الفاتيكان - أ.ف.ب
يعتز فنسان جيلو بانه شهد على التنوع غير المعروف جيدا لكنائس الشرق بعدما قطع ستين الف كيلومتر خلال سنتين في سيارة من طراز رينو "4 ال" قديمة وزار جماعات في 23 دولة حاملا مجلدا يضم شهادات بثلاثين لغة ينتهي برسالة من البابا.
في ساحة القديس بطرس يعرض هذا الفرنسي البالغ 26 عاما واصله من منطقة فانديه امام سيارته المزينة برسوم وعبارات بالعربية وبلغات مختلفة، كتابا كبيرا من 300 صفحة نجح قبل يوم في عرضه على البابا.
وفي الصفحة الاخيرة كتب البابا فرنسيس بخطه الصغير بالايطالية "اشكرك كثيرا على هذه الشهادة المنقولة من كنائس الشرق وهي كنائس اعطت الكثير من القديسين وتعاني اليوم. اصلي من اجلكم كلكم وانا قريب منكم".
يحمل جيلو ماجيستير في القانون الانساني وهو كاثوليكي غير مطلع كثيرا على مجريات الكنيسة الا انه استمع الى شهادات لاجئين في لبنان قبل ان يبدأ مغامرته تزامنا مع زيارة بنديكتوس السادس عشر الى هذا البلد في العام 2012.
وقد اطلق على مشروعه اسم "الف مرة ومرة".
ويوضح "سحرتني روايات المسافرين في القرن التاسع عشر فلبيت نداء الشرق واردت ان اقوم بهذه الرحلة بطريقة تخلو من اي تصنع".
وقد حضرت له راهبات ي فرنسا هذا المجلد الكبير. ولم يكن يتصور عند انطلاقه في رحلة من عشرة اشهر في الاساس، انه سيملؤه عن بكرة ابيه بالشهادات.
وهو شهد على واقع متنوع جدا فثمة جماعات قديمة منعزلة جدا "تعيش مثل المسيحيين الاوائل" ومتحدرون من منفيين من الاتحاد السوفياتي ومن مسيحي آسيا ولا سيما السريان الملبار الكاثوليك الذين هاجروا الى الخليج ولاجئون لا سيما من سوريا.
ونقلته سيارة رينو "4 ال" السكرية اللون القديمة من جنوب القوقاز و افغانستان الى ابواب سيبيريا وصولا الى ايران. وانتقل من السودان واثيوبيا الى دول الشرق الاوسط باستثناء سوريا بسبب الحرب. وزار ايضا دول الخليج وانهى رحلته في القدس.
ويروي انه عن دخوله بعض الدول مثل افغانستان "كنت اخبئ الكتاب جيدا في السيارة". وفي اليمن ظن انه كتابه سيصادر وهو طرد من هذا البلد. وقد ارسل اليه السفير البابوي بعد ذلك شهادات حول الكنيسة المحلية الصغيرة كي لا تبقى الصفحات بيضاء.
وصفحة بعد صفحة من "كتاب الشرق" تمر الرسوم التجريدية والساذجة وصور القديسين والصلوات والشهادات التي تعكس الامل والدعوة الى التضامن التي تطلقها هذه الجماعات القديمة جدا في غالبيتها من اماكن مثل منطقة الموصل التي باتت الان تحت سيطرة مقاتلي تنظيم "الدولة الاسلامية".
وقد التقط صورا لهذه الجماعات، وجعل الجماعات المسيحية تسطر شهاداتها فيه. ويوضح "الناس كتبوا بلغتهم وثمة ثلاثون لغة ولهجة محلية" من الارامية الى العبرية.
ويروي فنسان "نقلني هذا الكتاب الى حدود لم اكن يوما اتصورها".
واحتاج احيانا الى بعض الوقت للعثور على جماعات معزولة "عند وصولي كنت انزل عند مسلمين وكنت اثير الفضول. لكني لم اشعر بالخوف ابدا".
وكانت علاقاته تقوم على البساطة والثقة. ويوضح "في كازاخستان سلمتني راهبات حزمة لراهبة في القدس. وقد سلمتها اياها بعد سنة وثلاثة اشهر!"
وساهم ثلاثة مسلمين في هذا الكتاب مؤكدين انهم لا يريدون رحيل مسيحيي الشرق وهم امرأة من لبنان ورجل من سلطنة عمان واحد وجهاء البدو في سيناء.
ويوضح "لم اكن سوى الرسول الناقل. هذا الكتاب هو كتاب مسيحيي الشرق وليس كتابي فقط. لقد تجاوزني. وسيحفظ لدى الاباء الفرانسيسكان في كنيسة القيامة في القدس".
ومع عودته الى فرنسا، يأمل ان ينشر شهادته قائلا "الشهادة ليست خيارا بل واجبا. هؤلاء الناس جازفوا لاطلاعي على بعض الامور. ومن واجبي ان اشهد".