عبدالوهاب عبدالقادر

ارتبطت أسماء عديدة بالكرة الإماراتية، لعل أبرزها المدرب العراقي عبدالوهاب عبدالقادر، إذ قضى 30 عامًا مقيمًا في الدولة، تولى خلالها قيادة 9 فرق للدرجة الأولى والمحترفين، إلى جانب التحاقه بالطاقم التدريبي للمنتخبات الوطنية، أخذ عبدالقادر استراحة محارب عقب موسم 2012/‏‏2013، تاركًا الدوري الإماراتي، بعد انتهاء تعاقده مع نادي عجمان، ليعود مجددًا إلى الملاعب المرتبط بها ارتباطًا وثيقًا، عبر بوابة نادي بني ياس الجريح والمهدد بالهبوط.

فيما خص المدرب المخضرم، "البيان الرياضي"،  بحوار مطول، تناول فيه أسباب  ارتباطه بالإمارات، وأهم المحطات في حياته، ورؤيته المستقبلية لـ"السماوي"، مؤكدًا أنه في علم الغيب، وألقى الضوء على دوري المحترفين والمنتخب الوطني، وملفات ساخنة.

وأكد عبد القادر، أن من يعش على أرض الإمارات من الصعب أن يتركها، نظرًا لطيبة شعبها والأمن والآمان الذي تشهده، وخلال ما يقرب من 30 عامًا، مشوار تدريبه داخل الدولة، قاد فيها 9 أندية إماراتية، كان الاحترام والود عنوانًا للتعامل مع الإدارات واللاعبين والمجتمع بشكل عام، مشيرًا إلى أنه لديه الكثير من المحطات في حياته، لكن أبرزها تجربته مع بني ياس،

التي قدت فيها الفريق السماوي لـ 7 أعوام، وبالتحديد منذ عام 1988 إلى 1994، حينها حققنا نتائج جيدة للغاية، وصعد الفريق من دوري الدرجة الأولى إلى الممتاز، وعلى صعيد النتائج، أوضح "فزنا بكأس رئيس الدولة 1992، للمرة الأولى في تاريخ النادي، كما شاركنا في بطولة الأندية الآسيوية، وكان وقتها بني ياس فريقًا ممتعًا حقًا".

وأضاف عبدالقادر، أن "هناك محطة أخرى مهمة في مشواري التدريبي، عندما قدت عجمان لـ 6 أعوام، بالإضافة إلى تجاربي التدريبية مع الوحدة، الشباب، الشارقة، الفجيرة، وغيرها من فرق الدولة، سواء درجة أولى أو محترفين"، مؤكدًا أنه بالنسبة للمنتخبات الإماراتية، "كنت حاضرًا ضمن الكادر التدريبي لمنتخبات الشباب، والمنتخب الأول، وتحضرني الذاكرة عندما كنت ضمن الإدارة الفنية للأبيض في بطولة كأس العالم للقارات 1997، وحينها كان قائد المنتخب التشيكي ميلان ماتشالا".

وبشأن مشوار  عبد القادر التدريبي في العراق قبل أن اختيار الإمارات وجهته، لفت إلى أن العراق أهم محطات حياته، أثناء تدريب نادي الطلبة، إذ أنه حينها كان يحظى بشعبية عالية، متابعًا "أحرزنا بطولة الدوري والكأس عام 1982، وبالنسبة للمنتخبات، قدتُ منتخب الشباب ووفقنا في التتويج بكأس البطولة، والأخير كان نواة للمنتخب الأول ورفده باللاعبين المميزين، وأصبحوا نجومًا في ما بعد، أمثال ناظم شاكر، كريم علاوي، حارس محمد وغيرهم".

كما أوضح عبدالقادر، أن "الدوري العراقي أصبح منضبطًا أكثر من السابق، من حيث أجندة المسابقات، وبالتالي، هناك تطورًا ملحوظًا، والأمور مهيئة للمنتخب الأول بضم عناصر جيدة من اللاعبين، قادرين على وضع "أسود الرافدين" في موقعه الصحيح، واللاعب العراقي يمتاز بالانضباط والروح القتالية، وكانت فرصه أكبر في الأعوام الماضية للاحتراف في الدوريات الخليجية، لكن الآن أعتقد أن فرصه ضعيفة"، معللًا ذلك "بالعقوبات المفروضة من قبل "فيفا"، بعدم استضافة العراق أي فرق أو منتخبات على أراضيه، وقد حان الآوان لرفع تلك العقوبات، لأن الفرق أو المنتخبات عندما تلعب على أراضيها وبين جماهيرها، تكون لها الأفضلية خارج ملاعبها".

