البطل الأولمبي هادي صوعان

يعد البطل الأولمبي هادي صوعان علامة فارقة في سماء الرياضة السعودية، وأحد الأبطال الذين سيخلدهم التاريخ طويلا، فهو صاحب أول ميدالية أولمبية سعودية، وأول من رفع العلم الأخضر عاليا في سماء المحفل الدولي الكبير، عقب إنجازه التاريخي في مسابقة 400م حواجز بأولمبياد سيدني 2000.

ورغم مرور 20 عاما على هذا المنجز إلا أن اسم البطل السعودي دائما ما يلوح في الأفق عند الحديث عن تطلعات الرياضيين السعوديين قبل أي أولمبياد أو محفل دولي، فهو أيقونة ومحفز ومصدر إلهام ومحط أنظار للمواهب المحلية والعربية ليس على مستوى ألعاب القوى فحسب، بل يمتد تأثيره إلى بقية الرياضات الأخرى.

ويرى صوعان أن ألعاب القوى السعودية تحتاج إلى النهوض من جديد بعد تراجعها الكبير في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن عدم الاهتمام بالبنية التحتية ونوعية المدربين يعد من المسببات الرئيسية لذلك الأمر. ويبدي صوعان ثقته في أن ألعاب القوى السعودية ستعود بقوة في ظل الدعم والاهتمام الذي تقدمه وزارة الرياضة واللجنة الأولمبية السعودية، ويطالب الأندية بالمشاركة والمساهمة في صناعة الأبطال الأولمبيين بموازاة العمل الذي تقدمة الجهات المسؤولة عن الرياضة في البلاد.

صوعان تحدث في حوار لـ«الشرق الأوسط» عن الكثير من الجوانب التي تخص رياضة ألعاب القوى السعودية ومستقبلها وتطلعاتها، كما أدلى بدلوه فيما يتعلق بالخطوات الواجب اتباعها لإعادة توهج هذه الرياضة.

رغم مرور 20 عاما على الإنجاز، إلا أن الكثيرين ما زالوا يستحضرون لحظة تتويجك بفضية 400م حواجز في أولمبياد سيدني كأول ميدالية سعودية في هذا المحفل الكبير، كيف تجد ذلك؟

- لا أخفي عليك مدى فخري بتحقيق هذه الميدالية، وأن أكون جزءا من عمل كان نتاجه هذه الميدالية التي سجلت باسم المملكة، والحقيقة ما كان هادي صوعان ليحققها لولا توفيق الله ثم العمل الجماعي بدءا من القيادة الرياضية للجنة الأولمبية وحتى أصغر القائمين عليها في ذلك الوقت. لقد عملت لسنوات لتحقيق هذا المنجز وكان هذا المشروع الذي توجنا من خلاله بأول ميدالية في الأولمبياد وحقيقة أنا فخور وسعيد أن أكون جزءا من هذا العمل وأدخل التاريخ كأول عداء سعودي يحقق هذه الميدالية، ولقد تكرر الإنجاز في نفس الأولمبياد من خلال البطل الأولمبي الفارس خالد العيد، حيث حقق الميدالية البرونزية، وبعدها بـ12 عاما تحققت الميدالية الثالثة وكانت برونزية في أولمبياد لندن، وصحيح أن تاريخنا ليس بالتاريخ القوي على المستوى الأولمبي ولكن مستقبلنا بإذن الله سيكون حافلا بالإنجازات خصوصاً مع توجه القيادة الرياضية واللجنة الأولمبية لصناعة أبطال سعوديين.

كيف تصف لحظات الفرحة ومن أول من اتصل بك بعد التتويج؟

- كانت بوادر تحقيق إنجاز في ذلك اليوم واضحة، خصوصاً بعد المستويات المذهلة في المراحل التأهيلية، وقتها كان الأمير نواف بن فيصل «نائب رئيس رعاية الشباب» حاضرا، وأيضاً الأمير نواف بن محمد، رئيس الاتحاد السعودي لألعاب القوى، وكانا أول المهنئين في الميدان بعد نهاية السباق، وبعد التتويج توالت اتصالات التهاني وتلقيت أول اتصال من الأمير سلطان بن فهد، الرئيس العام لرعاية الشباب والكثير من القيادات الرياضية والأصدقاء، ولم تسعني الفرحة في تلك اللحظة.

