ابوظبي - جواد الريسي
كشف معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا، الجامعة البحثية المستقلة للدراسات العليا، التي تركّز على تقنيات الطاقة المتقدمة والتنمية المستدامة، عن مشروع بحثي مشترك مع معهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا، يهدف إلى تطوير تكنولوجيا مبتكرة لتخزين الطاقة، الأمر الذي يصب في صالح دعم قطاع الطاقة المتجددة في دولة الإمارات.
ويعمل الأستاذ المساعد في قسم الهندسة الميكانيكية وهندسة المواد في معهد مصدر، الدكتور الإماراتي سيف المهيري، مع نظراء له من المعهد على ابتكار تكنولوجيا تمكن من تخزين الطاقة الكهروكيميائية، والتي تتميز بخاصيات متطوّرة تؤهلها لأن تصبح أحد أهم حلول تخزين الطاقة الكهربائية المستمدة من مصادر الطاقة المتجددة والتقليدية.
وقال المهيري: "إن التوصل إلى حلول مبتكرة لتخزين الطاقة المتجددة عند توفرها بكثرة لإعادة استخدامها عند الحاجة إليها، يمثّل أحد أكثر التحديات العلمية المثيرة للاهتمام، ويتوفّر في السوق حالياً بضعة حلول تقوم بتلك المهمة، إلا أن ثمنها مرتفع ولا يمكن استخدامها في كافة العمليات التشغيلية التي تعتمد على الطاقة المتجددة، مشيراً الى العمل على ابتكار تكنولوجيا تتمتع بمزايا ومقومات تؤهلها لتجاوز هذه العقبات".
ويهدف هذا المشروع البحثي إلى ابتكار بطارية متطوّرة توفّر لدولة الإمارات، حلاً فعّالاً لتخزين نتاجها من الطاقة المتجددة بشكل موثوق وآمن، وتمنحها منتجاً عالي القيمة للمنافسة في سوق تخزين الطاقة العالمي، الذي يتوقع أن تصل قيمته إلى 113.5 مليار دولار في عام 2017، حيث أن التوصّل إلى تكنولوجيا عملية وفعالة لتخزين الطاقة سيمكن دولة الإمارات من الاستفادة من وفرة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لديها، وبالتالي تأمين طاقة كهربائية نظيفة تنقلها نحو القرن القادم.
ورأى المهيري، أن هذه البطاريات تعد السبيل لإحداث النقلة النوعية المنشودة في مجال تخزين الطاقة الكهروكيميائية، كونها قابلة لإعادة الشحن على خزانين معزولين بغشاء يحوي كل منهما محلولاً، يضم مادة كيميائية مذابة مهمته تخزين الطاقة بصيغة كيميائية، ليعاد تحويلها لاحقاً إلى طاقة كهربائية عند الحاجة.
ويتعاون المهيري حالياً مع علماء معهد "ماساتشوستس" على تطوير بطاريات بالفانيديوم، إذ يتميّز عنصر "الفانيديوم" بأساس غير مائي، وبقدرة توصيل أعلى، ومستويات إذابة أفضل، وأقطاب كهربائية مستقرة، وهذه خاصيات عالية ستكون لها أهمية بالغة في المستقبل.
ويبرز معدن "الفانيديوم" كأحد أهم مواد الأكسدة والاختزال الواعدة، حيث يتوفر بصيغ متفاوتة تمكنه من الانحلال في السوائل بدرجات أكسدة مختلفة، وبناء على ذلك يمكن أن يحل "الفانيديوم" محل المادة الكيميائية المذابة في سائل كل خزان، أي أنه سيتم الحصول على ذات العنصر في الخزانين، الأمر الذي يساعد في تجنب اختلاط المواد المختلفة الذي يمكن أن يؤدي مع مرور الوقت إلى إضعاف البطارية أو إتلافها، كما تتناسب سعة هذه البطاريات طردا" مع حجم خزانات العناصر المتفاعلة.
ولم يتم حتى الآن التوصل إلى الصيغ الأمثل لهذه البطاريات، حيث ينشأ عن استخدام سائل ذي أساس مائي لحل عناصر الفانيديوم المتفاعلة عائقان يحدان من إمكانيات البطارية، يتمثّل الأول في ضرورة حصر درجة حرارة العملية التشغيلية لهذه البطاريات بين صفر و100 درجة مئوية لضمان عدم تبخر المياه أو تجمدها، في حين يتمثّل العائق الثاني في تحديد جهد الدارة المفتوحة بـ 1.2 فولت فقط للمحافظة على المياه في وضع مستقر من الناحية الكهروكيميائية مما يحد من كثافة الطاقة في هذه البطاريات.
وأشار المهيري الى السعي لإحراز تقدّم في مجال بطاريات "بالفانيديوم"، من خلال العمل على استكشاف مواد مذيبة جديدة تحل محل المياه، وبذلك يتم التمكّن من رفع جهد الدارة المفتوحة إلى ما فوقـ 1.2 فولت، وبالتالي تعزيز كثافة الطاقة فيها.