صنعاء _صوت الأمارات
يوضح العالم الفلكي عدنان الشوافي، حقيقة وتاريخ ظاهرة القمر الأزرق، من منظور فلكي ولغوي و ديني وثقافي، ويكشف تناقضات مفاهيم القمر الأزرق، ويبرهن أن الدين الإسلامي يعتبر كل قمر شهراً، ويدحض مفهوم القمر الأزرق، ويقول هذة الظاهرة أصبحت شائعة رغم التناقضات والغموض حول المرجعية التاريخية، وأصلها و مفهومها وهناك أكثر من مفهوم لهذة الظاهرة، حسب ما تردده الصحف والمواقع الاعلامية هنا وهناك، في الكثير من البلدان وبعدة لغات، لذلك تناول هذا الموضوع ليس إلا فرقعة إعلامية او عدم إدراك المضمون، فنحن بهذا ليس لننتقد جهة معينة او مجلة مخصصة أو موقع اخباري بقدر ما نريد ان نوضح الحقائق و المرجعية التاريخية، وعلاقتها بشكل مباشر أو غير مباشر بالمعتقدات الدينية .
وكشف العديد من الناشرين أشاروا الى وجود تناقض و غموص حول أصل الظاهرة و إلى عدم وجود مرجعية تاريخية للظاهرة، لذلك حاولنا إيضاح مفهوم القمر الأزرق وبدأنا من منظور فلكي بحت وكيف تكرر الأحداث و العلاقة بين التقويم الهجري و الميلادي ثم اوردنا المفاهيم للظاهرة لغوياً وتسميات القمر الشائعة، حسب الثقافات المختلفة و علاقتها بمنظور الأديان المختلفة وحكم الدين الاسلامي لمفهوم الظاهرة. المفهوم الأول للقمر الأزرق "هو أن نشهد القمر بدرا مرتين في نفس الشهر الميلادي"، قد يكون هذا هو المفهوم الشائع حاليا، وفقا لهذا المفهوم يكون هناك سببين لحدوث الظاهرة الأول هو الفارق بين طول السنة الميلادية عن السنة الهجرية بما يقارب 11 يومًا سنويا بمعنى آخر كل 3 سنوات ميلادية لا بد من زيادة شهر هجري (تحديدا كل 2.714 سنة ميلادية) لان متوسط الشهر الميلادي 30.437 يومًا وهو أكبر من متوسط الشهر الهجري الذي يعادل 29.53 يوم مما يعني عدد مرات حدوث القمر بدرا أكثر من معدل الشهور الميلادية فلا بد وأن تحدث ظاهرة القمر بدرا مرتين في احد الأشهر الميلادية مكونا ما يدعى القمر الأزرق حسب هذا المفهوم، وقد أدركت الحضارات القديمة الفارق بين الهجري و الميلادي بدقة أو ما يدعى بدورة 19 سنة فكل 19 سنة ميلادية تعادل على وجه التقريب الدقيق بالهجري 19 سنة و 7 أشهر (كل 228 شهر ميلادي يساوي تقريبا 235 شهر هجري) وينتج عن ذلك حدوث ظاهرة القمر الازرق 7 مرات كل 19 سنة وتتكر تقريبا نفس الأحداث خلال هذة الدورة وهذة الطريقة دقيقة الى درجة كبيرة جداً على المدى الطويل والفوارق لا تذكر فمثلا متوسط الفرق في الدورة (كل 19 سنة) على المدى الطويل حوالي 1.9 ساعة تقريباً ويوم كل 237 سنة وشهر بعد 7000 سنة، وكنموذج تطبيقي لهذة القاعدة ، فمثلا في 17 مارس 2018 ولد هلال شهر رجب 1439هجرية فبعد 19 سنة حسابياً تكون بتاريخ 17 مارس 2037 سوف يولد هلال في نفس اليوم ويكون هلال شهر صفر 1459هجرية وبعد 19 سنة اخرى حسابياً ويكون بتاريخ 16 مارس/آذار 2056 سوف يولد هلال شهر رمضان 1478 هجرية، ونوضح ان تغير ولادة الهلال من 17 إلى 16 مارس/آذار نتيحة لطريقة إدخال السنوات الميلادية الكبيسة ويأخذ الفارق البسيط لطول الشهر والدورة.
