دبي - صوت الإمارات
وصف رياضيون تعاقد أندية دوري الخليج العربي لكرة القدم مع 485 لاعبًا أجنبيًا منذ بداية عصر الاحتراف في 2008، بأنه رقم مخيف وكارثي، مشيرين إلى وجود خلل كبير في الأندية، يتعلق بغياب الرقابة ودور اللجان الفنية في الاختيارات الفنية، الأمر الذي يدفعها لتغيير العديد من اللاعبين في الموسم الواحد، فتتراكم الديون عليها، وتتفاقم المشكلات المالية، على حد تعبيرهم، وكشفت سجلات أندية دوري الخليج العربي على الموقع الرسمي لاتحاد الكرة، أن تعاقدات الأندية منذ 2008 وصلت إلى 643 عقدًا جديدًا، مع إجمالي عدد لاعبين أجانب وصل إلى 485 لاعبًا في 18 ناديًا، سبق لهم الوجود في البطولة.
وعلى الرغم من استقرار نادي الوصل في الأعوام الأخيرة إلى حد ما على اللاعبين الأجانب، إلا أنه تصدر أندية الدولة في التعاقدات وتغيير اللاعبين بـ42 لاعبًا، يليه فريق الظفرة بـ37 لاعبًا، ثم الشارقة والإمارات بـ35 لاعبًا، خلال وجودهم في البطولة، بينما كان الشباب أقل الأندية في تغيير الأجانب، إذ تعاقد مع 21 لاعبًا فقط في 9 أعوام.
من جهته، قال لاعب النصر ومنتخب الإمارات السابق عبدالرحمن محمد، لـ"الإمارات اليوم" إن تعاقد الأندية مع 485 لاعبًا يعتبر رقمًا كبيرًا، ويشير إلى العديد من المشكلات التي تحاصر أندية الدولة في اختياراتها للاعبين الأجانب، وقد يكون أول الأسباب في ذلك هو اختيار مجلس الإدارة للاعبين الأجانب، قبل التعاقد مع المدربين فيفاجأ المدرب بعد تعاقده مع النادي بأن هناك لاعبين تعاقد معهم النادي دون الرجوع إليه، وهو السبب الأول للتغيير في الفترة الشتوية، بسبب عدم مطابقة اللاعب لما يحتاج إليه المدرب.
وأضاف "هل الأندية تختار طبقًا لاحتياجاتها في المراكز داخل الملعب؟ بالتأكيد لا، والدليل هو سعي الأندية باستمرار إلى التعاقد مع مهاجمين، ولاعبي وسط ملعب يمين ويسار، وقد يكون الفريق في حاجة إلى مدافع أو ظهير مدافع، هو ما فعله نادي الهلال السعودي في أحد المواسم، عندما تعاقد مع ظهير أيمن مدافع طبقًا لحاجته، وهو ما لم يحدث من قبل".
وأشار عبد الرحمن محمد، إلى أن ثالث الأسباب في التغيير هو غياب دور اللجان الفنية في الأندية، وإن وجدت فلا يكون لها الحق في مناقشة المدرب والجهاز الفني عن الاختيارات قبل التعاقد معهم، وأوضح أن "اللجان الفنية في الأندية غير مفعلة نهائياً، وهو ما يتسبب في مشكلات كثيرة في التعاقدات"، وتابع عبدالرحمن محمد، "من الأسباب المهمة أيضاً، عدم دراسة احتياجات الأندية لسنوات مقبلة، بمعنى أن يطلب النادي من وكيل لاعبين حاجة مدرب إلى لاعب للموسم المقبل، ومراقبة هذا اللاعب طوال الموسم في سبع أو ثماني مباريات على الأقل قبل التعاقد معه في الموسم الذي يليه، فلا يعقل أن يقوم ناد في موسم بتغيير أربعة لاعبين أجانب ما بين شهري سبتمبر ويناير".
