نادي العين

مع بدء العد التنازلي لمواجهة العين المرتقبة أمام تشونبوك الكوري الجنوبي في إياب نهائي دوري أبطال آسيا لكرة القدم، يتصدر المشهد العديد من المعطيات والجوانب التي يجب مراعاتها واحتسابها ضمن التفاصيل التي من شأنها أن تحسم اللقاء لصالح الزعيم، ولعل أبرزها التهيئة النفسية، خصوصًا أن هذا المجال لطالما لعب دورًا مهمًا في كسب المواجهات،

وبات علمًا قائمًا بحد ذاته في عالم الرياضة ومؤشرًا للنتيجة النهائية، ومع رصد آراء الفنيين الكرويين والمتخصصين في علم النفس، تمحور الحديث حول هذا الجانب في عدد من النقاط التي يجب التركيز عليها.
  
وطالب الإسباني ميشيل سلغادو، نجم ريال مدريد الإسباني سابقًا، المتوج معه بلقب دوري أبطال أوروبا مرتين، جماهير العين بالتعامل مع الجانب النفسي بالشكل المطلوب منها، وقال: يجب أن يتحول الملعب إلى جحيم للفريق المنافس، الجميع يتابع مباريات ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا مثلًا، ويرى الحماس الجماهيري في مدرجات سنتياغو بيرنابيو، خصوصًا في مواجهات الإياب التي تقام هناك.
وقال" الجماهير تبدأ باستقبال اللاعبين وهم قادمون بالحافلة في شوارع المدينة، وصولًا إلى الملعب الذي يكون ملتهبًا ودائمًا ما يربك المنافسين، وهو ما يجب أن يكون عليه ملعب مواجهة العين، لا يجب أن يكون هناك مشاهدون جالسون فقط، يجب أن يدوي صوتهم، سواءً لإرعاب الفريق المنافس أو تحفيز فريقهم، والتعامل بصورة إيجابية وحماسية على مدار دقائق اللقاء، لبث المزيد من الحافز للاعبين وإدخالهم نفسيًا في أجواء المباراة، والعمل على إخراج المنافس منها، فالمدرجات ليست مكانًا للصمت.

 وأوضح سلغادو، أن التركيز الذهني للفريق يكمن في النظر للمباراة المقبلة بوصفها الأهم خلال مسيرتهم، والرغبة باللعب بغض النظر عن الغيابات أو الحسابات الفنية، حيث الأهم أن يقدم كل لاعب المطلوب منه على أرضية الملعب، والتحرر من الأمور الزائدة ولعب كرة القدم فقط، وقال المباريات النهائية تحسمها الرغبة والتحضير لحصد الفوز، وليست الأفضلية الفنية

دائمًا، هناك مباريات بحاجة لتركيز ذهني أكثر منها فنيًا، وهذه واحدة منها، لكن دون أن ننسى أهمية دراسة مباراة الذهاب، ومعرفة مواضع الخلل وأين حصلت الأخطاء التي جاءت منها أهداف المنافس، للعمل على عدم تكرار الأمر مجددًا، واللعب بخطة جديدة للغاية منها خلط أوراق المنافس، رغم أن كل فريق بات يعرف الآخر بشكل جيد، وجميع مفاتيح التفوق واضحة، ليتحول الحسم بأقدام اللاعبين أنفسهم بعيدًا عن الخطط الفنية، التي سيكون لها تأثير بالطبع.
 
الواقعية
 
وأكد الدكتور موسى عباس، مدير أكاديمية الأهلي لكرة القدم، وصاحب الخبرة الإدارية الطويلة، أن التعامل بواقعية سيكون مفتاح التفوق في هذه المواجهة، وذلك من خلال خوض المباراة بشكل متوازن فنيًا وذهنيًا، دون تهويل بقوة المنافس، لكن أيضًا وفق المعطيات المتاحة التي جعلته يحقق الفوز ذهابًا، بما يجعل التفكير ينصب على مواجهة فريق قوي، وقال المنافس قوي، لكن يمكن التغلب عليه وتحقيق الهدف المطلوب، ورؤية الكأس الآسيوية تزين الخزائن الإماراتية مجددًا، والأهم أن يوجد الذكاء الانفعالي لدى اللاعبين، وهو كيفية التصرف خلال المباراة نفسها، وضبط النفس والتعامل مع مجريات اللقاء، إلى جانب الثقة بالنفس والإيمان بالقدرة على تحقيق الفوز.
وأوضح أن الجهازين الفني والإداري يتحمل جزءًا من التهيئة النفسية، لكن الجزء الأكبر على اللاعبين أنفسهم من خلال التحفيز والرغبة بتحقيق الفوز، حيث أسعدني تصريح عموري، الذي تحدث عن رغبته الجارفة بحصد الكأس، وذكرني بتصريحات مارادونا حينما أخبر المدرب عام 1986، إنه سيحقق كأس العالم، الشخصية مهمة لقيادة المجموعة بأكملها نحو التفوق.
 