وفقا لدورة 19 سنة تتكرار ظاهرة القمر بدرا مرتين في شهر ميلادي واحد (ما يدعى ظاهرة القمر الأزرق بهذا المفهوم) فلذك خلال 19 سنة المقبلة، سوف تتكرر الظاهرة 7 مرات في التواريخ التالية ((مارس 2018 ، أكتوبر/تشرين أول 2020 ، أغسطس/آب 2023، مايو/أيار 2026 ، ديسمبر/كانون أول 2028 سبتمبر/أيلول 2031 يوليو/تموز 2034 )).
ثم تتكرر هذة الدورة بما تحتوية من 7 ظواهر للقمر بدرا مرتين في شهر ميلادي واحد خلال 19 سنة آخرى قادمة فنلاحظ بداية هذة الدورة في مارس/آذار 2018 فبعد 19 سنة تبدأ في مارس 2037 لتكرر نفس الأحداث وبعد 19 سنة آخرى تتكرر في مارس 2056 و بعد 19 سنة تتكرر الدورة في أبريل 2075 وليس في مارس فهنا نوضح ان الفارق هنا ليس شهرا بل ناتج فارق ساعات بسيط وفارق إدخال عدد الأيام حسب السنوات الكبيسة فالتغير البسيط حتى بفارق دقيقة ممكن ان يزيح الحدث من 31 مارس الى 1 أبريل ولذلك يظهر لنا بفارق شهر، وحسب مراجعتنا التاريخية لهذة الدورة خلال القرن الماضي كان قد بدأ في مارس عام 1904 وازيح إلى أبريل عام 1923، 1942 ، 1961 وعادت للتتزامن مع مارس 1980، 1999 و مارس 2018.
السبب الثاني لحدوث ظاهرة القمر الأزرق بمفهوم حدوث القمر بدرا مرتين في الشهر هو عدم تزامن حدوث القمر بدرا في شهر فبراير لأن طول شهر فبراير 28 أو 29 يوماً وهو اقصر من متوسط الشهر الهجري (الفترة بين بدرين) مما يسمح أحيانا عدم تزامن حدوث القمر بدرا خلال شهر فبراير وهذة الظاهرة ذكرها البعض بمسمى القمر الأسود وهي عدم حدوث القمر بدرا خلال شهر ميلادي، مما يؤدي بالمقابل الى حدوث القمر بدرا مرتين في شهر ميلادي آخر، وهذة الظاهرة عادة تحدث في المتوسط مرة كل عقدين الى ثلاثة عقود من الزمن او كما اشارت بعض المراجع انها تتكرر من 3 إلى 5 مرات كل قرن ، وحسب احصائنا للظاهرة خلال (1900-1999) حدثت أربع مرات خلال السنوات 1915، 1934، 1961، 1999 وسوف يصادف تكرار هذة الظاهرة بنفس المعدل 4 مرات في القرن الحالي (2000-2099) وذلك خلال السنوات التالية 2018، 2037، 2067، 2094. وهذا ما سبب حدوث القمر بدرا مرتين في شهر يناير الماضي 2018 و حسب متابعتنا للدورة خلال قرنين ونوضح انه في حالة عدم حدوث القمر بدرا لشهر فبراير يسبب ذلك حدوث بدرين في شهر سابق او لاحق له خلال مدة من شهر إلى شهرين، ونؤكد أن تكرار القمر بدرا في يناير 2018 (المدعو بالقمر الازرق) هو بسبب عدم حدوث قمر بدرا في فبراير 2018 بينما دورة 19 سنة تجعل القمر الازرق يكون في مارس 2018، وعموما سواء حدثت الظاهرة كنتيجة للسبب الأول او الثاني وبحسب العديد من المراجع التي ترجع اصل ذلك الى سوء فهم جاء في مقالة نشرت في عام 1946، عندما كتب عالم فلكي يدعى جيمس هيو برويت مقالا عن الأقمار الزرقاء لمجلة سكاي آند تلسكوب في ذلك الحين أساء تفسير مقتطفات من طبعة 1937 من تقويم مزرعة مين، أدى ذلك إلى هذا انتشار المفهوم الخطأ للقمر الأزرق. المفهوم الثاني للقمر الازرق "هو ثالث