المدرب الفرنسي الراحل برونو ميتسو

لا يمكن أن تنسى الجماهير العربية والأفريقية المدرب الفرنسي الراحل برونو ميتسو، وذلك في ظل الإنجازات الرائعة التي حققها في القارتين الآسيوية والأفريقية على حد سواء. الاسم بالكامل برونو لوكا فيليكس ميتسو، ولد في 28 يناير/كانون الثاني 1954، ورحل عن عالمنا في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2013 عن عمر ناهز 59 عاماً بعد صراع استمر لمدة عام مع مرض السرطان.

لم يكن ميتسو من المشاهير في عالم كرة القدم عندما كان لاعباً، رغم أنه لعب لبعض الأندية المعروفة في فرنسا مثل ليل ونيس وفالينسيان، إضافة إلى أندرلخت البلجيكي، وختم مشواره الاحترافي الكروي في ناديي روبيه وبوفيه المغمورين.

واتجه ميتسو إلى التدريب بعد اعتزاله، حيث بدأ مشواره التدريبي من حيث أنهاه كلاعب في نادي بوفيه، وأصبح مساعداً للمدرب، ثم مديراً فنياً، في الفترة من عامي 1988 إلى 1992، وتنقل منذ عام 1992 إلى 1999 بين أندية ليل وفالنسيان وسيدان، وكان عام 2000 نقطة فارقة في حياته.

ففي هذا العام، شدّ ميتسو الرحال، وانتقل إلى خارج فرنسا، وبالتحديد الى دولة غينيا الواقعة في القارة السمراء، حيث قاد منتخبها الأول. لم يستمر ميتسو طويلاً في غينيا، والتقطه مسؤولو الاتحاد السنغالي لكرة القدم من أجل تدريب أسود التيرانجا، ونجح في صناعة جيل جديد من النجوم في السنغال، وقاد الفريق للتأهل إلى نهائيات كأس العالم في كوريا الجنوبية واليابان 2002، وذلك للمرة الأولى والأخيرة في تاريخ السنغال، على حساب منتخبات عريقة في القارة مثل مصر والجزائر اللتين لعبتا في نفس مجموعة السنغال إلى جانب ناميبيا.

وفي المونديال، فجّرت السنغال بقيادة ميتسو كبرى المفاجآت عندما هزمت فرنسا حاملة اللقب بهدف دون رد في مباراة الافتتاح، واستطاع جيل الحاج ضيوف وخليلو فاديجا وهنري كمارا كتابة تاريخ من ذهب للسنغال والقارة الأفريقية، حيث واصلوا مشوارهم إلى دور الثمانية قبل أن يودعوا البطولة أمام تركيا التي حصلت على المركز الثالث في نهاية المطاف.

رحل ميتسو من القارة الأفريقية بعد إنجازه الكبير مع السنغال، واتجه صوب آسيا، وبالتحديد لقيادة نادي "العين" الإماراتي، وذلك بعد المونديال مباشرة، وهناك نجح في تحقيق إنجاز آخر، حيث قاد الفريق العيناوي للتتويج بلقب دوري أبطال آسيا عام 2003 للمرة الأولى والأخيرة أيضاً في تاريخ الأندية الإماراتية حتى اللحظة، وتأمل الجماهير أن يكرر العين الإنجاز السبت المقبل على حساب "تشونبوك" الكوري الجنوبي.

لم يكن مشوار ميتسو مع العين نحو اللقب الآسيوي مفروشاً بالورود، فقد أوقعته القرعة في مجموعة نارية بجانب الهلال السعودي والسد القطري واستقلال طهران الإيراني، وكانت كل الحسابات تشير إلى أن بطل الإمارات سيكون خارج الحسابات، ولكن ميتسو قاد العين لقلب الطاولة وتصدر المجموعة، وتأهل منفرداً إلى الدور قبل النهائي وفقاً لنظام البطولة وقتها.

وفي نصف النهائي تقابل العين مع داليان شيدا الصيني، وفاز في الإمارات 4-2 قبل أن يخسر إياباً 3-4، ليواجه تيروساسانا التايلاندي ويفوز عليه 2-1 بمجموع اللقاءين ويتوج باللقب الغالي. لم تتوقف إنجازات ميتسو في دولة الإمارات عند حدود الأندية، ونجح في قيادة الأبيض للفوز ببطولة كأس الخليج عام 2007. وشهدت مسيرة ميتسو التدريبية قيادة أندية اتحاد جدة السعودي والغرافة القطري، ومنتخب قطر الأول، وكانت النهاية في نادي الوصل الإماراتي.

ومن أشهر الألقاب التي أطلقها الإعلام على ميتسو "الساحر الأبيض"، كما وصفه رفيق دربه الفرنسي كلود لوروا بـ"الأسد"، وقال إنه حارب المرض اللعين كالأسد حتى آخر لحظة من حياته، ورحل ميتسو الذي اعتنق الإسلام وسمّى نفسه كريم ميتسو، في منزله بشمال فرنسا متأثراً بالمرض، ولكنه ترك بصمات لا تُنسى.