عمان - صوت الامارات
يلتبس على البعض المفهوم الخاص بجرائم "قتل النساء والفتيات لكونهن نساء" وهو يختلف تمامًا عن جرائم القتل التي ترتكب ضد الأشخاص سواء أكانوا ذكورًا أم إناثاُ. فجرائم قتل النساء يقصد بها تلك الجرائم المرتكبة عمدًا ضدهن كونهن نساء، وكان يشار إلى هذه الجرائم قديمًا على أنها جرائم "قتل الإناث" أو جرائم "وأد البنات" أو جرائم "القتل الممنهج للإناث".
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" إلى أنها تقف بقوة ضد مختلف جرائم القتل التي يقع ضحيتها الذكور والإناث على حد سواء، كجرائم القتل غير المقصود بسبب الحوادث المرورية أو بسبب إطلاق الأعيرة النارية، أو جرائم القتل العمد لغايات السرقة مثلًا. وإن الأرقام التي أوردتها "تضامن" في بيانات سابقة حول عدد جرائم قتل النساء والفتيات والبالغة 28 جريمة منذ بداية العام الحالي حتى 21/11/2016، تقتصر فقط على الجرائم المرتكبة ضدهن لكونهن نساء وقد تكون الجرائم التي يرتكبها الجناة تذرعًا في "الشرف" أو "غسل العار" الصورة الأكثر وضوحًا في هذا المجال.
وتشكِّل جرائم قتل النساء أخطر وآخر حلقة من سلسلة حلقات العنف المتواصلة ضدهن، وهذه الجرائم نتيجة حتمية لتبعات وآثار مختلف أشكال العنف الممارس ضدهن. وفي الوقت الذي تدخل فيه أسباب ارتكاب تلك الجرائم وإزدياد معدلاتها ضمن نطاق التحليل العلمي المعمق لكل حالة لوحدها من مختلف النواحي القانونية، الاجتماعية، الاقتصادية، الصحية والنفسية، فإن التركيز على الإجابة عن السؤال الثاني حول المطلوب لمنع أو الحد من الجرائم المرتكبة بحق النساء والفتيات يبدو أكثر إلحاحًا لوقف نزف دماء البريئات.
وتقترح "تضامن" إتخاذ عددًا من الإجراءات وبصورة عاجلة بهدف التصدي لجرائم قتل النساء والفتيات وضمان عدم إفلات مرتكبيها من العقاب، ومن ضمن الجهود التي تبذلها "تضامن" لرصد حالات قتل النساء فإنها توثق الجرائم التي ترد لمركز الإرشاد التابع لها وتلك التي تنشر في وسائل الإعلام المختلفة، إلا أنها في ذات الوقت تطالب بإنشاء مرصد وطني تشترك فيه مؤسسات المجتمع المدني كـ "تضامن" واللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة والمجلس الوطني لشؤون الأسرة مع الجهات القضائية ممثلة بوزارة العدل والجهات الحكومية الأخرى كوزارة التنمية الاجتماعية ومديرية الأمن العام والطب الشرعي ودائرة قاضي القضاة ودائرة الإحصاءات العامة وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة، بهدف وضع الإستراتيجيات الدقيقة والفعالة لمنع و/أو الحد من هذه الجرائم، وذلك من خلال جمع البيانات المتعلقة بتلك الجرائم ومرتكبيها وأسبابها ودوافعها وعلاقة الجناة بالمجني عليهن وجنسياتهم، ومناطق وأماكن إرتكابها، والأحكام القضائية الصادرة بحق الجناة وتتبع حالاتهم بمراكز الإصلاح والتأهيل، والكشف عن الجرائم المرتكبة ضد النساء والفتيات والتي يتم إخفائها بذرائع مختلفة كالإنتحار.
ويسهم المرصد في إصدار بيانات تفصيلية ذات مصداقية ودقة عالية تجعل من التدابير والإجراءات المتخذه تصب في الإتجاه الصحيح، ويقدم التوصيات لمختلف الجهات ذات العلاقة والتي من شأنها منع و/أو الحد من الجرائم؛ وعلى الرغم من وجود خدمات اجتماعية ونفسية وصحية للنساء والفتيات المحتمل تعرضهن للعنف أو الناجيات منه، في العديد من مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية، إلا أن هذه الخدمات خاصة الإيوائية منها لا زالت تشكل عائقًا أمام تقديم الحماية الضرورية والفعالة لهن.
ويزداد الأمر سوءًا مع الأعداد الكبيرة من اللاجئين في الأردن، والحاجة الملحة لوجود مثل هذه الخدمات لللاجئات اللاتي يتعرضن لأنواع مختلفة من العنف بالإضافة إلى ما تعرضن له أصلًا من صدمات نفسية ومشاكل جسدية وصحية بسبب النزاعات والحروب. وتعتقد "تضامن" بأن التركيز على تقديم هذه الخدمات للنساء سيكون بمثابة الإجراء الوقائي الحاسم في منع إرتكاب جرائم قتل بحقهن.
