دبي - صوت الإمارات
لا يحتاج الحديث مع عصام الشوالي إلى أن تتكلم كثيرًا، بل الإنصات في حضرته أفضل ما يمكن فعله للاستمتاع بثقافته الطاغية، وصوته الجميل الذي يرتبط في الأذهان بكل الأحداث التاريخية الرياضية، والمباريات والنهائيات الكبيرة في السنوات الأخيرة، لكل عشاق الساحرة المستديرة، فهو واحد ممن وضعوا بصمة خاصة في مجال التعليق العربي، وبات، بشهادة الكثيرين، الأكثر شعبية، بعدما تجاوزت نجوميته وشهرته كل الحدود العالمية، وانتشر صيته من المحيط إلى الخليج.
وعلق الشوالي، في تصريحات صحافية، على بدايته في التعليق الرياضي، حيث قال: "بدأت الحكاية في التعليق الرياضي من خلال قرار وطني بإنشاء إذاعة الشباب والرياضة، في 1995، وكنت قد شاركت في مسابقة، فحالفني التوفيق ونجحت، وفي 1998 كانت الإطلالة الأولى في التليفزيون التونسي، وكانت أول مباراة أتذكرها في 15 سبتمبر / أيلول 1998، بين ريال مدريد وإنتر ميلانو، والفضل لله أولاً في انطلاقاتي بعد ذلك، ثم المجهود الشخصي، ومن آمنوا بموهبتي، مثل المرحومة عواطف حميدة، مديرة إذاعة الشباب والرياضة، والمنذر لجبنياني، رئيس القسم الرياضي في الإذاعة، ثم في راديو وتليفزيون العرب ART، توفيق العبيدي وعلي داود، وفي الجزيرة الرياضية ناصر الخليفي".
وعن السر وراء وصوله إلى هذه النجومية، قال: "لا توجد أسرار في العمل، بل هي مجموعة ضوابط، منها الاحترام والاجتهاد والموهبة والعمل الجدي واحترام الجمهور، فأنا عندما أعلق على مباراة بين برشلونة وريال مدريد، مثلما أعلق على مباراة أقل قيمة، وبنفس التحضير والحماس، وهذا كله احترامًا للجمهور، ولو متفرج واحد فقط يشاهد عصام الشوالي، سأعطيه كل ما في قلبي لإرضائه وإسعاده، فالنجومية قدر من أقدار الله، ومن ثم مجهود واجتهاد".
وأضاف: "حققت كل أحلامي، فالإنسان لا يتبذر على النعمة، وأنا صاحب الرقم القياسي كمعلق رياضي على المستوى العالمي في عدد النهائيات التي علقت عليها، أكثر من 160 نهائيًا في مختلف البطولات الإقليمية والقارية، وزرت أكثر من 40 دولة، ووجدت في معظم الملاعب الأسطورية على مستوى العالم، السان سيرو والأولمبيكو والكامب نو والماركانا والأليانز أرينا وويمبلي والبارك دي برانس والبرنابيو".
وأكمل الحديث قائلاً: "كما حققت شعبية كبيرة، ومحبة الناس لا تقدر بثمن، وحصلت على العديد من الجوائز، والتعليق الرياضي منحني فرصة كبير لمقابلة شخصيات سياسية كبيرة، والظهور في الإعلانات، وحصلت أيضًا على العديد من التكريمات، وأول مرة تم تعريب فيفا بلاي ستيشن، كنت السبب فيها، كما تم اختياري في 2009 و2010 من مجلة أرابيان بيزنس، ضمن أكثر 100 شخصية مؤثرة في الوطن العربي".
ويصنف البعض الشوالي على أنه أصبح الأفضل في تاريخ التعليق العربي الحديث، وردًا على ذلك أكد المعلق التونسي أن هذا تشريف كبير، ولكن التاريخ والجمهور هم من يحكمون، فلا يمكن أن يحكم على تجربته، مشيرًا إلى أنه منذ 2001 حاول أقدم أفضل ما لديه، بعيدًا عن كونه الأفضل أو لا.
