الراحة في أحضان الطبيعة تعتبر من أفضل أنواع الاستجمام التي تتميز بها روسيا، وبما أنني أعيش منذ فترة ليست بقصيرة في هذا البلد الرائع، فقد استمتعت و ما أزال بكل الجمال هنا، وتفاجأت حين رأيت عدد الراغبين بمثل هذا النوع من الراحة، سياحة يزداد حب الناس لها يوما بعد آخر، وتتعمق إيجابياتها الروحية والجسدية. روسيا التي يعرفها أغلب الناس ببلد البرد والشتاء، والصيف الصعب بسبب رطوبة الجو العالية، تعرفت على جانب آخر فيه، بعيد عن المدن الإسمنتية التي أصبحت ورقة تعريف لأماكن عدة، بل أعني مناطق متلألئة شتاء ومتفتحة صيفا، أنهار وبحيرات تجذب جميع هواة السياحة المائية بسبب فوائد طبيعية تتقاطع مع سبل الراحة، وهواء نقي في أعالي جبال القوقاز، وكثرة أسماك تختلف في أنواعها، ومعها المأكولات التي منها يتم تحضيرها، وهواء نقي مفعم برائحة أشجار الصنوبر، وألعاب شتوية مختلفة كالتزلج، وغني عن الذكر طبعا الحمام الروسي المشهور، والقفز بعد حمام البخار الساخن ذاك إلى الكثبان الثلجية، ناهيك عن الفواكه، وخاصة البرية منها، والتي يستطيع السائح تذوقها على اختلاف أنواعها  في رحلاته المختلفة. جولات مشيا على الأقدام أو الركوب على الدرجات الهوائية تعتبر قبل كل شيء وسيلة لزيادة خبرات السائح بسبب تنوع التضاريس باختلاف المناطق التي يزورها، بالإضافة الجهد البدني الشديد الذي يترافق عادة مع هذه الرياضة الشاقة. ولا يزيدها صعوبة على ما يبدوا سوى تسلق الجبال، والذي يبرز القدرات الإحتياطية الكامنة لدى الإنسان، وما يرافق ممارستها من مشاعر حادة وانطباعات جديدة متنوعة، وعلى الدوام تبرز بين التضاريس الوعرة عناصر المجازفة والأخطار غير المتوقعة. سبل ممتعة للراحة رغم تنوع المصاعب التي تولد معها عقبات وحواجز مختلفة، ويترافق كل ذلك ظروف غير مساعدة مثل الرطوبة العالية والظلام وغيرها الكثير. رياضات التزلج على الجليد والثلج من أكثر أنواع الاستجمام من حيث الإقبال لدى الروس والأجانب من الزائرين للبلاد، فهي الرياضات المفضلة لدى الروس عموما، ويمارسها الناس في أوقات فراغهم كذلك، رياضة شعبية تثير فضول السائح الأجنبي، وخاصة من العرب، والذين لا يحظون بممارسة ما شابه، إلا في مجمعات اصطناعية خاصة بالغة التكاليف، وأتذكر مشاعري في المرة الأولى التي رأيت فيها الثلوج هنا، فما بالكم كان إحساسي حين عرفني أصدقائي الروس على أنواع من الرياضات الشتوية، ومارستها معهم بشكل حقيقي هذه المرة، حيث اختلف ذلك كليا عما سبق ورأيت على شاشات التلفاز. الروس يتميزون أيضا بعشقهم للصيد، ما جعل من البلد المكان الأكبر في العالم لمحبي صيد الأسماك، ومع اختلاف المناطق تختلف طبيعة المسطحات المائية، ومعها الأسماك، والتي تتوفر بكثرة وبأحجام مختلفة وتتنوع في أشكالها من النهرية إلى البحرية، علما أن قيود فرضت على صيد الأصناف النادرة منها مثل أسماك الحفش والزجر وغيرها، وهذا بالطبع ينطبق ليس فقط على الأسماك، بل وعلى مختلف الطيور والثدييات، وهواة الصيد يقطنون غالبا في أكواخ تولت اليوم إلى فنادق تتموضع قرب الغابات والشواطئ. العلاج الطبيعي يتنوع الاستجمام من أجل استعادة القوى وترميم الصحة من السفر لتغيير المناخ، إلى السباحة في مياه البحر المالحة والعذبة الباردة، ومن ثم هناك التمرغ بالأطيان والأوحال المعدنية، وأضف إليها أنواع خاصة من الاستجمام، وما أكثرها في روسيا، وفي الآونة الأخيرة اتجه الناس في معظم دول العالم إلى استغلال أنماط العلاج الصحي الطبيعي والثروات الطبيعية، وشرع العديد من المستثمرين بإقامة منتجعات صحية وعلاجية في العديد من الأماكن، توفر للزائر فرص الاستمتاع والراحة، وبالطبع لروسيا دور كبير في هذا القطاع السياحي بسبب مساحاتها الشاسعة وتنوع ثرواتها الطبيعية التي لا تحصى. سافرت بدوري مجربا العديد من أساليب الاستجمام، ولكن ما يناسبني قد لا يعجب غيري، فالبعض وخاصة الجنس اللطيف يميل إلى العلاج بالطين، وآخرون يحبون أن يتوهوا في غياهب الكهوف، ويميل أصدقائي مثلا إلى المسير الطويل وركوب الدرجات في أحضان الطبيعة الأم.