أبوظبي – صوت الإمارات
قضت محكمة النقض في أبوظبي بنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف أبوظبي، والقاضي بمعاقبة متهم يحمل جنسية دولة عربية عن جريمة احراز مخدر الحشيش بقصد الاتجار بالسجن المؤبد والابعاد عن الدولة، وبمعاقبته عن جريمة تعاطي مخدر الحشيش بالسجن لمدة سبع سنوات، وبتغريمه مبلغ 100 ألف درهم والابعاد عن الدولة ومصادرة مخدر الحشيش المضبوط بحوزته وسيارته. كما أمرت محكمة النقض بإحالة الدعوى الى محكمة الاستئناف التي اصدرته لنظرها بهيئة مشكلة من قضاة اخرين.
وتعود تفاصيل القضية إلى أن النيابة العامة بدائرة مدينة العين اسندت الى المتهم أنه حاز مادة مخدرة (حشيش) بقصد الاتجار، وتعاطى مادة مخدرة (حشيش) في غير الاحوال المصرح بها قانونا، وطلبت محاكمته طبقا لأحكام الشريعة الاسلامية الغراء وبحسب مواد القانون الاتحادي رقم 14 لسنة 1995 في شان مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية والمعدل بالقانون الاتحادي رقم 1 لسنة 2005.
وقضت محكمة العين الابتدائية حضوريا بمعاقبة المتهم عن جريمة احراز مخدر الحشيش بقصد الاتجار بالسجن المؤبد والابعاد عن الدولة، وبمعاقبته عن جريمة تعاطي مخدر الحشيش بالسجن لمدة سبع سنوات، وبتغريمه مبلغ 100 ألف درهم، والابعاد عن الدولة، ومصادرة مخدر الحشيش المضبوط بحوزته وسيارته.
وطعن المتهم على هذا الحكم بطريق الاستئناف، فقضت محكمة الاستئناف بالعين بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنف الرسم المستحق. واذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى المستأنف طعن عليه بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة ارتأت في نهايتها رفض الطعن.
وينعى دفاع المتهم على الحكم المطعون فيه أن المحكمة عاقبت الطاعن بجريمة حيازة مادة مخدرة بقصد الاتجار على الرغم من انكاره التام لتلك الجريمة وتمسكه بان حيازته للمادة المخدرة كانت لاستهلاكه الشخصي وليست بقصد الاتجار، ولم تراع المحكمة التسبيب السائغ والتدليل الكافي للظروف والملابسات التي ادت بها الى استخلاص توفر قصد الاتجار مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وأشارت محكمة النقض في حكمها إل أن هذا النعي سديد، ذلك انه ولئن كان من المقرر ان احراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها، إلا أن اشتراط ذلك أن يكون استخلاص الحكم لتوافر تلك الواقعة او نفيها سائغا تؤدي اليه ظروف الواقعة وادلتها وقرائن الاحوال فيها.
وكان من المقرر انه وان كان تحدث الحكم استقلالا عن القصد الخاص للإتجار ليس شرطا لازما لصحة الحكم بالإدانة في جريمة حيازة مادة مخدرة بقصد الاتجار، الا أنه إذا نازع المتهم في ذلك او إذا كانت النية محل شك – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فانه يتعين على المحكمة ان تبين هذا القصد صراحة في حكمها وان تورد الدليل على توافره.
ولما كان ذلك وكان البين من الاوراق ان الطاعن انكر قصد الاتجار وتمسك منذ فجر التحقيقات بان المادة المخدرة المضبوطة لديه هي لاستهلاكه الشخصي لآنه مدمن على تعاطي المخدرات وانكر الاتجار فيها ، الا ان الحكم المطعون فيه التفت عن دفاعه بانتفاء قصد الاتجار لديه على سند من القول "أن المستفاد مما اقر به المستأنف بمحاضر الاستدلال وتحقيقات النيابة العامة وما تبين من شهادة الشهود ومن تقارير مختبر الطب الشرعي أنه كان يعلم أن المواد المضبوطة معه والتي قام ببيع اجزاء منها من المواد المخدرة الممنوعة.
وكان هذا الذي اورده الحكم - وان كان يكفي للتدليل على حيازة المادة المخدرة وتعاطيها - فانه لا يكفي بذاته لإثبات قصد الاتجار لدى الطاعن (المتهم).
وأكدت أنه كان واجبا على المحكمة في هذه الصورة التي تختلط فيها نية الاتجار بغيرها، أن تعنى باستجلاء نية الاتجار لدى حائز المادة المخدرة التي يجب ان يتوافر لقيامها قصد خاص وهو أن يكون ملحوظا فيه طرح المخدر للتداول بين الناس وأن يفيض الجوهر المخدر عن حاجة الشخص المتعاطي وعن استعماله الشخصي وان يكون الشخص معتادا على الاتجار ومعروفا بذلك من خلال اسبقياته وبذلك يكون الحكم معيبا بالفساد في الاستدلال مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والاحالة دون حاجة لبحث باقي اوجه الطعن.