 

عند خط النهاية كان التنافس بينك وبين صاحب المركز الأول كبيرا، هل تعتقد أنه كان بإمكانك الحصول على الذهبية حينها؟

 

- قبل انطلاق السباق كنت أنا وبقية المتسابقين نمني النفس بأي ميدالية من الميداليات الثلاث، خاصة أن جميع المتسابقين لم يسبق لهم التتويج في الألعاب الأولمبية، وإذا تحدثنا عن إنجازات المتسابقين وجاهزيتهم، فالجميع كان على أتم الاستعداد وسجل حضوره خلال الموسم الرياضي، والأرقام كانت تتفاوت بيننا ولم أكن الأفضل في المجموعة وكانوا يتفوقون على مستوى الحضور والرقم الزمني ما قبل التأهيل للأولمبياد والبطولات، ولكن مع مرور الأدوار التمهيدية وفي الدور النصف النهائي كنت الأكثر جاهزية والأفضل تأهيلا وكانت لي حظوظ كبيرة في الحصول على إحدى الميداليات والأقرب للذهبية. كان نصيبي مع الميدالية الفضية وشعرت لحظتها بالحسرة، ولكن عندما رجعت للمنطق فقد كسبت الميدالية الفضية ونجحت بالتفوق على لاعبين كانوا يتفوقون علي بالمستوى بالإضافة أن صاحب المركز الأول الأميركي انجيلو تايلور هو المصنف الأول عالمياً وأنهى الموسم كأفضل لاعب على مستوى العالم ومع ذلك حصوله على الميدالية الذهبية لم يأتِ بسهولة بل واجه صعوبة بالغة، وفي هذا السباق خرجت بمكاسب عدة منها تحسن زمني وتحقيق رقم آسيوي جديد ودخلت من أفضل 10 أزمنة في تاريخ السباق، وسجلت اسمي على مستوى التاريخ الأولمبي مع أساطير السباق ولا أخفيك أخذتني العاطفة في ذلك الوقت بخسارتي للميدالية الذهبية وكنت على بعد أجزاء من المائة من الثانية، وتخيل الفارق البسيط جداً حيث سجلت زمن 47.53 والأميركي تايلور سجل 47.50.

منافسات ألعاب القوى من أشد واصعب الرياضات إلا أنك حققت العديد من الإنجازات والأرقام الشخصية، وكنت الأبرز بين أبناء جيلك، ما هو السر في ذلك؟

- لو تحدثنا عن الجيل الذي مثل المنتخب السعودي للألعاب القوى في ذلك الوقت فأنا لست أكثر اللاعبين موهبة ولا أكثرهم قدرة وقوة، ولكن كنت أتميز عن زملائي اللاعبين بمزايا كانت هي المفتاح للتفوق والنجاح، منها الرغبة والانضباط والجدية وهذا ليس تقليلا من قدراتهم ولكن، كان تركيزي عاليا وكنت أعطي الأمور حقها وزيادة وهذه المزايا التي ركزت فيها صنعت مني بطلا أولمبيا وواصلت حصد الكثير من الألقاب في الكثير من المشاركات.

من خلال مشاركاتنا في الأولمبياد أو الدورات الرياضية المجمعة، دائما ما تتصدر رياضة ألعاب القوى المشهد في عدد الميداليات، كيف تجد ذلك؟

- بالفعل رياضة ألعاب القوى السعودية سجلت حضورا مشرفا في العديد من المشاركات على المستوى العالمي والقاري وهذا العمل خطط له من سنوات لصناعة جيل يستطيع المنافسة وليس ألعاب القوى السعودية فقط بل هناك العديد من المنتخبات العالمية تخطط لصناعة أبطال في هذه الرياضة فمثلا منتخب كندا عام 1995 و1996 وكذلك المنتخب الإنجليزي عام 2012 ونحن نتحدث عن 23 مسابقة في هذه الرياضة ومثل هذا العمل يحتاج إلى جهد كبير وما قام به الاتحاد السعودي لألعاب القوى في فترة التسعينيات جنيت ثماره عام 2000 واستمرت الإنجازات حتى عام 2006 وكان الإنفاق المادي ونوعية المدربين ونوعية المعسكرات والتركيز العالي وساعات العمل العالية هي من صنعت هذا الجيل وكان هادي صوعان محظوظا أن يكون مع ذلك الجيل، وكان لدينا تفوق في منافسات الوثب الطويل والوثب الثلاثي والسرعات والحواجز والمسافات المتوسطة ورمي الجلة وكنا الأوائل على مستوى القارة من حيث الحضور والأرقام والميداليات ولكن للأسف مع مرور الوقت تقلصت الإنجازات بسبب اختلاف نوعية العمل وضعف في بعض المسابقات واعتزال الجيل الذهبي وعدم استمرار المدربين المميزين والآن هناك خطط وعمل وبرامج يتم الإعداد لها مستقبلاً لعودة اللعبة من جديد.