قمر بدرا عند تزامن حدوث القمر بدرا 4 مرات في فصل من فصول السنة" رغم ان الكثير يرجح هذا المفهوم، وفلكيا فاننا نوضخ ان هذا المفهوم كذلك يعد نتيجة لدورة 19 سنة في تكوين الظاهرة فكل 19 سنة فيها 76 فصل والمفترض كل فصل نشهد فيه ثلاث أقمار بدرا باجمالي 228 قمر بينما الحقيقة نشهد 235 القمر بدرا ، الا ان تكرار الظاهرة وفقا لهذا المفهوم أقل من المفهوم السابق وفقا لنقص تاثير السبب الثاني بمعنى عدم حدوث القمر بدرا في فبراير ليس شرط لحدوث الظاهرة، ولكن يظل الاختلاف في توقيت اسقاط الظاهرة بهذا المفهوم على فصول السنة وليس الأشهر لذلك يكون القمر الازرق في ربيع 2019 شمالاً (خريف 2019جنوبا)ً وتحديا في 18 مايو 2019 ولا وجود للظاهرة عام 2018 سواء في شهر يناير أو مارس 2018 حسب ما تداولته وروجت له الكثير من وسائل الاعلام دون إدراك للمفهوم والمضمون، وننوه الى أن جميع تواريخ إسقاطنا للظاهرة ودورتها في المفهوم الأول و الثاني كان بناء على التوقيت العالمي الموحد وليس على دخول التوقيت على منطقة زمنية محدد. المفهوم الثالث للقمر الأزرق وعلاقته باللون الأزرق هو ان القمر الأزرق يرتبط باللون الأزرق حيث يبدو مزرقا وحسب ما ورد عن بعض المراجع ان في حالات نادرة ويظهر القمر مزرقا كما حدث عام 1883 كنتيجة لثوران بركان Krakatao في اندونيسيا و سبب غباره في الغلاف لتبدو الشمس عند الغروب و القمر أزرق / أخضر في معظم أرجاء الكرة الأرضية.، وكذلك ما حدث عام 1927، جاءت الرياح الموسمية الهندية بعد موسم جفاف طويل جداً و كانت كافية لاثارة ما يكفي من الغبار ليبدو القمر مزرقا، و ما حدث عام 1951 عندما أوقدت حرائق غابات ضخمة في غرب كندا وسببت جزيئات الدخان في السماء ظهور القمر في شمال شرق أمريكا الشمالية باللون الأزرق، هذا المفهوم يفتقد اي مضمون فلكي بقدر ما يحاول البعض ربط مسمى الظاهرة باللون وممكن ان تاخذ الكوراث لون آخر كما حدث عام 1883 وكان مزيج بين الأخضر و الأزرق و كذلك مسمى القمر الأخضر ارتبط لدى البعض بخضرة الموسم الزراعي، كما نشير الى ان تغير لون القمر ممكن أثناء الخسوف المسمى خسوف شبه الظل (القمر الدامي) ويعتمد على حالة التلوث في الغلاف الجوي. المفهوم الرابع - القمر الأزرق لغوياً وعلاقته بالثقافات إرتبط لفظ و مفهوم القمر الأزرق لغويا في الانجليزية للدلالة على ندرة الحدوث ويتم تداولها كمصطلاح القمر الازرق، القمر المخادع ولا علاقة للون القمر بالمسمى وانما هو مصطلح للتعبير عن ندرة الحدوث وطول الانقطاع، ولذا بالانجليزية مصطلح "Once in a blue Moon" يطلق على ندرة الحدوث والإنقطاع لفترة طويلة، والبعض ارجع معنى القمر الأزرق الى الاستحالة ويعود ذلك الى إنجلترا في القرون الوسطى كما ذكر عن بارلو ويليام في الكراسات الهرطقية في القرن السادس عشر إشارة ساخرة الى القمر الأزرق ، بينما ارتبط مسمى القمر الأزرق في الثقافات و الأغاني الإنجليزية بالحزن والأغاني الحزينة وفقدان الأمل .