وبشأن تجربته مع قناة "بي إن سبورتس"، قال: "تجربتي بدأت عام 2009، وها هي تمتد للعام الثامن، والحمد لله كانت تجربة كبيرة، وأستطيع القول إن 65 نهائيًا في القناة شيء يشرف، ويكفيني أنني لم أتغيب عن النهائيات الكبرى بداية من كأس العالم 2010 و2014 وكأس أوروبا 2012 و2016، وأعتبر الشبكة بيتي، وأعطيت فيها كل ما عندي، وكأنها تجربتي الأولى"، مضيفًا: "المستقبل لا يعلمه إلا الله، وعقدي ما زال يمتد لسنة أخرى، وأنا راضٍ عن التجربة، وألاقي احترام مسؤولي القناة وتقديرهم، وهي شبكة عالمية يحلم بها كل معلق، وحتى لو تلقيت عرضًا أفضل ماديًا، فأنا مرتاح في القناة، ولا أفكر في الرحيل"، لافتًا إلى أنه من الصعب أن يختار مباراة بعينها كأفضل ما علق عليه.
وأشار الشوالي إلى أنه من المستحيل أن يندم على أي مباراة علق عليها، أو أي شيء يخص التعليق، لأنه أعطاه الكثير منذ بداياته في تونس، واحترافه في ART ثم "بي إن"، مشيرًا إلى أنه كمن لعب في ريال مدريد وبرشلونة، قائلاً: "التعليق أخذ مني الصحة، ووقت العائلة، منذ 2001 وأنا في حالة هجرة واغتراب ما بين الأردن ثم الدوحة وباريس، وكبر أولادي بعيدًا عن عيني، وأيضًا الدفء العائلي والكثير من التضحيات في مناسبات الأعياد، ورمضان، لكني أخذت الشهرة ومعرفة الرجال والجوائز وراحة البال، والتقيت كثيرًا من النجوم، كنت أحلم فقط بمجرد مشاهدتهم، مثل مورينيو وبيليه ومارادونا".
وأضاف بالقول: "الاعتزال ليس مطروحًا حاليًا، فأنا من مواليد 1970، وربما بعد كأس العالم 2018 أوقع عقدًا جديدًا لمدة أربع أو خمس سنوات، وبعدها أتوقف، فلا يمكني الاستمرار حتى سن الـ60، وبعد عقد واحد أقول مرحبًا بالاعتزال، مؤكدًا أنه لو لم يكن معلقًا لتمنى أن يكون معلقًا.
وعن رؤيته للمعلق الناجح، قال: "المعلق مجموعة من الخاصيات، أهمها الفطرة، ثم الثقافة العامة والرياضية، إضافة إلى التعلم والتدريب أيضًا، فالتعليق موهبة من عند الله، والتعليق العربي يعيش عصره الذهبي، نتيجة اهتمام الجمهور باسم المعلق، وأصبح سعره كبير وقيمته كبيرة، والمعلق يستحق في رأيي هذا الدور، لأنه يجتهد ويحاول أن يطور من نفسه، والجيل السابق نحت في الصخر، مثل زاهد قدسي، والكابتن محمد لطيف، وطاهر مبارك، ومحمد صلاح في الجزائر، وفي المغرب سعيد زدوق، والتعليق سابقًا كان أصعب، لأنه لم يكن هناك إنترنت للتحضير والوصول للمعلومات، وقد تعبوا كثيرًا حتى يصلوا بالمعلومة إلى المشاهد، بينما الجيل الحالي محظوظ".
ونفى وجود صراعات بين معلقي "بي إن"، مبينًا أن كل معلق يأخذ حقه بما يتماشى مع تصورات ومنطق الجمهور، والأمور تمشي بالتداول في المباريات الكبرى، ومن يتصور غير ذلك أناني، لافتًا إلى أن المعلقين الشباب باتوا يأخذون فرصة أكبر، وهذا حقهم. وعن تخصصه في التعليق على المباريات الكبيرة فقط، قال: "هذا ليس صحيحًا، والجدول موجود ويمكنك مراجعته، وأنا معلق مرتبط بعقد، وأقبل على كل المباريات بنفس الحماس، والمباريات الكبيرة في الأساس ليست كل أسبوع، وأنا جاهز دائمًا وأحرص على الإبداع في العمل.