بدوره، أكد لاعب الوحدة السابق ومحلل قناة أبوظبي الرياضية ياسر سالم، أن تعاقد الأندية مع 485 لاعبًا أجنبيًا رقم مخيف وكارثي، ويؤكد وجود خطأ في آلية الاختيار، حسب احتياجات الفرق في البطولة، ويثقل من ميزانيات الأندية، خصوصاً عندما يتم التعاقد مع لاعب أو اثنين وبعد مباراتين أو ثلاث يتم التغيير، ما يكشف أن هناك خطأ كبيرًا في الاختيار منذ البداية.
وقال إن "تصدر نادي الوصل لعدد اللاعبين الأجانب أمر طبيعي، لما كان يحدث في البداية، لكن الآن الوضع مختلف مع الاستقرار في الموسمين الآخرين، ما أدى إلى استقرار النتائج والعروض، واللاعب الأجنبي يتطور أيضًا مع الاستقرار، وهذا لا ينطبق على اللاعبين الأجانب فقط، وانما قائمة المدربين أيضاً شهدت تغييرات كثيرة، وأن هناك عددًا من الأندية التي شهدت استقرارًا في المواسم الأخيرة، لكن الأخرى لم تكن كذلك، بسبب الاختيارات العشوائية، وعدم التسويق الجيد للاعبين، بأثقل ميزانياتها وجود ستة لاعبين أجانب تدفع رواتبهم".
وأكمل "أتعجب من الأندية التي تقوم بالتعاقد مع لاعب عمره 33 أو 34 عاماً لمدة موسمين أو ثلاثة، فكم ستبيعه بعد ذلك إذا رغبت في الاستغناء عنه؟ وأغلب اللاعبين يأتون من الخارج تنتهي مسيرتهم أو ينخفض مستواهم بسبب اختلاف النظام التدريبي والحياة بين دوري الخليج العربي والخارج، وللأسف كل التعاقدات، هنا تصب في مصلحة اللاعبين بالحصول على شروط جزائية ورواتب".
وأشاد ياسر سالم، بإدارة نادي الجزيرة، التي فعلت الصواب عندما أعطت الفرصة للاعب المميز خلفان مبارك، واستغنت عن البرازيلي نيفيز، لأن الموهبة إذا لم تصقل تنتهي، وهذا اختيار جيد من نادي الجزيرة، فكرة القدم هي لعبة توازن، حيث نجد أندية تحتاج إلى مدافع قائد، وتذهب إلى التعاقد مع مهاجمين، وعلى سبيل المثال على الرغم من استقرار نادي الشباب الفترة الأخيرة في التعاقدات، وضمه أفضل اللاعبين، إلا أنه أخطأ في التعاقد مع المهاجم الهولندي بويغمانس، لـ3 أعوام، لأن طريقة لعبه لا تخدم الفريق الذي يحتاج إلى لاعب هداف.
وأكد لاعب منتخب الإمارات والخليج السابق، خليل غانم، "أن هناك خللاً كبيرًا في الأندية، يتسبب في كثرة التغييرات التي تجريها الأندية على اللاعبين، بسبب سوء الاختيار من البداية، وكذلك عدم تحديد الميزانيات اللازمة لشراء اللاعبين، وإن الرقم كبير ومخيف، لا نعمم الخطأ على الكل، ولكن يجب الوضع في الاعتبار أن ما يحدث استنزاف للأموال، كما أن كثرة التغيير لا تؤدي إلى النجاح، بل على العكس تؤدي إلى الفشل، لأن اللاعب يجب أن يشعر بالاستقرار، وبأنه سينال فرصة كاملة للتقييم وتقديم كل ما يملك".
بدوره، انتقد الناقد الرياضي واللاعب التونسي السابق، مهدي بن عبيد، كثرة تغييرات اللاعبين الأجانب في دوري الخليج العربي، مشيرًا إلى أن معدل تغيير اللاعبين بهذا الشكل كبير جدًا، وقال: "للأسف تعطي الأندية الإماراتية عقوداً لا توجد في العديد من الدول الأوروبية، مثل الدوري الانجليزي أو الإسباني، وهو ما يجعل الدوري الإماراتي مجالاً للتجارب والتغيير، ويؤكد وجود هذا الرقم المخيف، عدم الاختيار الصحيح".