إلا اننا من ناحية لغوية لا نستبعد ان يكون المقصود بالعبارة "blue moon" بمعنى قمر السماء كما سبق ان أوردنا هذا المعنى في مقالات سابقة كمعنى اصطلاحي للعبارة، فكلمة blue في الانجليزية معناها السماء وشائعة الاستخدام ومن العبارات الشائعة في الانجليزية "out of the blue" والتي تستخدم كتعبير شائع عن شيء أتى أو حدث غير متوقع مثل العواصف الرعدية المفاجئة، وخصوصاً بربط هذا المعنى مع ما هو وارد عن تسمية بعض الحضارات القديمة للقمر بدرا في كل شهر ميلادي، وهنا نورد بعض من هذة المسميات المنتشرة هنا وهناك في مختلف الحضارات و الثقافات فمثلاً :- يناير - كانون الثاني
يدعى القمر الذئب منذ القرون الوسطى حسب الأوروبيين و الأمريكيين بسبب عواء الذئاب الجائعة في هذا الشهر لقلة الغذاء في منتصف الشتاء، و البعض كان يسمية قمر الجليد في الشعوب الشمالية للكرة الارضية. فبراير - شباط
يدعى بقمر الثلج بسبب الطقس وسقوط الثلج و هناك أسماء أخرى مثل قمر الجوع. مارس - آذار
يدعى بقمر الدود (القمر الدودة) حسب ما ورد عن الهنود لظهور دودة الأرض في هذا الشهر, وهناك مسميات أخرى، قمر القشرة إشارة إلى الثلوج المتجمدة في الليل. أبريل - نيسان
يدعى القمر الوردي نسبة الى ظهور بعض الزهور البرية التي تتفتح في وقت مبكر. ويدعى لدى البعض بقمر الأسماك و قمر البيض. مايو - أيار
يدعى قمر الزهر (القمر الزهرة) بسبب كثرة الأزهار في هذة الشهر و البعض يسميه قمر الحليب و قمر زراعة الذرة لتزامنه مع بداية الموسم الزراعي. يونيو - حزيران
يدعى قمر الفراولة لحصاد الفراولة في أميركا الشمالية وشعوب أخرى تدعية القمر الساخن لبداية حرارة فصل الصيف. يوليو - تموز
يدعى قمر الرعد وذلك لكثر العواصف الرعدية في هذا الشهر و البعض يدعية بقمر buck ذكرالأيل وذلك لنمو قرونها وكذلك يدعى بقمر القش. أغسطس - آب
يدعى بقمر الحبوب لظهور حبوب الموسم الزراعي في هذا الشهر و يدعى بقمر سمك الحفش في أمريكا الشمالية لوفرة صيد سمك الحفش ويدعى بالقمر الأحمر لان القمر كثيرا ما يبدو خلف الضباب وتنفذ الاشعة الحمراء لطولها الموجي. سبتمبر - أيلول
يدعى بقمر الحصاد و قمر الذرة وقمر الشعير لانه يشير إلى موسم الحصاد و كان المزارعين يحصدون ويجمعون المحاصيل لوقت متاخر من الليل بضوء هذا القمر. أكتوبر- تشرين الأول
يدعى بقمر الصيد وعادة يكون مشرق للغاية ويتيح فرصة الصيد بعد حصاد المحاصيل ويدعيه بعض الشعوب بقمر السفر وقمر موت العشب. نوفمبر - تشرين الثاني
يدعى بقمر الصقيع لهبوب رياح الخريف الباردة وتجمد الطل الصباح الباكر و يدعى بقمر السمور ويرجع البعض ان هذا الاسم أتي من وضع الهنود فخاخ للسمور في هذا الشهر. ديسمبر - كانون الأول
يدعى بقمر الليلة الطويلة والقمر الباردة لطول الليل و برودة الشتاء ويدعى لدى بعض الشعوب بقمر البلوط. لهذا لا نستبعد المقصود إصطلاحا blue moon بمعنى قمر السماء اي أنه لا علاقة له بتسمياتهم للأقمار المرتبطه بوصفا او حدث معين خلال السنة . المفهوم الخامس - مفهوم القمر الازرق وعلاقته بالأديان ظاهرة و مفهوم القمر الأزرق يتفق مع الثقافة الدينية اليهودية و المسيحية و إن اختلف المسمى يبقى نفس المقصود و الدلالة بتهميش بعض الأقمار (الأشهر القمرية) لتكون بعض السنوات 13 شهرا قمريا لأن اليهود يعتمدون طول السنة الشمسية والشهر القمري ليوافق عيد الفصح منصف نيسان / ابريل و كانوا يحرصون ان تبدا السنة في شهر نيسان (ابريل) و عيد الفصح كل عام في فصل الربيع المعتدل لذلك فهم يكبسون بعض السنوات شهرا كاملا في شهر ادار ( آذار/ مارس) وكانوا يطلقون على الشهر الزائد اسم آذار ثاني (أدار بِيت) ويتكرر ذلك في 7 سنوات كبيسة مكونة من 13 شهر هجري كل دورة 19 سنة، وهي مطابقة للمفهوم الأول للقمر الأزرق ومنسجم تماما مع المفهوم الثاني الذي يعتبر المفهوم المتعارف علية، والفارق هو ان اليهود