واشنطن ـ وكالات
قال الدكتور محمد العيسى، الملحق الثقافي السعودي في واشنطن، لـ«الشرق الأوسط»، إن الملحقية الثقافية في واشنطن أنشأت إدارة للأزمات لمتابعة المستجدات والأحداث التي أعقبت تفجيرات بوسطن الأخيرة، خاصة أن المبتعثين السعوديين في الولايات المتحدة على قدر واسع من المسؤولية والتلاحم والوطنية. وأكد العيسى أن هناك عملا دؤوبا بالتنسيق مع سفارة خادم الحرمين الشريفين في واشنطن، مؤكدا وجود أرقام طوارئ على مدار الساعة لخدمة جميع المبتعثين والمبتعثات، أيا كان مكانهم، مدللا في السياق ذاته بأن فريق الأزمات الذي استحدثته الملحقية الثقافية والسفارة انتقل إلى بوسطن لمتابعة جميع الحالات، وتلمس جميع احتياجاتها، لتقديم أفضل الخدمات نحو التعامل الأمثل مع الأمور الطارئة التي تحصل من حين لآخر. وأبان العيسى أن المبتعث السعودي استفاد أكاديميا بشكل واسع من التعليم المقدم في الولايات المتحدة الأميركية، وسجل حضورا لافتا على جميع التخصصات، وأسهم في إثراء البحوث والتنوعات المعرفية التي لاقت ثناء كبيرا من الجامعات الأميركية، مؤكدا أن الأزمة الأخيرة جراء التفجيرات في بوسطن كشفت أن الشباب السعوديين المبتعثين في الولايات المتحدة الأميركية على قدر واسع من المسؤولية والتلاحم والوطنية. وحول ماهية التوزيع الجغرافي لأكثر من في أنحاء الولايات المتحدة الأميركية، أوضح الملحق السعودي أن التنظيمات والتطبيقات الإلكترونية، المتمثلة في البوابة الإلكترونية، وضعت الطالب المبتعث على تواصل مباشر مع الملحقية الثقافية، حيث حلت البوابة كثيرا من العوائق التي كانت في السابق، واستطاعت تلك الخدمة بتضافر الجهود جسرنة الوصول إلى جميع المسؤولين بشكل ميسر ومريح. وارتفع عدد الطلاب المبتعثين إلى أميركا بنسبة 24 في المائة، عن 2008، ووصل مجمل عدد الطلاب السعوديين من الجنسين إلى 71 ألف طالب خلال عام 2012، حيث ذكرت جهات استطلاعية أن تعبئة نماذج الابتعاث لطلب القبول في الجامعات الأميركية يتضاعف سنويا، وهو ما يعكس رغبة المبتعث السعودي نحو الوجود في الولايات المتحدة الأميركية لإكمال دراسته. من جانبها، ذكرت ريم العلي، إحدى المبتعثات السعوديات في واشنطن العاصمة، على أهمية التركيز على الكفاءة العالية للمدرسين والمدرسات في الجامعات الأميركية، وهو أمر تتسم به معظم الجامعات الأميركية، حيث تلجأ الأخيرة نحو ضرورة بحث السبل التي تضمن توظيف أفضل أصحاب المواهب والمهارات التربوية بعد التخرج، حيث يبرز أيضا دور المستويات الأعلى لاستقلالية التعليم في أميركا، التي تميز أنظمة التعليم الأكثر نجاحا، في حين تشذ كثير من الجامعات بدول أخرى عن هذه القاعدة ولا تتمتع مدارسها بمستوى عال من الاستقلالية في القرارات. ورحب مراقبون بخط سير الابتعاث في أميركا، واستقبال جهات تعليمية أميركية لكثير من الطلبة السعوديين، حيث أصبحوا أكثر انخراطا مع المجتمع الأميركي ولديهم صداقات مع الطلاب من مختلف الجنسيات. ومع ذلك فإنه على أميركا أن تبذل مزيدا من الجهد لتشجيع السعوديين على الانخراط