اللجان القضائية باتحاد الكرة

مع كل موسم، تتحول اللجان القضائية باتحاد الكرة، إلى «لغز» محير، في بعض القضايا الخلافية بين الأندية وبعضها البعض أو اللاعبين والمدربين مع أنديتهم، وتختلف الآراء، ويعلو صوت الجاني والمجني عليه، وتتشعب الفتاوى، التي تؤدي في نهاية المطاف، إلى مط القضايا، التي يستغرق بعضها أشهراً للوصول إلى قرار نهائي بشأنها.

وبحسب "الاتحاد" التي فتحت الملف «الشائك»، في ظل حالة الحيرة التي ضربت الشارع الرياضي، من غموض موقف قضية خميس إسماعيل، لاعب الأهلي وشكوى الشباب في مدى صحة مشاركته من عدمها، حيث إن عدم حسم القضية منذ منتصف يناير المنصرم، وحتى الآن، بسبب التضارب في تحويل ملفها، من لجنة إلى أخرى، وردها من درجة تقاضي إلى أخرى، وتارة في الانضباط، وأخرى في الاستئناف، وثالثة في أوضاع اللاعبين.

شهدت الأيام الماضية، طرح «الاتحاد» لملف اللوائح والقوانين، التي تنظر القضايا العالقة بين الأندية، وحملت «الاتحاد» في آخر عددين، آراءً مؤيدة وأخرى معارضة، وأصواتاً من بعيد، بمقترحات قابلة للتنفيذ، يمكنها أن تؤدي إلى علاج القصور الحادث في بعض اللوائح، أو مواد القوانين، التي تتعلق بقضية دون أخرى

وفي الحلقة الأخيرة اليوم، جاء رد اتحاد الكرة، شافياً ووافياً، على ما أثير من انتقادات مختلفة على مدار اليومين الماضيين، لقضية خميس إسماعيل لاعب الأهلي، وأسباب تعطيل الفصل فيها، وتحديد ما إذا كان تسجيل اللاعب وقيده في صفوف فريقه الجديد، صحيحاً من عدمه، وهو ما حرصنا على مناقشته بـ«صوت هادئ»، بعيداً عن التعصب أو «التشنج»، للخروج بأفكار من شأنها أن تصب في مصلحة تطوير عمل اللجان القضائية للاتحاد، والوقوف على أهم مسببات «التعطيل» في اتخاذ القرار بشكل أو بآخر.

ورغم تقبل اتحاد الكرة، للكثير من الآراء التي طرحت خلال حلقتين سابقتين، ووعود قياداته، بالعمل على دراسة الأجدى منها، وتطبيقه وتحويله إلى واقع، إلا أنه في الوقت نفسه، شدد الاتحاد على أن «الطعن» في شفافية أو نزاهة عمل اللجان القضائية، أمر مرفوض تماماً، ويجب التوقف عنه، وعدم الترويج له في وسائل الإعلام المختلفة، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لأن تلك اللجان «مستقلة»، ولا يجوز للاتحاد أو الأندية أو أي طرف من أطراف اللعبة، التدخل في عملها أو في كيفية دراستها للقضايا واتخاذها قراراً بشأنها.

وهذا هو ما شدد عليه مدير عام اتحاد الكرة علي حمد ، الذي كشف عن عميق امتعاض أعضاء الاتحاد، بتحويل القضايا المنظورة أمام لجان قضائية مستقلة، إلى وسيلة للهجوم على الاتحاد، الذي لا «ناقة له ولا جمل» في أي أزمة مثارة، على حد وصفه.

وكشف عن أن الاتحاد يعمل وفق لوائح وقوانين ونظام أساسي، يرسم سلطات الاتحاد ومجلس إدارته، وجميع لجانه، وقال: التدخل في عمل أي لجنة لا يجوز، خاصة اللجان القضائية التي تعد لجاناً مستقلة بعيدة عن سلطة الاتحاد، لكن في الوقت ذاته، من له صلاحية التدخل أو التعديل على قوانين أو إجراءات تلك اللجان، هي الأندية فقط، وليس الاتحاد.