أطلقوا عليه إسم أدار بِيت (آذار ثاني). نفس المفهوم متبع في الديانة المسيحية حيث ظلّ المسيحيون قديما يحتفلون بعيد الفصح المسيحي تزامناً مع عيد الفصح اليهودي لاعتقادهم انه كان أول يوم أحد بعد عيد الفصح اليهودي، وفي عام 325 ميلاديا قام الإمبراطور "قسطنطين" بالدعوةِ لمجمع نيقيا الكنسي وقام الفلكيون بتقريب تواريخ القمر الكامل الفلكي للكنيسة المسيحية لتحديد عيد الفصح يوم الأحد التالي للقمر البدر الكامل الفصحي ( Paschal Full Moon) وأطلقوا عليها تواريخ اكتمال القمر الكنسي وكان تاريخه دائما بعد 20 مارس واستندهم حينها الى التقويم اليوليوسي مما استدعى بعض التعديلات عام 1583، بفارق بسيط بين اليولياني والجريجوري و الفوارق المتبعه في المناطق الشرقية عن الغربية ولكنه بشكل عام يبقى نفس المفهوم ناتج عن الدمج بين القمري والشمسي، فمثلا يكون عيد الفصح هذا العام 2018 يوم الأحد 1 ابريل بعد القمر الكنسي في 31 مارس 2018، والعام القادم سوف يكون بعد 13 قمرا (شهر قمري) ويوافق يوم الأحد 21 أبريل 2019 بعد اكتمال البدر (القمر الكنسي) بتاريخ 19 ابريل 2019. الظاهرة من منظور الدين الاسلامي جاء الدين الاسلامي مبيناً عدد الأشهر بعدد 12 شهر ومحددا عددها منذ خلق الله السموات و الأرض بقوله تعالى :(( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمَُ)) الآية 36 - سورة التوبة، كما حذر من تبديل شهر بآخر او ازاحة المناسك الى شهر آخر ككبس 13 شهر في السنة وما هو متبع عند اليهود كما ذكر في قوله تعالى: (( إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا)) الآية 37 - سورة التوبة، وحدد الأشهر بالهجرية بأسمائها بقوله تعالى: ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ )) الاية 185- سورة البقرة ، وحدد شهر رمضان كجزء من الأشهر الهجرية وربط المناسك الدينية بالاشهر القمرية (الهجرية) مثل الصيام والأعياد والحج ....الخ كما أمرنا في قوله تعالى: ((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَج)) الآية 189 - سورة البقرة.
كما ان المنهج القراني أشار الى دور الشمس في الحساب وتحديد الفترات الزمنية ففي قوله تعالى: ((وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً)) الآية 12- سورة الإسراء، فهنا نرى ربط القرآن مقياس عد السنين والحساب ضمنياً بالشمس/آية النهار وهي أصل تشكل اليوم، كما يحمل ذلك الكثير من الأدلة على حكمة ودقة كلام الحكيم الخبير وهنا فإن استخدام لفظ سنين/جمع سنة مقصودا حساب البشر وطريقة عدهم لدورة الشمس من النجم الى النجم من منظور أرضي، وفلكيا دورة الأرض 360 درجة حول الشمس واعتبار ذلك معيار و مقياس لفترة زمنية محددة للحساب مثل المتر في قياس الطول، ويعتبر ذلك أهم و أدق معيار لقياس طول فترة على المدى الطويل من منظور فلكي للأرض، كما تكمن الدقة الفلكية للنص القرآني بأن طول السنة الشمسية دقيق جدا مقارنة بطول العام الهجري (12 شهر قمري) وبحسب الهيئة الدولية لدوران الأرض والنظم المرجعية (IERS) فان الفارق معدل ثانية بين التوقيت العالمي المنسق والتوقيت الذري الدولي، وتسمى الثانية الكبيسة احيانا تكون سالبة او موجبة اذا ما وجدت كل ستة أشهر، ومراجعتنا لتغير دخول الفصول وفق التقويم الميلادي الجريجوري على المدى الطويل يكون بما يقارب يوم كل 7000 سنة، بينما طول الشهر الهجري غير ثابت ممكن يكون 29 يوم و 20 ساعة و45 دقيقة وممكن ينقص الى 29 يوم و5 ساعات و44 دقيقة ومتوسط طوله 29 يوم و 12 ساعة و44 دقيقة فطوله غير ثابت من شهر الى آخر وطول العام الهجري غير ثابت كمعيار لقياس فترة بشكل دقيق لان الشهر القمري من منظور أرضي يعادل دورة القمر نحو 389 درجة حول الأرض (دورة كاملة للقمر 360 درجة من النجم الى النجم مضاف اليه قوس حركة الأرض المتغير شهريا حول الشمس خلال شهر قمري لتغير سرعة الأرض حول الشمس).
