جينيف

تهب نسائم الخريف الباردة، محمّلة بذلك الحنين الأسطوري غير المبرر، عبر غيومها التي تغطي صفحة السماء الصافية بطبقة ثلجية رقيقة تذكرنا بدفء المشاعر المنسية تحت لهيب شمس الصيف، هن تتألق جينيف، درة الثلوج الأثيرة، التي تتلفح بالبياض من سمائها لأرضها، لتكون مقصد الباحثين عن بهجة شتوية مختلفة لها طعم الحنين.

في أحضان جبال الألب الشاهقة، وبلكنة فرنسية محببة، تستكين المدينة الصاخبة، لا تنام ولا تعرف الراحة، ولكنها تمنحك إياها، جنباً إلى جنب مع مظاهر البهجة والإنطلاق، على شواطئ بحيرتها المتسعة، ترى الأفق بامتداد الروح، تتجول بين شوارعها ومبانيها التاريخية التي يعود بعضها لعصور رومانية سحيقة، فتلمس التاريخ بعينيك، بينما تعيش الحاضر بكل بهائه وعصريته، إذا أردت أن تبتعد عن العالم، فإذهب إلى هناك، وإذا أردت أن تحتضن العالم كله، فمكانك هناك أيضاً.

كل الرياضات الراقية تنبع من هنا مثلما ينبع نهر الرون، من التزلج على الجليد، إلى الجولف، إلى أفخم اليخوت والمنتجعات والفنادق والمطاعم في العالم، من منتجع Grand Geneva الشهير، إلى فنادق مثل Hotel d'Angleterre‬‬، أو Mandarin Oriental، أو حتى Four Seasons Hotel des Bergues Geneva، أيضاً يمكنك أن تتناول أشهر الحلويات السويسرية الفاخرة في Glacier ArtyGlaces، أو الاستمتاع بيومك في ساحة Parc La Grange‬، أو حتى التنقل بين المتاحف الفنية والتاريخية العديدة مثل متحف Collections Baur, Musee des Arts d’Extreme-Orient.

أما الاحتفالات فهي لا تنتهي في هذه المدينة، وستكون محظوظاً إذا حضرت عيد السلالم هناك في ديسمبر من كل عام، حيث يحتفل السويسريون بانتصارهم على الفرنسيين عام 1602 م، الذين حاولوا تسلق أسوار المدينة باستخدام سلالم أو أدراج، فعاجلتهم النساء بطناجر (أوعية) الحساء الساخن على رؤوسهم، لذلك لا تندهش عندما ترى حلوى الشيكولاتة في ذلك اليوم وهي مصنوعة على هيئة طناجر، فقط استمتع بتناولها وبالألعاب النارية التي تضيء ليل جينيف يومها.

كذلك يمكنك الاستمتاع بمشاهدة نافورة جينيف الشهيرة في قلب البحيرة، والتي ترتفع المياه فيها لما يزيد عن تسعين متراً، أو زيارة قلعة شيلون التاريخية، التي تبدو وكأنها بُنيت داخل الماء، أو حتى محاولة التقاط صورة لك مع تلك الشوكة العملاقة في قلب البحيرة، أما إذا كنت تفضل البقاء على اليابسة، فلا تنسى المرور على مقر الأمم المتحدة أو أي من هيئاته العديدة الموجودة هناك أكثر من أية مدينة أخرى في العالم، لتتأكد -بحق- كيف أن جينيف تحتضن العالم كله ما بين بحيرتها وجبالها.