غنى فتاة لبنانية شابة لم تتجاوز الـ23 سنة من عمرها، منفتحة ولا تعير نظرة المجتمع لها أيّ أهمية، هي تؤمن بأنّ «حياتي الخاصّة تعنيني وحدي والله وحده يدينني»، ولكنّ هذه الفتاة التي لا تجد مانعاً أبداً في ممارسة الجنس مع من تحبّ، وقد أغرمت برجل ذات عقلية شرقية متشدّدة «شرف الفتاة بالنسبة له يكمن في عذريتها وفي غشاء بكارتها». في المرحلة الأولى من لقائهما إعتقدت بأنّها قد تتمكّن من إقناعه بأنّ «العذرية لم تعد تعني شيئاً في أيّامنا هذه، ولكنّ تربيته الشرقية حالت دون تقبّله للأمر، وبالتالي لم أتمكّن من إخباره بأنّ لي تجارب جنسية سابقة». وبعد تفكير ملّي في الأمر وطلب المساعدة من صديقاتها قررت غنى اللجوء الى عملية جراحية لإسترجاع عذريتها «فقد أُغرمتُ به ولن يسعني التخلّي عنه بسبب عقلية تافهة، فلجأت الى العملية التي كانت مخرجي الوحيد». وغنى اليومَ إمرأة متزوّجة وسعيدة في زواجها «أحياناً أتألّم لأنني أخفيت حقيقتي عن زوجي وبنيت زواجي على كذبة، ولكنّ الكذب يفيد أحياناً خصوصاً في مجتمع فاسد يربط شرف الفتاة بأمر تافه كالعذرية». مجتمع شرقي... نسب متزايدة وقصّة غنى تشبه الى حدّ بعيد قصص العديد من الفتيات اللواتي يقررن الهروب من مواجهة الواقع. وعندما قررنا التطرّق الى موضوع العذرية والعمليات التي تُجرى لتتمكّن الفتاة من إسترجاع عذريّتها قبل زفافها وكأنّ شيئاً لم يكن، واجهنا الكثير من الصعوبات والعراقيل فالتكلّم عن هذا الموضوع الشائع في لبنان يعتبر أمراً محرّماً. ولكن «الجمهورية» تمكّنت وبفضل مصادرها الموثوقة من التوصّل الى المعلومات المتعلّقة بهذا الموضوع، حيث إلتقت بإختصاصي في الأمراض والجراحة النسائية والعقم، طلب عدم ذِكر إسمه نظراً الى «خطورة الموضوع»، أجابنا عن كلّ الأسئلة والاجوبة هذه كانت لا تزال حتّى الأمس القريب مبهمة. من الناحية العلمية تسمّى عملية إسترجاع العذرية «بالـhymenoplasty أو ما يعرف بترميم غشاء البكارة، وقد أدّت طبيعة مجتمعنا الشرقي الذي يفرض على المرأة أن تحافظ على عذريتها الى حين إقدامها على الزواج وبالتالي يمنع عيشها لتجارب جنسية، الى زيادة نسبة هذه العمليات بشكل ملحوظ». موانع إجتماعية وقانونية...لا طبية نعلم بأنّ القانون اللبناني والعقلية المجتمعية السائدة تمنع هذه العملية ولكن هل من موانع طبية أخرى؟ «عدا الالتهاب في المهبل، ما من أسباب طبية تمنع العملية خصوصاً أنّها لا تحتاج سوى الى بنج موضعي، وبالتالي يكون المانع إجتماعياً قانونياً لا أكثر»، أكّد الاختصاصي في حديثه لـ»الجمهورية» موضحاً «كون هذا الموضوع محرّماً في مجتمعاتنا ويُعتبر Taboo يمتنع الطبيب عن إجراء هذه العمليّة عندما يشعر بأنّها ستشكّل له إحراجاً في يوم من الأيام في حال إكتشف الزوج بأنّ زوجته قد عمدت الى خداعه وإجرائها، أو عندما يشعر بأنّ هذه العملية قد تكون سبباً للخلافات الزوجية في ما بعد». وقد نوّه الطبيب في حديثه الى أهميّة الثقة التي تُبنى بينه وبين المريضة في هذا المجال «حتّى لا يسبب ذلك مشاكل للطبيب الذي حاول مساعدة الفتاة لتتمكّن من الزواج ومن تأسيس عائلة إذا ما إكتُشف الأمر في يوم من الأيام». ... ونوعان من العملية وفي إطار الحديث عن العملية ونتائجها وإنعكاساتها النفسية والصحية، فرّق الطبيب المختصّ بين نوعين من العمليات وهي: • 1 - النوع الاوّل: القطبة البسيطة على الغشاء مباشرةً «في هذا النوع من العملية التي تعتبر بسيطة يضع الطبيب قطبة على الغشاء مباشرةً، قبل الشهر والنصف الى الشهرين من الزواج حيث تذوب القطبة ويرمّم الغشاء، وتتمّ في العيادة بواسطة بنج موضعي ولا تستغرق سوى ربع ساعة كحدّ أقصى، إلّا أنّه لا يمكن للفتاة إجراؤها إلّا قبل مرور سنتين على ممارستها الجنس». ولكن عندما تعود الفتاة الى منزلها وكأنّ شيئاً لم يكن «يمكن ان تفلت قطبة ما يؤدي الى نزيف بسيط يمكن تبريره بالدورة الشهرية». • 2 - النوع الثاني: عملية ترميم المهبل «النوع الثاني من العمليات والتي يمكن أن تتكرّر فتسمّى باللغة الطبية بالـposterior repair وهي عملية ترميم للمهبل، نخلق في هذه العملية نوعاً من غشاء البكارة ويمكن أن تجرى قبل سنوات من الزواج، يمكن للفتاة ان تلجأ إليها لو مهما مرّ من الوقت على ممارستها الجنس، وتكون في حاجة الى بنج عام وتستغرق حوالى الساعة من الوقت، ويُستحسن أن تجرى في المستشفى لكي لا ترتفع نسبة الإلتهابات والمضاعفات ما بعد العملية». وبالنسبة الى هذا النوع من العمليات التي تحتاج الى بنج عام ينصح الطبيب الفتاة بالبقاء 24 ساعة في المستشفى بعد خضوعها للعملية «إلّا أنّ 99 في المئة من الفتيات يرفضن لكي لا يُثرن الشكوك، ولذلك نعطيهن أدوية تخفف من الوجع وتعوّض نسبة الدم المفقود في العملية». تحت إسم مستعار ولكن بما أنّ هذه العمليات ممنوعة في لبنان ولا يحقّ للمستشفيات إجراؤها، فإنّ الطبيب يعطي إسماً مستعاراً لها «ويقول مثلاً إنّ الفتاة ستجري عملية لرفع المبولة أو أيّ عملية نسائية أخرى»، بحسب ما أكّد أحد الإداريين في مستشفى لبنانيّ معروف، تابع موضحاً «إلّا أنّ المستشفى يستفيد من خدماتها هذه، فتدرج المريضة في جناح خاصّ يكلّفها أموالاً طائلة». وعندما سألت «الجمهورية» الطبيب الاختصاصي عن كلفة العملية بغضّ النظر عن الكلفة التي تستقيها المستشفيات أجاب «تتراوح الكلفة بين الـ400 والـ600 دولار أميركي قد تصل أحياناً الى الـ1000 دولار بحسب الطبيب». غشاء جديد مضمون أمّا عن نتائج هذه العملية وفي ما إذا كانت مضمونة أم لا، أي بمعنى آخر في ما إذا كان الزوج سيتمكّن من إكتشاف كذبة زوجته فأكّد الطبيب «في 25 % من الحالات لا يسيل الدمّ بعد المجامعة»، موضحاً «ينجم الدمّ عن تمزّق شرايين الدمّ بعد تمزّق غشاء البكارة، ولكن أحياناً يتمزّق الغشاء ولا يسيل الدمّ بسبب عدم مرور شريان الدم في هذه اللحظة، وفي أحيان أخرى لا يتمزّق الغشاء بل يكون مطاطياً وبالتالي لا يسيل الدم». ولهذه الأسباب يمكن للمرأة ان تقنع زوجها بأنّها من النساء اللواتي لا يسيل لديهنّ الدمّ بعد المجامعة، «فمجالات الكذب واسعة في هذا الاطار، حيث تتكلّم المرأة بمنطق يقنع الآخرين وحتّى الطبيب». لا علاقة للعمر وبالنسبة الى الفئة العمرية التي تخضع أكثر الى هذه العملية فشدّد الإختصاصي «لا يمكننا ربط هذه العملية بمفهوم العمر، لأنّ عمر المرأة ليس المؤشر أو السبب الرئيسي لخضوعها الى هذه العملية وإنما الزواج هو العامل الاوّل الذي يدفع بها الى إجرائها، فإذا بلغت 37 سنة مثلاً ولم يتقدّم لها أحد للزواج ورغم كونها فقدت عذريتها فإنها لن تخضع الى العملية، وإنما من ستُجريها هي تلك التي ستتزوج من رجل بمفهومه وبطبيعة معتقداته يفرض على المرأة أن تكون قد حافظت على عذريتها وعلى غشاء البكارة لديها». وفي الختام، لا يسعنا سوى التأكيد على أنّ هذه العمليات موجودة في لبنان وبنسب مرتفعة جدّاً في أوساط الفتيات اللواتي لا يستطعن مواجهة مجتمعهن ومعتقداته وعقليته التي تفرض عليهنّ الحفاظ على عذريتهنّ الى حين زواجهنّ، ولكن منهنّ من لا يلجأن الى طبيب إختصاصي بل الى مجرّد «داية» تجري العملية في ظروف غير آمنة طبّياً ما قد يؤثّر سلباً في حياتهن.