامنة، منها ما هو اعتيادي كسوء خلق أحد الزوجين أو الاختيار الخاطئ أو وجود مصلحة معينة للزواج. أما الأسباب الجديدة فأهمها الهجرة كما يوضح القاضي، فقد يرغب أحد الطرفين بالسفر على عكس الآخر،  وهناك حالات لم الشمل، وهي كثيرة هذه الأيام ولا سيما لدى الشباب الذي يتزوجون ويسافرون بناء على ذلك، لكنهم ينسون ارتباطها بسياسة الدول ومصالحها وحين لا يحصل لم الشمل، يكون الطلاق".

وأوضح المعراوي: "سمعت عن نماذج أخرى منها أن يتأثر أحد الطرفين الذي أتيح له السفر بنمط الحياة الجديد والمختلف عن عادات وتقاليد المجتمع السوري، فيرفض فكرة لم الشمل ويطالب بالطلاق، وهو ما تكرر أكثر في ظروف سفر الزوجة والأولاد على اعتبار أن حصولها على اللجوء أسهل من الرجل، وقد حصل هذا حتى مع وجود الزوجين معاً في دول أخرى، ومن المؤلم أن تكون ظروف الحرب سبباً للطلاق، لكن الكثير من العائلات السورية عايشت ذلك، حيث كان اختلاف الرأي بين الزوجين ووجهة نظر كل منهما تجاه ما يحدث مسبباً للعداء، ولا سيما في الحالات التي تطور الأمر فيها إلى درجة وجود سلوكيات وأفعال، جعلت الطرف الثاني خائفاً على نفسه وأولاده حسبما يقول القاضي، وتبعاً للظروف الاستثنائية الحالية، كثيراً ما حصل الطلاق بسبب الفقدان، فهناك أزواج مفقودون أو مخطوفون أو انقطعت أخبارهم، لذا كانت الزوجة تتقدم بدعوى تفريق للشقاق بعد مرور شهر على فقدان الزوج، لكن في الأحوال الطبيعية يطلب منها الحكمان الانتظار عاماً قبل أن تتقدم بدعوى التفريق للغياب. ومن بين ما سبق تأتي حالات الانحلال الخلقي لتكون السبب الأظهر للطلاق خلال الأزمة".

وكشف المعراوي: "نتيجة انتشار وسائل قطعت العلاقات الاجتماعية، يكتشف أحد الطرفين وجود علاقات أو مراسلات مع آخرين، حتى إن نسبة كبيرة من معاملات الطلاق الإداري كانت بسبب الانحلال الخلقي، بدءاً من المصادقة وانتهاءً بجرم الزنا، وللتخفيف من ازدياد حالات الطلاق، حاول القاضي الشرعي الأول الاستفادة من مراكز الإصلاح الأسري المتاحة، والتي ربما لم يسمع بها السوريون من قبل منها مركز "قيم" التابع لوزارة الأوقاف، للإصلاح بين المتخاصمين ومنهم الأزواج، دون اللجوء للقضاء، وهناك مركز "إعفاف" التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية"، مضيفًا:"أتمنى توسيع هذه الفكرة ونشرها في المحافظات حتى إنني قمت بتطبيقها مع 4 حالات لأزواج تقدموا بمعاملة الطلاق للمحكمة، وقلت لهم لن يتم الطلاق إلا بعد الحصول على كتاب من المركز يؤكد استحالة التفاهم والاستمرار، وسيكون لهذه الخطوة دور كبير بتخفيض نسب الطلاق، حتى إن دورها يمكن أن يكون وقائياً وليس علاجياً فقط بحيث تتم زيارتها قبل الزواج لاتباع دورات تأهيلية بأسعار زهيدة جداً"