أكثر مع المجتمع الأميركي، وذلك من خلال تكثيف برامج تعليم اللغة الإنجليزية وإشراك الطلاب في مختلف المنظمات الأميركية وتشجيع الأسر الأميركية على استضافة الطلاب السعوديين. من جهته، قال الدكتور خالد المالكي، أكاديمي وباحث في جامعة أم القرى، إن العديد من مؤسسات التعليم العالي (المعروف أيضا باسم التعليم ما بعد الثانوي، وتشمل الكليات والجامعات) المرموقة في العالم في الولايات المتحدة باتت تركز على أنماط تهتم بسوق العمل، حيث شرعت نحو التنوع في مجالات الدراسة مثل التدريب المهني والأعمال التجارية والهندسة والتقنية، أو الفنون الحرة. وتشمل درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، وهناك أكثر من 7000 مؤسسة تعليمية في الولايات المتحدة مع أكثر من 15 مليون طالب، وفقا لوزارة الخارجية الأميركية للإحصاءات التعليمية، والطلاب الدوليون يشكلون جزءا كبيرا من عدد المسجلين للعديد من المدارس. وقال المالكي إن الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة هم جزء كبير ومهم من التعليم العالي هناك، حيث أشار تقرير صدر مؤخرا عن معهد التعليم الدولي إلى عدد قياسي من الطلبة الدوليين يقدرون بنحو 600 ألف طالب، ووزارة الخارجية الأميركية متمثلة في مكتب الدولة للشؤون التعليمية والثقافية تتلقى 25 مليون استفسار سنويا من الطلاب المحتملين في جميع أنحاء العالم المهتمين بالدراسات العليا في الولايات المتحدة. ويعتمد الطلاب القادمون إلى الولايات المتحدة في دراستهم على برامج التبادل في جميع الجامعات الأميركية، من خلال برامج جامعية (لمدة فصل دراسي أو سنة، أو درجة)، والمدارس المهنية، ويبحث هؤلاء الطلاب عن الجودة والتنوع والقدرة على تحمل التكاليف.وأفاد الباحث الأكاديمي بأن أكثر ما يقلق الجامعات الأميركية هو انحسار معدلات الجودة عند التعامل مع مجموعة بلدان مختلفة، وتختلف البلدان - في كثير من الأحيان على نطاق واسع - في الهياكل الأساسية للنظم التعليمية، وطريقتهم في التقييم، وطول الدورات والدرجات، مما يجعل المقارنة صعبة. بالإضافة إلى ذلك، تبحث الجامعات عن تكوين سمعة دولية مرتفعة من خلال البوابة الأكاديمية؛ لذا لديها المسؤولية والحق في حماية هذه القيم الأساسية على النحو الذي تراه مناسبا. واختتم المالكي بالقول «تحدد كل جامعة، بدرجات متفاوتة، معاييرها لضمان الجودة على أساس فلسفتها الفريدة وبيئتها الأكاديمية. ويتمثل التحدي في تحقيق التوازن بين هذا التنظيم الذاتي والمساءلة أمام الجمهور، عامدة في ذلك إلى زيادة عدد من وكالات ضمان الجودة في جميع أنحاء العالم، بالتنافس على أنساق الجودة، وأن معظم الطلاب المغتربين في الجزء الغربي من العالم قد لاحظوا تفوقهم على زملائهم الأجانب خصوصا في مجال الرياضيات والفيزياء وبقية المواد العلمية. أيضا، العديد من الطلاب العرب يتفاجأ بسهولة المنهج التعليمي عند مقارنته بالمنهج العربي.. وخلاصة القول، إن لكلا النظامين عيوبا ومميزات، وأعتقد أنه يمكن تكوين نظام تعليمي أفضل عندما يتم دمج مميزات مختلفة».