وبالنسبة لفرص أسود الرافدين في مشوار تصفيات المونديال، أكد عبدالقادر، "إنها صعبة للغاية، لأنه جمع 3 نقاط من 5 مواجهات، بخلاف المنتخبات المتصدرة السعودية واليابان، وأستراليا، ورغم وضعية العراق الصعبة في جدول الترتيب، إلا أنه قادر على عرقلة أي من الفرق الأربعة المتصدرة، وبالنسبة لي، فإنني متفائل بمستقبل الكرة العراقية، إذا تحسنت النواحي الأمنية ورفعت العقوبات".
وبشأن توقعاته للأبيض الإماراتي وحلم التأهل إلى المونديال، أشار عبدالقادر إلى أن "الطريق ممهد أمام المنتخب الإماراتي للتأهل، لأنه يضم مجموعة مميزة من اللاعبين، يقودها مهدي علي، وهو مدرب يتمتع بعقلية احترافية، واستطاع أن يصنع استقرارًا وانسجامًا بين اللاعبين منذ أعوام ماضية، وترتيبه في القائمة جيد، حيث إن نقطة وحيدة تفصله عن المتصدرين السعودية واليابان.
وبشأن بقاء في الإمارات وعدم الموافقة على عروض خارجية، بين عبدالقادر، "أن حقيقة الأمر، تلقيت عروضًا عديدة خلال مشواري التدريبي من خارج الإمارات، لكنني اتخذت قرارًا بالاستقرار في الدولة وقيادة فرقها التي تعرض علي من حين إلى آخر، والسبب الرئيسي هو عشقي للدولة، ودائمًا ما كنت أشعر أنني واحدًا من الأسرة الإماراتية، ولم أشعر يومًا بأنني غريب عن الديار، فدائمًا العلاقة الطيبة تربطني بجميع الأندية، لذلك قضيت ما يقرب من نصف عمري على أرض الدولة".

 فيما كشف عبد القادر ، أن موسم 2012/‏‏2013بالتحديد مليء بالذكريات، ولا يخلو من المفارقات، فبعد أن تتويج عجمان بكأس اتصالات للمرة الأولى في تاريخ النادي، لم يستطع البقاء في دوري المحترفين، وهبط "البرتقالي" إلى الدرجة الأولى، وكأن لعنة الكأس حلت عليه، وفي الوقت نفسه، حصلت على أفضل مدرب في دوري المحترفين للموسم نفسه، متابعًا "أتمنى التوفيق للنادي، والعودة مجددًا إلى الأضواء، وخلال الثلاثة أعوام الماضية، أقمت في نيوزيلاندا مع أسرتي، إذ إنني أحمل جنسيتها".

وتابع عبدالقادر، أن "علاقات جيدة تربطني مع إدارة بني ياس وأعضاء مجلس الإدارة الحاليين، كانوا في أعمار صغيرة حينما كنت مدربًا للسماوي، والآن هم يتولون مناصب عليا في الدولة، ومن هنا، عرضت علي مسؤولية قيادة الفريق، ولا أخفيك سرًا بصعوبة المهمة، لكن فضلت تحمل المسؤولية، نظرًا لحبي للنادي وذكرياتي عندما كنت مدربًا له، مضيفًا "بالتأكيد، قرار تولي تدريب الفريق كان صعبًا، وما زال، فحينها جمع 5 نقاط من 16 مباراة، وبالنسبة لنا كجهاز فني، خضنا 3 مباريات، ووفقنا في حصد 6 نقاط، من فوز على حتا والظفرة 1/‏‏0، وخسرنا أمام الجزيرة متصدر قائمة الدوري".

كما ذكر عبدالقادر، أنه "لا شك أن وضعية فريق بني ياس الصعبة ونتائجه تضغط علينا بقوة، لكن طالما قبلنا المسؤولية، فعلينا العمل الجاد، أما التوفيق فمن عند الله، لكن ما أستطيع قوله، إن الأمل ما زال موجودًا، ويتطلب منا التحلي بالصبر والأخذ بالأسباب، مشيرًا إلى أن أهم التحديات التي واجهته عند استلامه المهمة قبل 3 جولات من الدوري، "العامل النفسي للاعبين، الذي استقر في أذهانهم، فلا يعقل أن يحصد فريق بحجم بني ياس 5 نقاط فيما يقارب ثلثي الدوري، بالإضافة إلى ضعف الكفاءة البدنية بالنسبة للمحترفين، لا سيما أنهم جاؤوا من الدوري الروسي، والمتوقف لـ 3 أشهر، كما أن الانسجام غاب عن بعض اللاعبين".

وعلى سياق متصل، نوه عبدالقادر، إلى أن عشرين يومًا تقريبًا، هي مدة العمل، وخلال هذه المدة القصيرة، "عملنا أولًا على رفع الروح المعنوية للاعبين، بالتعاون مع مجلس الإدارة، لأنه دون العامل النفسي، لا يستطيع اللاعب القتال داخل الملعب، وبالتأكيد، تعاملنا مع بعض الأمور الفنية، وأهمها رفع الكفاءة البدنية، وخلق التجانس والانسجام"، مستطردًا "بالنظر إلى الحالة العامة، لا يستطيع أي مدرب، مهما كانت إمكاناته وخبراته، أن يجري تغييرًا جذريًا، لا سيما مع قلة البدائل، كما أن قوام الفريق من اللاعبين الشباب المحتاجين إلى الخبرة، والفريق لا يحتمل أي مغامرة من الجهاز الفني".