وأضاف أن ذلك يتم عن طريق تحديد القوانين واللوائح المراد تغييرها أو تعديلها، ومن ثم تطرح بالجمعية العمومية بعد صياغتها، وتوافق الأندية على التعديل المطلوب، ثم يأتي في الأخير دور الاتحاد عبر تنفيذ تلك التعديلات وتحويلها إلى واقع ملموس، وهو ما يعني أن الاتحاد ليس جهة تشريع قوانين، ولكن جهة تنفيذ ومتابعة وتطبيق لتلك القوانين واللوائح.
ورفض حمد الانتقادات، وقال: بعضهم يطعن في كفاءة اللجان القضائية والمنتسبين إليها، وهذا الأمر مرفوض تماماً، وجميع أعضاء اللجان القضائية سواء الانضباط أو الاستئناف أو هيئة تحكيم ولجنة فض منازعات، وجميعهم خبراء ومستشارون متميزون في مجال القانون الرياضي، ولديهم خبرات دولية وقارية وعالمية، ولدينا المستشار منصور لوتاه عضو لجنة الاستئناف بـ«الفيفا»، وهو رئيس لجنة الاستئناف، والمستشار عيسى صالح، عضو لجنة قانونية قارية لسنوات كثيرة، وهو رئيس لجنة فض المنازعات، وهناك المستشار الدكتور يوسف الشريف، رئيساً لهيئة التحكيم، وأحد الخبراء في القانون، كما أن اللجان تضم العديد من الكفاءات القانونية، وأصحاب خبرات قانونية، وجميعهم من أصحاب الاختصاص، وليس كما قال البعض أن اللجان لا تضم ذوي الاختصاص، وهذا كلام مرفوض وغير مقبول أبداً، والطعن فيهم أو في عمل اللجان «خط أحمر»، لا يمكن قبول تجاوزه.

وأضاف: للأسف البعض يسعى لشخصنة الأمور، وتحويل أي قضية تقبل الرأي والرأي الآخر، إلى أشبه بصراع شخصي مع الاتحاد أو بعض أعضائه، وهذه النغمة تزيد المشكلات، وتقلب الرأي العام، وفي النهاية يتضح أن القائل بها لديه أطماع ما، أو مواقف شخصية ما هنا أو هناك، وهذه النوعية من الآراء يجب أن ينبذها الشارع الرياضي، وأن يتم فسح المجال لأصحاب الرأي البناء، حتى ولو كان نقداً، ولكنه هنا للإضافة وليس للهدم.

أبواب مفتوحة

وأشار حمد إلى أن اتحاد الكرة حريص على شفافية عمل جميع لجانه، سواء القضائية أو غيرها، عندما يرفض التدخل في عمل أي لجنة، ما دامت هناك قوانين تنظم هذا العمل ولوائح تحكم في كل الحالات، فلا يتطاول أحد، ويتهم الاتحاد بأي تهمة غير حقيقية.

ولفت حمد إلى أن أبواب اتحاد الكرة مفتوحة أمام الجميع، وقال: أي نادٍ يرى أن هناك غموضاً في أي من اللوائح، فإن أبواب الاتحاد مفتوحة أمام الجميع، ويوسف السركال رئيس مجلس إدارة الاتحاد، دائماً ما يوجه الاهتمام أولاً بأول، بتنقيح وتعديل اللوائح بالتواصل المستمر مع الأندية كافة.

وقال: في الموسمين الماضيين، كنا نمنح الأندية أكثر من 40 يوماً، لتلقي مقترحاتها حول القوانين واللوائح، وما إذا كانت تشكو من لائحة معينة أو إجراء معين يمكن تعديله، بما يسهل على جميع الأطراف، وللأسف كانت الردود تأتي قليلة للغاية، وهذا يدل على أنه لا شكوى حقيقية من اللوائح والقوانين، أو أن الأندية غير مهتمة، وبالتالي لا يجوز الآن أن نسمع عن انتقادات للوائح، بينما في كل موسم نطرق أبواب الأندية نفسها، لمعرفة اعتراضاتها على اللوائح، ونرى تراشقاً إعلامياً، أو استغلال بعض أصحاب المصالح، لوسائل التواصل الاجتماعي، لتوجيه الانتقاد واللوم، ولكن لا يقومون بدورهم الحقيقي في تقديم المقترحات حول أي قانون أو لائحة.

اتهامات مرفوضة

ورداً على الآراء التي ساقتها الأندية، واتهمت بعض اللوائح القضائية بـ«الغموض»، قال: أعتقد أن تلك الأندية نفسها المفترض أن تقوم بتعديل وتنقيح اللوائح قبل إقرارها في الجمعية العمومية، وليس أي طرف آخر، وبالتالي لا يجوز توجيه النقد عبر وسائل الإعلام، ولا تقوم الأندية المنتقدة بدورها في التعديل المطلوب خلال الجمعيات العمومية الماضية.