وأصبح القضاء يسير على ثقافة الصمت لدى النساء والفتيات المعنفات المتمثل في عدم إبلاغ الجهات الرسمية عند تعرضهن لأي شكل من أشكال العنف، يرتبط مباشرة بإمكانية تغيير الثقافة المجتمعية السائدة والتي تدين ضمنيًا الضحية، وتستهتر مراجعة النساء للمراكز الأمنية لوحدهن تحت أي سبب كان. وكخطوة أولى يمكن توفير شرطة نسائية في المراكز الأمنية لإستقبال حالات العنف مما يفسح المجال أمام المعنفات من التحدث بحرية ووضوح ودون حياء. وبناء قدراتهن لإستقبال هذه الحالات وتشخصيها وتوصيفها بالصورة الصحيحة.
وتشير "تضامن" إلى ضرورة تعديل بعض النصوص التشريعية في قانون العقوبات الأردني لعام 1960 وتعديلاته، خاصة الأحكام المتعلقة بإسقاط الحق الشخصي في الجرائم المرتكبة بذريعة "الشرف"، وأيضًا على وجه الخصوص المواد 97 و98، و99، و340 منه. وتتمسك "تضامن" بضرورة إلغاء المادة 340/عقوبات إلغاءًا تامًا، وإلغاء أثر إسقاط الحق الشخصي عن الجاني كسبب مخفف للعقوبة إذا كان الجاني والمجني عليه/عليها من ذات الأسرة، وتطالب بضرورة رفع الحد الأدنى للعقوبة في حال توافر عذر مخفف إلى سبع سنوات كحد أدنى في الجنايات التي عقوبتها الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤيدة أو الإعتقال المؤبد، وخمس سنوات كحد أدنى في الجنايات الأخرى.
وتنص المادة "340" على: "يستفيد من العذر المخفف من فوجئ بزوجته أو إحدى أصوله أو فروعه أو أخواته حال تلبسها بجريمة الزنا أو في فراش غير مشروع فقتلها في الحال أو قتل من يزني بها أو قتلهما معًا أو اعتدى عليها أو عليهما اعتداء أفضى إلى موت أو جرح أو إيذاء أو عاهة دائمة. ويستفيد من العذر ذاته الزوجة التي فوجئت بزوجها حال تلبسه بجريمة الزنا أو في فراش غير مشروع في مسكن الزوجية فقتلته في الحال أو قتلت من يزني بها أو قتلتهما معا أو اعتدت عليه أو عليهما اعتداء أفضى إلى موت أو جرح أو ايذاء أو عاهة دائمة. ولا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي بحق من يستفيد من هذا العذر؛ ولا تطبَّق عليه أحكام الظروف المشدَّدة".
وتنص المادة 97 على أنه: "عندما ينص القانون على عذر مخفف: 1- إذا كان الفعل جناية توجب الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو الإعتقال المؤبد حولت العقوبة إلى الحبس سنة على الأقل. 2- وإذا كان الفعل يؤلف إحدى الجنايات الأخرى كان الحبس من ستة أشهر إلى سنتين. 3- وإذا كان الفعل جنحة فلا تتجاوز العقوبة الحبس ستة أشهر أو الغرامة خمسة وعشرين دينارًا".
كما تنص المادة 98 بأنه : "يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بسورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه". وتنص المادة 99 ":إذا وجدت في قضية أسباب مخففة قضت المحكمة بدلًا من الإعدام بالأشغال الشاقة المؤبدة أو بالأشغال الشاقة المؤقتة من عشر سنين إلى عشرين سنة. وبدلًا من الأشغال الشاقة المؤبدة بالأشغال المؤقتة مدة لا تقل عن ثماني سنوات وبدلا من الاعتقال المؤبد بالاعتقال المؤقت مدة لا تقل عن ثماني سنوات. ولها أن تخفض كل عقوبة جنائية أخرى إلى النصف. ولها أيضًا ما خلا حالة التكرار، أن تخفض أية عقوبة لا يتجاوز حدها الأدنى ثلاث سنوات إلى الحبس سنة على الأقل". والتركيز على محاربة الأشكال والأنماط الجديدة من العنف ضد النساء والفتيات.
وإن التصدي للتطرف والتطرف العنيف سيحمي النساء والفتيات من العنف كونهن ضحايا لهما بأشكال مختلفة، وعلى أي سياسات أو إستراتيجيات أو برامج من شأنها مواجهة التطرف والتطرف أن تأخذ بعين الإعتبار الإحتياجات الخاصة للنساء وحمايتهن وتقديم الخدمات لهن عند التعرض لأي شكل من أشكال العنف بسببهما. كما أن النساء والفتيات على وجه الخصوص يتعرضن لمختلف أشكال جرائم العنف الالكتروني عند إستخدامهن لوسائل التكنولوجيا الحديثة وعلى وجه الخصوص الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي تنامت فيها ظاهرة التحريض والحث على إرتكاب العنف والكراهية وعدم تقبل الرأي الآخر، إضافة إلى شيوع أنماط من الإبتزاز والتلصص والمطاردة الالكترونية والتحرش والإساءة وغيرها.