لندن ـ كاتيا حداد
من بين الأفكار الأكثر تداولًا بشأن كيفية تأثير الحياة البدائية لرجل الكهف على السلوك الحديث، هي النظرية التي تقول، "إننا عندما نذهب إلى التسوق فإن النساء يذهبن لجلب العلف للماشية، أما الرجل؛ فيذهب إلى الصيد"، لكن اتضح، أن "البيانات الإثنوغرافية الحديثة لا تعضد هذا الاعتقاد، حيث تبيَّن أن النساء يذهبن لمطاردة السيارات والالكترونيات، بينما يتطلع الرجال للحصول على الملابس والأدوات المنزلية ". ويقول كبير المحللين في مجموعة "NPD"، مارشال كوهين، "لقد أصبحت كل تلك الاختلافات القديمة ضئيلة جدًّا، فالمرأة هي الآن التي تذهب لاصطياد الأشياء الكبيرة والثمينة، والرجل يذهب لشراء العلف، وربما مع بعض المطاردة، ودليل صغير آخر نجده في إضافة جديدة طرأت على مجال أزياء الرجال، وهى تخص المعطف، أو ما يرتدى فوق الملابس في الشتاء، فالإضافة الجديدة فيما يخص المعاطف، تظهر أن الرجال حريصون جدًّا في ما يخص ملابسهم تمامًا كالنساء". ولفت كوهين، إلى "الانتباه لمعطف السيارة الذي يصل إلى منتصف الفخذ، والذي كان ظاهرة في الستينات، ومنح الرجال ملبس خارجي أنيق، دون أن يكون له أية سابقة في التاريخ يعود لها"، مضيفًا أنه "في كل الحالات، هذه القطعة الجديدة في ملابس الرجال هي إضافة جيدة، وليس لها شكل مُلِزم يُملي عليك ما هو الشكل الصحيح لها، لذا يُمكنك إدخال ما تشاء من تفاصيل على هذه المعاطف الجديدة، في حدود المعقول، وتذكر أنك تريد أن تتطور، لا أن تتأخر". والحكمة التقليدية تقول، إن "معطف الشتاء للرجل ينبغي أن يكون كلاسيكيًّا، ورزينًا، وعلى الرجل أن يختار معطفه بالطريقة ذاتها التي يختار بها الأريكة، شيئًا تقليديًّا وغير مميز، ويمكن أن يتماشى مع أية قطعة ملابس في خزانة ملابسه، أو حتى في غرفة معيشته". لذلك فمن المستغرب، أن نجد المصممين يخرجون علينا بمجموعة من المعاطف الرجالية هي أبعد ما يكون عن الرزانة، والغريب أيضًا أن نجد أن الرجال يقبلون عليهم؛ فهناك المعطف الأزرق الزاهي، ومعطف آخر بلون الخردل الأصفر، وصحيح أن هذه المعاطف لا تحقق الرواج ذاته الذي تُحقِّقه المعاطف الكلاسيكية الأخرى، لكنها تُباع بشكل جيد بدرجة تكفي إنتاج المزيد منها العام المقبل. وهناك عوامل عدة، تسببت في تغيُّر الذوق الرجالي، وأول هذه العوامل، هو حقيقة أن الكثير من الرجال لديهم بالفعل، معطف تقليدي يصلح لجميع الأغراض، ويمكنهم ارتداؤه فوق البذلة، ولكن مثل هذا المعطف سيبدو كلاسيكيًّا جدًّا عند ارتدائه فوق سترة عصرية، أو سروال جينز، وتطورت فكرة هذا المعطف العصري الخفيف من أجل الحصول على شيء أقل تعقيدًا، وأصغر حجمًا من المعطف الكبير، الذي يُرتدى فوق البذلات. المعاطف الخفيفة العصرية الجديدة، ليست ضخمة الحجم، وتسمح فقط بارتداء سترة ذات رقبة عالية تحتها، إنه نوع من الدمج بين فكرة المعطف التقليدي، والمعطف الرياضي معًا. ويقول مدير قسم المشتريات في محلات "بورتر" للتجزئة، توبي بيتمان، إن "كل ما يُريده الرجال باختصار هو معطف يشبه كثيرًا الجاكت الرياضي، ولكن أكثر دفئًا وطولًا"، مضيفًا "على مدى السنوات القليلة الماضية عكف المصممون على تحديث معطف الرياضة، ولعبوا بالألوان والنمط، حتى لا يجعلوه يبدو وكأنه زي مدرسي موحد، والآن يأخذون النهج ذاته مع المعاطف الخفيفة، والفكرة هي جعل المعطف كما يُحب الرجل أن يرتديه حقًّا". وأشار مدير الموضة في محلات "بارنيز" لملابس الرجال، في نيويورك، توم كالندرين، أن "المعاطف الخفيفة، لا تزال تنطوي على درجة من الرزانة، وهى تجمع بين عناصر الحداثة، والعصرية، مع الكلاسيكية، والتقليدية". وأضاف كالندرين، إن "الأمر لا يتعلق فقط بملابس خارجية تؤدي الغرض منها، وهو إعطاء الدفء، ولكن الأمر يتعلق أيضًا بالموضة، ونحن لم يعد لدينا شتاءً باردًا، ولا حتى خريفًا باردًا؛ لذلك فالأمر يتعلق أكثر ربما بالظهور الأنيق والعصري، وهذا المعطف الخفيف الجديد هو ما ستراه مقبلًا في كل فصل شتاء"، موضحًا أنه "يرى أن فئة جديدة بدأت تظهر لتحل محل المعاطف الجلدية والصوفية الطويلة، والتي كانت من أساسيات ملابس الرجال في العقد الماضي من جانبه".