وفيما يتعلق بمقترح وضع جدول زمني لإنهاء الفصل في أي قضية، بما لا يتجاوز 6 أسابيع، بينما تستغرق قضية ما أكثر من 6 أشهر، بالإضافة لمطالبة بعض الأندية لما يسمى باللجان «المستعجلة» لنظر القضايا المهمة والحاسمة، قال: لدينا سرعة في اتخاذ العديد من القرارات، وفي كل أسبوع يتخذ أكثر من 20 قراراً عبر لجنة الانضباط، وعندما تلجأ الأندية للاستئناف، لا يستغرق نظر القضايا أيضاً فترة أسبوع إلى أسبوعين، وإذا كان هناك تأجيل أو مط للقضايا، يكون بسبب مطالب المحامين الممثلين لأطرافها المتنازعة، سواء بالتأجيل لتقديم مذكرات أو التأجيل للاطلاع على ردود، وهذه الأمور منطقية وطبيعية، وتعكس الشفافية الكبيرة التي تحكم العمل في الاتحاد، أما في هيئة التحكيم أيضاً هناك سقف 8 أسابيع، لا يجوز أن تتجاوزه نظر أي قضية.

وأضاف: أما مسألة القاضي الأوحد، فهي تفتح مزيداً من أبواب النقد على اللجان والاتحاد، لأنه وفي ظل كثرة اللجان ودرجات التقاضي، يخرج البعض علينا بالفتوى بغير علم أو ينتقد عمل اللجان وقوانينها، وختم علي حمد بالتأكيد على قوة ومتانة العلاقة بين الاتحاد والأندية، وهو ما ينعكس تماماً في اجتماعات الجمعيات العمومية الأخيرة، التي تخرج في إطار من الود والعلاقات القوية، مشيراً إلى أن حرص الاتحاد على تلبية مطالب الأندية واضحاً في كل موسم، وقال: الموسم المنصرم شكلنا لجنة سباعية، لمراجعة اللوائح والقوانين بصفتها ممثلة من قيادات قادمة من الأندية نفسها، وقدمت اللجنة أكثر من 13 مقترحاً لتعديل أو تنقيح أو إضافة قوانين، وتمت الموافقة عليها جميعاً، وهو ما يعكس حجم الشفافية التي تدار بها اللعبة.

 


انتقد مشاركتها الشكلية

قاروب يوجّه انتقادات لاذعة للأندية التي اإنتقدت لوائح اللجان القضائية

وجه المستشار عضو اللجنة القانونية بالاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» ماجد قاروب ، انتقادات لاذعة للأندية التي يخرج مسؤولوها لانتقاد لوائح اللجان القضائية باتحاد الكرة، ولفت إلى أن تغييب الحقائق عن الشارع الرياضي، يسهم في إثارة حالة من الاحتقان لا يجب السكوت عنها.

وقال: الأندية السبب في كل ما يحدث، فإذا كان هناك فشل في لوائح، أو تعطل في عمل آليات لجان، حاسبوا الأندية، وفتشوا عن ضعفها، ولا تكيلوا الاتهامات إلى الاتحاد، فأين الجمعية العمومية، وأين دورها في تعديل اللوائح، أو تنقيحها.

وعن وجود انتقادات للوائح رغم ذلك، قال: نعم لوائح اتحاد الكرة، تحتاج إلى «تحسين الصياغة»، والتأكيد على بعض الثوابت، وبكل أسف هذه من المسؤوليات الرئيسية للجمعية العمومية، وليس مجلس إدارة اتحاد الكرة، والأندية تشرع، والاتحاد ينفذ.

وأضاف: يبدو أن الأندية لا تمارس دورها الرقابي الصحيح والسليم على أعمال مجلس الإدارة، وهذا لا يتحمله الاتحاد، بقدر ما تضطلع به الأندية نفسها، لأنها المسؤولة عن ترشيح ممثليها، في الجمعية العمومية، وبالتالي فإن الممارسة صورية، وتتكشف بضعف الممارسة، عند أول اختبار يتمثل في وجود قضية تخص لاعب أو نادٍ، وبالتالي تبرز عندها قضايا ومواضيع وأطروحات، تدلل على ضعف التأهيل المصاحب لضعف اللوائح.

وقال المستشار ماجد قاروب: أن تكون ناجحاً من الناحية الصورية والورقية في وضع اللجان وتشكيلها أمر جيد، ولكن المشكلة تكمن في غياب التأهيل الصحيح لمن يعمل في حقل القانون الرياضي، خاصة بالأندية نفسها، حتى يعدل وينقح المواد، ويعترض عليها ويطلب تعديلها، ناهيك عن عدم إلمام الكثيرين منهم بالمضامين والمبادئ المقصودة في اللوائح، ونجد هذا التأخير في نظر القضايا، ثم التباس المشهد، بسبب عدم الفصل الكافي بين اللجان واختصاصاتها وصلاحياتها، والقضايا وفق أولوياتها، تتقدمها قضايا اللاعبين، ويأتي خلفها مباشرة، الحقوق المالية، ومن ثم أي قرار يؤثر سلباً، على حق النادي في اللاعب، وإشراك لاعبيه في البطولات المختلفة، فإذا لم يكن ذلك واضحاً، فإن اللجان القضائية، في الاتحاد، تعتبر من العناصر السلبية، وليست الإيجابية.