شاهدنا الكثير من العدائين الذين سجلوا حضورا مميزا في المشاركات الأولمبية ولكن اختفوا مع مرور الوقت أمثال يوسف مسرحي ومحمد الصالحي وسلطان الحبشي، ما السبب برأيك؟

- لو عدنا لأعمار هؤلاء اللاعبين نجدهم لا يقلون عن 30 عاما وهذا الجيل تقريباً شبه انتهى، وأعتقد أنهم أدوا أدوارهم بنجاح في الملاعب، ففي سن النضوج والعطاء نجد أنهم حققوا الميداليات في الدورات الآسيوية والتأهل لبطولة العالم والتأهل للأولمبياد ولسنوات متتالية ومثل هذا الظهور لا بد أن تخلفه أجيال متتالية، وهذا ما نفتقده في السعودية، فلا بد أن يكون لدينا جيل جديد يعوض هؤلاء اللاعبين وهذا أعتبره خللا وهؤلاء اللاعبون الذين ذكرتهم قدموا كل ما لديهم، وعلى سبيل المثال البطل سلطان الحبشي الذي حقق الميدالية الذهبية في رمي الجلة في ثلاث دورات آسيوية، فأنت تتحدث عن ثماني سنوات متتالية من التفوق وهو بطل للقارة، ومن الظلم أن تأتي بعد 12 عاما وتطالبه بميدالية، أيضا العداء يوسف مسرحي في مسابقة 400 متر كان أول ظهور له في أولمبياد لندن 2012 ووصل إلى الدور نصف النهائي، وكان أيضا متواجدا خلال الـ4 سنوات في سباقي نهائيات في بطولات العالم 2013 و2015 خلاف ذلك بطل دورة الألعاب الآسيوية وحقق رقما قياسيا آسيويا ويعتبر من أفضل ثمانية عدائين على مستوى العالم لسنوات وللأسف سوء الطالع حرمه من ميدالية في بطولة العالم 2015 ولو وفق ووزع مجهوده في ذلك السباق لتوج بميدالية، فالخلل ليس في اللاعبين وإنما في تجهيز البديل، وكان لا بد من وجود مجموعة بديلة لتغطية هؤلاء اللاعبين بعد انتهاء أعمارهم الافتراضية، فالمشكلة التي نواجهها هي التركيز على الأفراد وننسى التركيز على المجموعة.

كيف ترى مشاركتنا في أولمبياد طوكيو المقبل؟

- مرحلة التأهيل لم تأخذ وقتها وبالتالي من الظلم أن تحدد كم لاعبا سيشارك في الأولمبياد وجاء التوقف بسبب أزمة فايروس كورونا ومن المفترض أن تكون نهاية مرحلة التأهيل في أواخر شهر يونيو (حزيران) فاللاعبون حتى الوقت الراهن لم يبدأوا موسمهم فتوقفت التدريبات والمشاركات لذلك لا يمكن تحديد عدد المتأهلين في رياضة ألعاب القوى أو الرياضات الأخرى ولكن وفق حديثي مع رئيس الاتحاد العميد هادي القحطاني ومع الفنيين يتوقع تأهل من 4 إلى 6 لاعبين.

كيف ترى مستقبل رياضة ألعاب القوى السعودية؟

- بكل صراحة حاضر ألعاب القوى السعودية للأسف دون مستوى التطلعات وتحتاج إلى جهود مضاعفة حتى تعود إلى سابق عهدها، وبالنسبة إلى اهتمام الأندية يعتبر ضعيفا للغاية حتى الموسم الحالي، فخلال الـ7 سنوات الماضية للأسف كانت البنية التحتية ضعيفة بسبب قلة الإنفاق على الألعاب المختلفة بما فيها ألعاب القوى وأيضا لا يوجد مدربون على كفاءة عالية، وأيضا كانت الأدوات والمستلزمات ضعيفة. والآن بدأت تتغير الأمور فالإنفاق والرؤية والتطلعات اختلفت ودعم ورعاية الأندية اختلفا وأصبحنا الآن الأفضل من ناحية الإنفاق على مستوى الوطن العربي وحتى نجني ثمار هذا العمل نحتاج على أقل تقدير من موسمين إلى ثلاثة مواسم ويعتمد على عمل الأندية والذي سيصبح قاعدة أساسية للمنتخبات ونستطيع صناعة بطل أولمبي إذا أحسنت الأندية التصرف والإدارة، والتي تعتبر اللبنة الأولى. ولتكتمل المنظومة لا بد من تفعيل أكثر لدور الرياضة المدرسية، ومتى ما تهيأت سنصبح قادرين بإذن الله على تحقيق تطلعات القيادة الرياضية واللجنة الأولمبية.

قد يهمك ايضا 

مصير مجهول لأندية "البريميرليغ" في حال عدم استكمال الموسم الكروي

باريس سان جيرمان يغري كيليان مبابي بوصافة ميسي