وأوضح عبدالقادر، أنه طالب اللاعبين بعدم التفكير في نتائج الفرق الأخرى، لأن الحسابات ستؤدي إلى إرهاق ذهنهم، وربما نصل إلى مرحلة الإحباط، لذلك يجب خوض كل مباراة على حدة، والهدف الأساسي هو جمع النقاط، فلا شك أن موقف بني ياس صعب مع تقارب المستوى لفرق مربع الخطر، ومع مشاهدة مفاجآت الجولات الماضية، بتعادل دبا والنصر، والوصل وكلباء، فالمطلوب في المرحلة الحالية، التركيز فقط على جمع النقاط، دون حساب نتائج الآخرين.

فيما يذكر أن عبدالوهاب عبد القادر، من مواليد بغداد- العطيفية، حاصر على مؤهل علمي بكالوريوس تربية رياضية، ومقيم في الإمارات منذ عام 1983، ويحمل الجنسية النيوزيلاندية، كانت بدايته مع فريق الطلبة العراقي، لاعبًا في الوسط، وحقق عدة بطولات منها كأس رئيس الدولة مع بني ياس عام 1992، وكأس اتصالات مع عجمان 2012/2013، كما تم اختياره أفضل مدرب في دوري المحترفين عام 2013، والأندية التي تولى تدريبها "الوحدة- أهلي الفجيرة – بني ياس– الشباب – الخليج – رأس الخيمة - الشارقة - عجمان – الفجيرة".
وكان قد جمع بني ياس تحت قيادة عبد القادر 6 نقاط في 3 مباريات، مقابل نقطة وحيدة للأوروغوياني بابلو ريبتو من 4 مباريات، أما البرتغالي خوسيه غوميز، فضرب الفريق الرقم القياسي بالهزائم في عهده، إذ كانت الخسائر هي السمة السائدة، بجمعه 4 نقاط من 11 جولة خاضها السماوي، وبهذه النتائج المخيبة للآمال، استقر بني ياس في المركز الأخير لقائمة الترتيب بـ11 نقطة للمرة الأولى في تاريخه.

وبشأن المحترفين الأجانب، قال عبد القادر: "إن المحترفين الأجانب الأربعة، والمرتبطين بأندية دورينا، لهم دور إيجابي احترافي، يتبلور في خلق بيئة تنافسية مع اللاعبين المواطنين، ما يؤدي إلى رفع الكفاءة الفنية بشكل عام بالنسبة للاعب المواطن، الذي أثبت حضوره، وأصبح منافسًا قويًا لنظيره المحترف الأجنبي، وعلى سبيل المثال، يتصدر علي مبخوت قائمة هدافي الدوري، إلى جانب تميز وبروز الكثير من المواطنين، أمثال عمر عبدالرحمن، أحمد خليل، إسماعيل مطر، إسماعيل الحمادي، وغيرهم في أندية متعددة داخل الدولة".

وتابع عبدالقادر، "تأتي الحاجة ملحة للاستعانة بالمحترفين الأجانب، نظرًا للمشاركة في المسابقات الآسيوية، التي تضم فرقًا قارية كبرى، والمنافسة في هذه المسابقات، تتطلب بكل تأكيد المحترفين الأجانب لتساوي الكفة، في المقابل، لاتحاد الكرة الحق في تقنين العدد إلى 3 لاعبين، على سبيل المثال، من أجل إتاحة فرصة أكبر للمواطنين، لكن بشكل عام، وجود المحترفين ضرورة، مضيفصا "الدوري الإماراتي أحدث قفزة كبرى بين دوريات آسيا، وآخرها حصوله على المركز الأول كأقوى الدوريات الآسيوية، وهذا التصنيف لم يأتِ من فراغ، بل صنعه التنافس بين اللاعبين المواطنين والمحترفين الأجانب، إلى جانب التنظيم المتقن من قبل رابطة المحترفين، واتحاد الكرة والمجالس الرياضية".

فيما رشح عبدالقادر، فريق الجزيرة بطلًا لدوري الخليج العربي للموسم الجاري، لافتًا إلى أن فخر أبوظبي استفاد من تعثر المنافسين، العين والأهلي والوصل، مع الفرق الضعيفة، ليوسع فارق النقاط مع الذي يليه في الترتيب إلى 9 نقاط، متابعًا إن مؤشرات الدرع تتجه صوب فخر أبوظبي، الممتلك ثقافة الفوز وجمع النقاط، حتى وهو في أسوأ حالاته، وفي الوقت نفسه، يضم الفريق وجوهًا شابة واعدة، بالإضافة إلى استقطابات قوية من المحترفين الأجانب، كما أنه استفاد من صفقاته مع العين، بضم فارس جمعة ومسلم فايز ومحمد فوزي، وهؤلاء يمتلكون الفكر الكروي الميداني، وخبراتهم دفعت الفــريق إلى التطــــور.