مطاعم لبنان

وعيّة الطعام وجودة الخدمات ليسا العاملين الوحيدين اللذين يحددان هوية المطاعم والمقاهي في لبنان. ثمة عنصر إضافي يكاد يعادلهما في الأهمية، وهو الاسم الذي يطلقه صاحب المصلحة على مكانه الجديد. لا تبدو هذه المهمة سهلة ولا هي من النوع العادي وخصوصاً أن أسماء المطاعم والمقاهي اللبنانية ليست مجرد وسيلة للتعريف أو التمايز بل مطلوب منها أن تؤدي مهاماً أعقد من ذلك وأعمق بكثير.

يعبر الاسم عن هوية صاحب المكان، وليس عن نوعية المأكل والمشرب الذي يقدمه. والهوية هنا يختلف مفهومها باختلاف الأشخاص. قد تكون هوية دينية أو سياسية. وقد يختار البعض بعداً ثقافياً أو ربما فكرياً يطمحون أن يعكسه اسم المطعم أو المقهى بأمانة مطلقة. منهم من يريد من الاسم أن يحمل زبائنه إلى عوالم أخرى خارج إطار المكان الذي هم موجودون فيه، فيزورون من خلاله أحياء لا بل أزقة في عواصم ومدن عالمية. بهذا المعنى، تبدو المهام الملقاة على عاتق الاسم متعددة ومتنوعة وأكثر مما يستطيع أن يقدمه أو يقوله مجرد اسم.

ولعلّ هذا ما يُفسّر هذه التشكيلة الواسعة من الأسماء التي لا تخلو من الغرابة والطرافة أحياناً. ولأن كل شيء موضة في لبنان، ولأن التقليد سمة أساسية بين التجار وأصحاب المصالح، يكفي أن يُطلق أحدهم تسمية ما تلقى استحساناً أو استغراباً، تثير جدلاً أو تصبح حديث الناس، حتى تُستهلك كل المشتقات التي تدور في الفلك عينه في سرعة قياسية. ولعل أبرز مثال على ذلك، استخدام اسم صاحب المرفق مطعماً كان أم مقهى أو حتى فرناً وأحياناً ملحمة اسماً يسبقه حرف "عند" باللغة الفرنسية أي "شي".