ولفت إلى أن سرعة البت في القضايا والفصل فيها، هو أمر لا يقبل النقاش، ويجب أن تكون هناك آليات تسرع من عمل اللجان بالفعل، بما يحقق مصالح اللاعبين والأندية، فيما يخص التنافس الشريف والعدالة والمساواة، وقال: أرى أن الحاجة ملحة، لبرامج تأهيل وتدريب، لنوعية متخصصة، من أعضاء اللجان القضائية والقانونية، وأيضاً أعضاء الجمعيات العمومية، في الأندية والاتحاد على حد سواء.

وأضاف: لا يجوز أن تستغرق أكبر وأضخم قضية كروية، أسابيع معدودة من البحث والتداول، يحب ألا تتجاوز 4 إلى 6 أسابيع، وإلا أصبحت عديمة الفائدة، وذات أثر سلبي على البطولات والمنافسات، ويحول الأمر إلى عبث غير مطلوب.

ورفض قاروب ما يتردد عن ضرورة اللجوء إلى إطلاق لائحة إجراءات جديدة أو تنقيح للوائح، وقال: الأمر يتطلب أشخاصا ذوي خبرات وقدرة على التعامل مع مختلف الملفات بالسرعة والحسم اللازم والمطلوب، ولذلك من دون رقابة من الجمعية العمومية، وتأهيل للمرشحين لعضوية اللجان القضائية، سوف تتكرر المخالفات والممارسات السلبية، التي تحول اللجان القضائية إلى مكان لضياع الحقوق، وليس حفظها.

وقال: وجود خبراء قانونيين من خارج الاتحاد، أمر مطلوب للغاية، ولابد من تعزيز القدرات الخاصة بأعضاء اللجان، وأن يكون هناك دور أكبر للجنة القانونية للاتحاد، حيال شرحها للوائح والقوانين، وزيادة الوعي الحقوقي لجميع عناصر العملية الرياضية في اتحاد الكرة، خاصة الأندية الرياضية، بل حتى روابط المشجعين والحكام يجب أن يكونوا على دراية بقوانين اللجان القضائية، وهذا مطلب أساسي لا يجب الحياد عنه، والهدف هو الارتقاء بالعمل القانوني والقضائي بالوسط الرياضي بشكل أفضل يتطور مع الأيام، عوضاً عن تكرار القضايا والمشاكل بصورتها السلبية بشكل دائم.

وأضاف: المشكلة في العالم العربي وليس الإمارات فقط، يكمن في ضعف الممارسة القانونية بشكل عام، والتي تؤثر على فكرة التخصص النوعي في الممارسة، ونقصد هنا المتخصص في القانون الرياضي، الذي أصبح عملة نادرة، ولذلك نجد أن الأمر كله كذلك في العالم العربي.

وفيما يتعلق بانتقادات البعض لمجلس إدارة الاتحاد بعدم التدخل في آلية عمل اللجان القضائية، قال: التدخل في عمل اللجان القضائية نقطة شائكة، لأنه لا يجوز، لمجلس الإدارة، والأمانة العامة، التدخل في أعمال اللجان القضائية، وحتى اللجان الأخرى، وعليه أن يتحمل مسؤولية، ترشيحاته لعضوية ورئاسة هذه اللجان، وموقف الاتحاد بعدم التدخل في عمل اللجان القانونية صحيح وسليم للغاية، ولكن يحتاج إلى أن يتم تنشيط وحث اللجان القضائية على العمل ودعمها، وأن يمارس مجلس الإدارة حقه، في التعديل على اللجان، وفق الشروط القانونية المعتمدة من «الفيفا» في النظام الأساسي، والتي يجب أن تمرر من خلال الجمعية العمومية.

وأشار إلى أنه لا توجد عقوبة مباشرة، لتدخل الاتحاد في عمل اللجان القضائية، لكن هذا يعتبر إخلالاً بالالتزامات، يؤدي إلى تجميد اتحاد الكرة، وفق النظام الأساسي، والملامة الكبيرة، ستكون على الجمعية العمومية، التي لم تحاسب مجلس الإدارة إذا كانت هناك تدخلات وقعت بالفعل.