وأضاف قائلاً: "أنا كمعلق يجب أن أكون محايدًا بنسبة 100 %، وهذه الحمد لله من الإيجابيات في تعليقي، وعلى مستوى الدوريات أحب كثيرًا التعليق على مباريات الدوري الإنجليزي، بالإضافة إلى دوري أبطال أوروبا. وعن أكبر الفريق العربية، قال: "الأمر يتفاوت، حيث إن عدد السكان في مصر 100 مليون، ويتفوق الأهلي، ومن بعده الزمالك، وفي الجزائر المولودية والشبيبة ووفاق سطيف ووهران، وفي السودان الهلال والمريخ، وفي تونس النجم والصفاقسي والترجي والأفريقي، والهلال والنصر والاتحاد وأهلي جدة في السعودية، والوحدات والفيصلي في الأردن، وفي قطر السد والعربي والريان، وفي الإمارات العين والوحدة والجزيرة والأهلي، وعمومًا نحن نفخر بأنديتنا، ونتمنى لهم التوفيق دائمًا".
وكشف المعلق التونسي عن أنه يحلم بالتعليق على "السوبر كلاسيكو" الأرجنتيني، بين ريفربليت وبوكاجونيورز، ويحلم بالتعليق عليها في "البونبونيرا"، ملعب البوكا، فعلى الرغم من تعليقه على أقوى المباريات، إلا أن لهذا "الكلاسيكو" سحر خاص.
وأضاف الشوالي: "أعتبر عموري اللاعب العربي المهاري رقم 1، كما أرى أن المنتخب الإماراتي من الفرق الممتازة جدًا، فهو في القمة على مدار خمس أو ست سنوات، وبالتالي، كان يستحق الوجود في كأس العالم مع مهدي علي، الذي أتابعه منذ أن كان مدربًا لمنتخب الشباب، وأستمتع بمشاهدة مباريات الأبيض وبكرته الجميلة، وأتمنى التوفيق للمنتخبات العربية في التأهل".
وأكد الشوالي أن المعلقين الشباب يحصلون على الفرص، لكنهم لا يزالون لم يصلوا إلى جماهيرية المعلقين الذين وضعتهم كصف أول، والجمهور الذي يحكم في النهاية. وقال: "إذا كان ميسي ورونالدو يرجحون كفة الفريق، فلا يغير النادي، وعندما يدخل البديل، لا بد أن يكون في نفس الإمكانات، وعلى مستوى المعلقين هناك اختلاف، فالمعلقون الكبار لا يزال لديهم جمهورهم، وبناء على ذلك يكون العرض والطلب، والجمهور لا يزال يحب عصام ورؤوف وحفيظ ويوسف سيف وعلي محمد علي وعلي سعيد الكعبي، وهؤلاء هم المصنفون كمعلقي المباريات الكبرى".
وفي نهاية حديثه، وصف الشوالي بعض الشخصيات كل في جملة واحدة، كالآتي:
يوسف سيف: "معلق تاريخي وإنسان خلوق"
ليو ميسي: "توأم روحي ومن يعطيني الإلهام في التعليق"
محمد أبو تريكة: "جزء من مشواري في التعليق"
كريستيانو رونالدو: "مسيرته ستبقى تاريخية والوجه الثاني لعملة ميسي"
وهبي الخزري: "خسر كثيرًا بعد لقطته في أمم أفريقيا، وباي باي تونس"
هنري كاسبرجاك: "مدرب معقول وليس عبقريًا"
ناصر الخليفي: "شخص ناجح ومتواضع رغم حجمه العالمي"
رؤوف خليف: "عشرة عمر"