المحكمة الاتحادية العليا

 أعادت المحكمة الاتحادية العليا موظفًا حكوميًا إلى عمله، بعد استغناء الجهة التي يعمل فيها عن خدماته، بسبب إيداعه مصحة للعلاج من الإدمان على المخدرات، وتغيبه عن العمل.وكان الموظف قد أقام دعوى قضائية على جهة عمله (دائرة حكومية)، إثر قرارها إنهاء خدماته، مطالبًا بإلغاء القرار، وإعادته إلى وظيفته، وصرف مستحقاته كاملة.

وأوضح في دعواه إنه عمل لدى المدعى عليها في وظيفة "مسؤول شؤون إدارية" على الدرجة الخامسة، وإنه تغيب عن مباشرة عمله بسبب قضية جزائية، إذ أُودع وحدة متخصصة لعلاج الإدمان، فأصدرت الإدارة قرارها بإنهاء خدماته، نتيجة انقطاعه عن العمل.

وقضت محكمة أول درجة برفض دعواه، وأيدت محكمة الاستئناف الحكم، على سند أن "انقطاع الموظف لم يكن بسبب خارج عن إرادته، وإنما بسبب ارتكابه جرم تعاطي المواد المخدرة، فضلًا عن سجنه، وليس له عذر في عدم إبلاغه جهة عمله بأي وسيلة من الوسائل، ولو عن طريق إدارة السجن، ما يرتب الخطأ في جانبه، خصوصًا أنه لم يتقدم بدليل مقبول على علم الإدارة بملاحقته جزائيًا وتوقيعه".

ولم يرتضِ المدعي بالحكم، فطعن عليه أمام المحكمة الاتحادية العليا.

وذكر في دعواه إن حكم الاستئناف خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، لأن تغيبه عن العمل كان خارجًا عن إرادته، بسبب اتهامه في قضية جزائية، مضيفًا أن الإدارة استعجلت في إصدار قرارها بإنهاء خدماته، دون بيان المدة التي تغيب فيها، وما إذا كان ذلك مقبولًا من عدمه، ومن دون البحث فيما إذا كان ينوي ترك وظيفته وعدم العودة إليها مطلقًا دون عذر مقبول، فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.

وأيدت المحكمة الاتحادية العليا طعن الموظف، موضحة أن "المادة (101/‏‏‏11)، من المرسوم بقانون اتحادي رقم 9 لسنة 2011، في شأن تعديل بعض أحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم 11 لسنة 2008، في شأن الموارد البشرية في الحكومة الاتحادية، تنص على أنه تنتهي خدمة الموظف لأي من الأسباب، ومنها الانقطاع عن العمل دون مبرر مقبول لمدة 10 أيام عمل متصلة أو 20 يومًا منفصلة خلال السنة الواحدة، وتنص المادة (92/‏‏‏5) من قرار مجلس الوزراء رقم 13 لسنة 2010 في شأن اللائحة التنفيذية للمرسوم نفسه، على أنه "لا يجوز أن يوقع على الموظف أي جزاءات إدارية، إلا بعد إجراء تحقيق معه، تتاح له فيه الفرصة المناسبة لسماع أقواله، وتحقيق دفاعه"، بما مؤداه أنه يشترط لإعمال قرينة انقطاع الموظف عن عمله، وتركه له، إجراء تحقيق معه، أو إعلانه بعرض المخالفة المنسوبة إليه على الجهة المنوط بها سلطة التحقيق فيها، وهو إجراء جوهري، تستبين منه جهة الإدارة مدى إصرار الموظف على عزوفه عن عمله وهجره له، ولا يكتسب قرار الإدارة مشروعيته في هذه الحالة إلا إذا ثبت عدم تقديم الموظف العذر الذي منعه من الحضور إلى عمله، أو قدم أسبابًا رفضتها جهة الإدارة.

وأضافت المحكمة أن "حكم الاستئناف خالف هذا النظر، وخالف ما ينص عليه القانون من وجوب إجراء تحقيق خطي مع الموظف المنقطع عن عمله، لما في تخلف هذا الإجراء من صحة القرار الذي تتخذه الإدارة بشأن هجر الموظف لوظيفته".وتصدت المحكمة للحكم في القضية، عملًا بالمادة (184) من قانون الإجراءات المدنية، وقضت ببطلان قرار الإدارة إنهاء خدمات الموظفة على سند بطلان كل جزاء يوقع على الموظف، لم يواجه بالتهمة المنسوبة إليه، ولم تسمع أقواله عنها، ولم يحقق دفاعه فيهما.