إلا ان النهج القرآني كشف لنا طريقة فلكية أخرى في عد السنين بواسطة القمر كما جاء في قوله تعالى : ((هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ)) الآية 5 سورة يونس ، وهنا نرى حكمة القران الفلكية المتناهية بربط دورة القمر بالمنازل وهي دورة القمر من النجم الى النجم(360درجة) وهي دقيقة جدا كفترة محدد لمقياس طول فترة وإمكانية استخدامها لعد السنين بمنظور أرضي كما هو معهود عن الحضارات اليمنية و العربية بربط متابعة السنة و المعالم الزراعية بقران القمر بمنزلة الثريا/كوكبة الثريا، لما لها من دقة في الربط بين حركة السنة وحركة القمر من النجم الى النجم واسقاط ذلك على التقويم الهجري المجدول، محاولين فهم ديناميكية تأثير القمر على تغير الطقس ، بينما في اداء المناسك والأمور الدينية فهي مرتبطة بالعام الهجري وبحكم قرآني عدها 12 شهر قمري مخالفا للنهج اليهودي ، ليتميز النهج الإسلامي بما يحمله في طياته من حكمة في إيجاد ديناميكية متجددة في اداء المناسك، فصيام رمضان قد يكون هذا العام حارا وطويل النهار شمالا بارد قصير النهار جنوبا وبعد 17 عام يكون العكس، فهناك توزيع إلهي يحمل العدالة و التكافؤ والغاية الفسيولوجية والبيولوجية من المناسك للبشر.
ونشير الى ان النهج القراني إستخدم التقدير على المدى الطويل للعام الهجري وربطها بمجريات خاصة على منطقة لتاثير الشهر القمري أو ربطها بمعيار السنة كما جاء في قوله تعالى: ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا)) الآية 14 سورة العنكبوت ، واستخدم لفظ الحول في التقدير، وتضمن العديد من الحكم الفلكية البحته كقبول طول الشهر القمري ثلاثون يوم أو انتقاص يوم منه فبذلك رغم عدم ثبات طول الشهر الهجري إلا انه لا يرحل الخلل او الفارق التراكمي ولو كان بسيط من عام الى آخر كما هو حاصل على مر التاريخ في التقويم الشمسي مثل القفزة بالتقويم الميلادي- الجريجوري/ الغريغوري 10 يوم عام 1582 عن اليولياني/ الجولياني نتيجة ترحيل خطأ في طول الكبيسة التي ترحل وتتراكم من جيل الى جيل نتيجة فارق في تقدير السنة الميلادية/الشمسية بنحو 11دقيقة و14 ثانية تراكمت خلال اكثر من 1200 عام فنام الناس يوم الخميس 4 أكتوبر استيقظوا اليوم التالي الجمعة لاكنه كان تاريخ 15 أكتوبر 1582 بأمر البابا لمعالجة تحول الاعتدال الربيعي.
وخلاصة فإن الحكم القراني أوضح مواقيت المناسك و الفرائض الدينية وربطها بالشهر القمري والعام طوله 12 شهرا تحت اي مسمى أو لغة أو لهجة او كناية، ويدحض اي مفهوم وأي تبديل للترتيب أو تهميش لشهر قمري/هجري يتعلق بالأمور والمناسك الدينية ويقود الى النَّسِيءُ تحت اي مسمى أزرق أو غيره، فالدحض للمفهوم.