واشنطن ـ صوت الإمارات
تشهد صناعة الإعلام في الولايات المتحدة هذه الأيام معركة مكتومة لكنها شرسة بين شبكة سي إن إن العريقة وبين «بازفيد» المؤسسة الناشئة في عالم الميديا الجديدة، المعركة تدور رحاها بالطبع على جمهور الإعلام الرقمي وبالتحديد رواد وسائل التواصل الاجتماعي، والفائدة تعود بالتأكيد على عموم القراء لأن الصراع المهني بين الطرفين يجعلهما يقدمان أفضل ما لديهما من صحافة لجذب أكبر عدد من المتصفحين.
أعتقد أنه «التنافس أمر جيد لكل من المؤسستين، هكذا قال مات دورنيتش نائب رئيس قسم الاتصالات في سي إن إن وهو الرجل الذي يقف وراء سلسلة من التغريدات التي أطلقتها الشبكة التلفزيونية الشهيرة عبر حسابها على تويتر ضد بازفيد». وأضاف: «نحن نتحداهم لنصبح صحفيين أفضل وهم يتحدوننا ليصبحوا مزودين أفضل للقصص الإخبارية».
من جانبه، قال بن سميث رئيس تحرير بازفيد: «هذه منافسة حامية والمنافسة دائما تحقق فوائد عظيمة للصحافة. إننا نشعر بالإطراء لمجرد أن تعتبرنا سي إن إن خصما ومنافسا لها».
المعركة بين الطرفين بدأت عام 2016 بموضوع منشور في مجلة «فارايتي»، وجه فيه، جيف زوكر رئيس سي إن إن، سهامه لاثنين من ممثلي الميديا الجديدة الصاعدة، هما «فايس» و«بازفيد»، حيث قال إنه لا يعتقد أنه من الممكن اعتبارهما مؤسستين إخباريتين. وقال إنهما ليسا أكثر من مجرد متاجر للإعلانات. وتابع «لقد حطمناهما. انهما ليسا حتى في مستوانا».
ومما أشعل النار أكثر بين المؤسستين، أن سي إن إن استحوذت على اندرو كازينسكي نجم المالتميديا في بازفيد وفريقه، كما تأججت نيران المنافسة مع سعي الطرفين للاستحواذ على جمهور الآخر، ووصل الأمر إلى حد أن بازفيد قدمت عملاً تسخر فيه بطريقة مضحكة للغاية من حملة إعلانية تقدمها سي إن إن لبرنامجها «الحقائق أولاً».
وعلى الرغم التنافس المرير بين المؤسسة الإخبارية التي غيرت وجه صناعة الأخبار التلفزيونية قبل أكثر من عقدين، وبين المؤسسة الناشئة الجديدة التي تستهدف بالأساس الشباب على شبكة الإنترنت، إلا أن كل طرف منهما يؤكد احترامه وتقديره لمهنية الطرف الآخر.
ومازالت بازفيد تحقق معظم إيراداتها من مقاطع الفيديو والأخبار التي تأتي في صورة قوائم، من نوع أفضل عشرة لقطات للبحر، وما شابه.
أما «سي إن إن» فهي مشغولة كثيراً بالصراع السياسي الحزبي في الولايات المتحدة بين معسكر الجمهوريين والديمقراطيين وسياسات الرئيس دونالد ترامب وتصريحات وانتقادات خصومه له. لكن المشكلة حسبما يرى مسؤولو بازفيد تكمن في «أن سي إن إن» لا تعطي مؤسستهم الصاعدة حقها.
ويضرب توم ناماكو نائب رئيس تحرير بازفيد لقطاع الإخبار مثلاً على ذلك، بقوله إن صحفييه أعدوا تقارير مهمة فيما يتعلق بفضيحة التحرش الجنسي التي تورط فيها الممثل كيفن سبايسي، وعلى الرغم من ذلك لم تشر «سي إن إن» في تقاريرها بهذا الشأن إلى تقارير بازفيد.
لكن النزاع الكبير بين الجانبين، تفجر يناير الماضي، عندما أعلنت «سي إن إن» عن وجود ملف للرئيس دونالد ترامب، لدى المخابرات الروسية، من دون أن تكشف عن مضمونه. لكن بازفيد ردت بنشر الوثيقة كاملة، وما تتضمنه من وقائع تمس ترامب، الذي انتهز الفرصة بدوره خلال مؤتمر صحفي في ذلك الوقت ليشن هجوماً عنيفاً على الطرفين. ووصف ترامب، حينها، «سي إن إن» بأنها مصدر لـ «الأخبار الكاذبة»، واعتبر بازفيد «كومة فاشلة من القمامة».بعد دقائق من هذه التصريحات، قال جاك تابر من «سي إن إن»، إنه لا بد من التمييز بين محاولات الشبكة المشروعة لنشر القصة التي تتعلق بملف ترامب لدى المخابرات الروسية، وبين تصرف «بازفيد» غير المسؤول الذي يضر بالجميع. (نقلاً عن كولومبيا جورناليزم ريفيو)