وشدد عباس على أنه يجب أن يتم إبعاد اللاعبين عن الضغوطات الزائدة، والعمل على تحفيزهم بما يؤهلهم إلى النزول إلى أرضية الملعب بدافع ورغبة الفوز، وأن تشكل هذه المباراة دافعًا إضافيًا للاعبين من أجل حصد الفوز، خصوصًا أن البطولة الآسيوية باتت تشكل هدفًا للكرة الإماراتية على مدار السنوات الماضية، وأن الهاجس المشترك لكل اللاعبين والجماهير هو الفوز باللقب، بما يجعل التحضير النفسي والذهني جاهزًا لهذه المباراة من ناحية الأهمية، وقال: تبقى حاليًا مسألة الإعداد والتهيئة بالشكل الصحيح للمباراة المقبلة، وأن يتزامن التتويج مع الاحتفالات باليوم الوطني للدولة.
 
تحديد الواجبات
 
وأكد المدرب والخبير البحريني نبيل طه، مدير مركز التدريب والتطوير الرياضي باللجنة الأولمبية البحرينية، أن الأهم للعين في هذه المواجهة تحديد الواجبات على أرضية الملعب، وقال: لا يوجد شك برغبة الفوز، فهي موجودة، وتحديدًا لدى العين الذي يمتلك لاعبين مدركين لأهمية هذه المباراة والنتيجة المطلوبة منهم، لكن الأهم تحديد الأهداف عبر تحديد واجبات كل لاعب في الملعب خلال اللقاء، والمطلوب منه، للقيام بهذا الأمر بتركيز واضح، دون التفات لأي جوانب أخرى.
 
وأكد أن العين يمتلك الخبرة لهذه المواجهات الكبرى، ويتسلح بعاملي الأرض والجمهور، ونتيجة مباراة الذهاب التي تضعه في وضع نفسي إيجابي قبل المباراة، وقال"لاعبي العين ليسوا مبتدئين وقادرين على التعامل مع المباراة، عبر التهيئة الصحيحة المبنية على خطط فنية واضحة المعالم والواجبات والمهام من كل لاعب.
 
ورفض طه فرض أي تغييرات على نمط حياة وتدريبات اللاعبين قبل هذه المواجهة، وقال: يجب أن تتواصل التحضيرات بنفس الجوانب الطبيعية، بالطبع لهذه المباراة خصوصية، لكن لا يجب المغالاة في الأمر أو التقليل منه، يجب أن يواصل اللاعبون ممارسة حياتهم بالشكل المعتاد، لأن الزيادة المفرطة تكون بمثابة النقص أحيانًا، وهو ما يعني التهيئة النفسية بالشكل الإيجابي المعتدل هي المطلوب حاليًا، وليس أية أمور أخرى.
 
وتابع "أسوأ نصحية حاليًا أن يتم فرض أمور جديدة على اللاعبين، أو جعلهم في نمط مختلف، لأن تغيير النمط يتطلب وقتًا للتعامل معه في حياة الإنسان، فيما استمراره بالشكل الحالي أمر جيد للغاية ومطلب مهم.
 
مباريات "قلب الطاولة" عالقة في الذاكرة
تزخر الكرة الأوروبية بالكثير من المواجهات ذات المباراتين لتحديد هوية البطل أو المتأهل في الأدوار الإقصائية التي ما زالت عالقة في الذاكرة، وفيما تعتبر نتيجة الخسارة خارج الديار 1 -2، جيدة نسبيًا، وشهدت نجاح الكثير من الفرق بقلب الأمور، نود التذكير هنا بمباريات كان الأمل فيها شبه معدوم للفريق في مباراة الإياب، لكن التحضير النفسي والتهيئة الصحيحة ساهمت في قلب الأمور لمصلحته، ومن أبرز هذه المواجهات ما حصل في موسم 2003-2004، حينما خسر ديبورتيفو لاكرونيا الإسباني أمام ميلان الإيطالي بنتيجة 4-1 في ميلانو، ورغم أن الفريق الإيطالي كان زاخراً بالنجوم، لكن رغبة ديبورتيفو قلبت الأمور لمصلحته، حينما تفوق في الإياب برباعية نظيفة وتفوق بالمجموع الكلي، كما لم يستسلم موناكو في لقاء الإياب على ملعبه أمام العملاق ريال مدريد عام 2004، وبعد خسارته ذهاب 2 - 4، عاد ليحسم الإياب بنتيجة 3 -1، كما فعل إنتر ميلان الإيطالي هذا الأمر عام 2011، حينما خسر على ملعبه أمام بايرن ميونخ بهدف دون رد، ليعود في الإياب وفي قلب ميونخ ويحقق الفوز بنتيجة 3-2.
 
ونجح ريال مدريد بقلب الأمور أمام فولفسبوج الموسم الماضي، بعد خسارته بهدفين ذهابًا، عاد وتفوق في الإياب بثلاثية نظيفة، وكان أيضًا خسر أمام مونشنغلادباخ الألماني عام 1986، بنتيجة 1-5، ليعود في الإياب ويتفوق في ملعبه برباعية نظيفة.